الإثنين 29 ابريل 2024

مشروعات الإسكان القومية.. من العشوائيات إلى المدن الذكية (3)


د. شريف درويش اللبان

مقالات18-3-2024 | 22:21

د. شريف درويش اللبان

نواصل في هذا المقال استعراض رسالة ماجستير تلميذتي الباحثة رؤيات حلمي مطاوع بهجات المدرس المساعد بكلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا التي أعدتها تحت إشرافي عن أهم مشروعات الإسكان القوميَّة التي طُرحت على الساحة في الفترة الأخيرة، ودورها في رسم خارطة جديدة للدولة المصرية.

الرؤية المستقبليَّة للعاصمة الإداريَّة الجديدة:

أن تصبح بوابة أفريقيا وأفضل عاصمة في الشرق الأوسط، وحلقة الوصل الإقليميَّة والعالميَّة في السياسة والاقتصاد والسياحة والثقافة، وعاصمة التراث العالمي، لمختلف جوانب التراث التاريخي والعالمي.

وأن يتمَّ من خلال العاصمة الإدارية تحسين البيئة وزيادة المساحات الخضراء وإنشاء نظام متكامل للنظافة وإنشاء مجموعة من الحدائق العامة وتوفير حديقة محليَّة لكل منطقة, وتوفير مسارات ومناطق مفتوحة للمشاة ومساحات وميادين عامة.

وأن تكون مترابطة اجتماعيًّا ومتصلة من خلال شبكات طرق ذات كفاءة عالية ومواصلات نقل عام، وأن تكون مترابطة تقنياً كأن يتمُّ إنشاء أقطاب تكنولوجيَّة خارج الدائرة المكتظة بالسكان في القاهرة وتجدر الإشارة إلى أنَّ مشروع العاصمة يُعَدُّ مشروعاً تنمويًّا جديداً يهدف إلى خلق بيئة عمل متكاملة وحديثة، وذات بنية أساسيَّة عالية الجودة, وقد تمَّ تقديم هذا المشروع رسمياً ضمن مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري بشرم الشيخ في 13 مارس 2013 بحضور مجموعة من المستثمرين.

دور الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في العاصمة الإدارية

استكمال إنشاء  4 مبان بالحى الحكومى، وإنشاء 246 عمارة سكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وإنشاء أول مدرسة حكومية رسمية للغات بالحى السكنى  " Rالذي تنفذه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على مساحة 1100 فدان ويضم 25 ألف وحدة سكنية على الطراز الحديث وقد قاربت معدلات التنفيذ فيه على الانتهاء حيث تم الانتهاء من تشطيب عدد كبير من العمارات وذلك فى إطار المشاركة المجتمعية ضمن برنامج " مع بعض بنكبر " والذى يهدف إلى توفير مناخ أفضل للتعلم يتوافق مع احتياجات سوق العمل ويوفر الموارد التى تعظم الاستفادة من قدرات الدارسين .

المحور الثاني: مدن المجتمعات العمرانيَّة الجديدة

تقوم الدولة بتنفيذ خطة متكاملة تستهدف إنشاء عدد من المدن الكبرى بأهداف ذات أبعاد عمرانيَّة واقتصاديَّة كبيرة، بحيث تقلل الأزمة السكانيَّة والتكدس السكاني بالمحافظات الكبرى مثل القاهرة والإسكندريَّة والقليوبيَّة وغيرها من ناحيَّة ومن ناحيَّة أخرى توفير فرص عمل للمساهمة في حل أزمة البطالة التي تضرب مصر منذ سنوات، وكذا إنشاء مدن صناعيَّة بتلك المشروعات من أجل خلق فرص جديدة للاستثمار، بما لذلك من عوائد اقتصاديَّة هامة على الدولة.

ويجدر الذكر بأنَّ الرئيس عبد الفتاح السيسى مهتم بكسر مركزيَّة القاهرة، عن طريق إقامة مدن جديدة تستوعب طاقات بشريَّة وهيئات ومؤسسات حكوميَّة أو خاصة، وهو ما يمكن اعتباره إعادة لتشكيل الخارطة الاقتصاديَّة، السياسيَّة، والثقافيَّة، بما يخدم الطموح المصرى.

