نظم مركز أبوظبي للغة العربية خلوة ثقافية عنوانها "الترجمة: الأدب والتكنولوجيا"، بالتعاون مع كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن، بمشاركة نحو 30 خبيراً وأكاديمياً