لذلك تتبنَّى الدولة مخططًا إستراتيجيًا للتنمية العمرانيَّة في مصر، يستهدف زيادة مساحة المناطق المعمورة، وإنشاء التجمعات العمرانيَّة والمدن الحضاريَّة، بهدف تخفيف الازدحام عن المدن القديمة، ومجابهة الزيادة السكانيَّة المطردة، حيث تمَّ الانتهاء من العديد من مشروعات الإسكان والبنية الأساسيَّة والخدمات بمناطق توسعات التجمعات العمرانيَّة.

الأهداف الاستراتيجية للتنمية العمرانيَّة:

زيادة مساحة المعمور بما يتناسب مع توافر الموارد وحجم وتوزيع السكان، ويتناول هذا الهدف تحديد نطاق التنميَّة المكانيَّة التي يمكن لها استيعاب الزيادة السكانيَّة المتوقعة في الأعوام القادمة وينقسم هذا الهدف إلى شقين: الشق الأول: هو تحقيق الاتزان في التوزيع السكاني بالمناطق المعمورة الحاليَّة والمستقبليَّة، والشق الثاني: هو تعظيم عوائد التنمية بالمناطق الجديدة لضمان قدرتها على جذب الزيادة السكانيَّة واحتوائها.

الارتقاء بمستوى جودة البيئة العمرانيَّة، ويختص هذا الهدف برفع مستوى جودة الحيز المعمور الحالي والمستقبلي بالإضافة إلى العمل على معالجة قضايا العمران المتفاقمة والملحةو تعظيم استغلال الموقع الإستراتيجي لمصر إقليميًّا ودوليًّا، ويختص بالسعي نحو تحقيق الاستفادة المُثلى من موقع مصر الجغرافي المتميز نسبة لباقي دول العالم عن طريق زيادة اتصال مصر مع العالم الخارجي والتوسع في المشروعات الإستراتيجيَّة الجاذبة للاستثمارات المحليَّة والأجنبيَّة .

وتعمل الدولة على زيادة المساحة المتاحة للعمران من 6% إلى 12% لاستيعاب الزيادة السنويَّة للسكان حتى عام 2030، وتحفيز النمو الاقتصادى المتسارع من خلال المشروعات التنمويَّة.

مدن المجتمعات العمرانيَّة الجديدة

تُعَدُّ فكرة إنشاء المدن العمرانيَّة الجديدة في مصر بدأت مع مخطط القاهرة الكبرى في عام 1968، ثم إعادة إحيائه في عام 1975 بالتخطيط لمدينة العاشر من رمضان، ومدينة السادات ثم التخطيط لمدينة برج العرب الجديدة كامتداد لمدينة الإسكندريَّة، ومدينة 15 مايو كامتداد لمدينة القاهرة في عام 1977، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 275 لسنة 1978 في شأن تنظيم وزارة التعمير والمجتمعات العمرانيَّة الجديدة كجهة مسئولة عن إنشاء المدن الجديدة بما يتفق وأهداف خطة التنمية الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة للدولة المصريَّة، وفى عام 1979 بدأ التخطيطي لمدينتي 6 أكتوبر والعبور.

كما صدر في نفس العام القانون رقم 59 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانيَّة الجديدة؛ حيث تم بمقتضاه تأسيس هيئة المجتمعات العمرانيَّة الجديدة، وتحديد اختصاصاتها في بحث واقتراح ورسم وتنفيذ ومتابعة خطط وسياسة وبرامج إنشاء المجتمعات العمرانيَّة الجديدة وإدارتها وتشغيلها وتنميتها طبقًا لخطة التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة للدولة في محاولة لإعادة التوازن للعلاقة بين السكان والموارد الاقتصاديَّة على المستويين القومى والإقليمي، ومن ثَمَّ تحقيق جودة الحياة بالمفهوم الشامل.

وقد قامت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانيَّة في مصر بإعداد خريطة التنمية والتعمير في جمهوريَّة مصر العربيَّة حيث تمَّ تحديد أنسب المواقع لإقامة المجتمعات العمرانيَّة الجديدة وأولوياتها من خلال محاور جديدة للتنمية ينشأ عليها عدد من المجتمعات الجديدة تختلف وتتنوع قواعدها الاقتصاديَّة حسب الإمكانيات الطبيعيَّة والاقتصاديَّة لكل منطقة منها، وبحيث يتولَّد فيها فرص عمل.

وتتوزع المدن العمرانيَّة الجديدة التي تمَّ إنشاؤها في مصر خلال العقود الأربعة الماضية بين أربعة أجيال هما ما يلي:

 مدن الجيل الأول ( 8 مدن ) من عام 1977 إلى 1982:

" السادس من أكتوبر - العاشر من رمضان 15 مايو - دمياط الجديدة - برج العرب الجديدة -الصالحيَّة الجديدة - السادات - القرى السياحيَّة".

مدن الجيل الثاني ( 9 مدن ) من عام 1982 إلى 2000 :

"القاهرة الجديدة - الشيخ زايد - بدر - العبور - بني سويف الجديدة  -المنيا الجديدة - النوباريَّة الجديدة - الشروق - شمال خليج السويس".

مدن الجيل الثالث ( 7 مدن ) من عام 2000 إلى 2014

"أسيوط الجديدة - طيبة الجديدة - سوهاج الجديدة - أسوان الجديدة - قنا الجديدة - الفيوم الجديدة - أخميم الجديدة - الأقصر الجديدة".

مدن الجيل الرابع ( 14 مدينة ) من عام 2014 حتى الآن:

العاصمة الإداريَّة الجديدة - العلمين الجديدة - الإسماعيليَّة الجديدة - بورسعيد الجديدة - المنصورة الجديدة - جمصة الجديدة - غرب قنا - ناصر الجديدة - رشيد الجديدة - مدينة الجلالة - رفح الجديدة - العريش الجديدة - توشكى الجديدة - بئر العبد الجديدة - جرجا الجديدة - حدائق العاصمة - حدائق أكتوبر - الإسكندريَّة الجديدة - إسنا الجديدة - نجع حمادي الجديدة - الفشن الجديدة - ملوي الجديدة - رأس الحكمة الجديدة - السويس الجديدة - البرلس الجديدة - السادس من أكتوبر الجديدة - العبور الجديدة.

وتُنفذ الدولة الجيل الرابع على نظام المدن الذكيَّة وهى المدن التي تتفوق في تلبية احتياجات المواطنين في كافة النواحي الحياتيَّة من خلال التقنيَّات التكنولوجيَّة التي توفر الوقت والجهد وتسعى إلى توفير بيئة رقميَّة صديقة للبيئة ومحفزة للتعلم والإبداع تسهم في توفير بيئة مستدامة تعزز الشعور بالسعادة والصحة و تُعَدُّ المدن الذكيَّة إحدى أهم نقاط القوة التي ستؤدي إلى إحداث طفرة كبيرة في قطاعي الاتصالات والعقارات في مصر، وتسعى الحكومة لبناء جميع المدن الجديدة بنظام "المدن الذكيَّة" والذي يحقق التطور التكنولوجي في إطار التحول إلى المجتمع الرقمي الذي يسهل من الخدمات المقدمة للمواطن ولا تكمُن أهميَّة المدن الذكيَّة فقط في التطوير والابتكار والنقلة النوعيَّة في نمط حياة المواطن، بل بدونها ستظهر مشكلة جديدة وهي كيفيَّة إدارة المدن، التي يتزايد عدد سكانها، وتحتاج إلى كمٍّ هائل من الموارد والموظفين لإدارتها.

ونواصل استعراض نتائج هذه الدراسة المهمة الأسبوع القادم بإذن الله.

Dr.Randa
Dr.Radwa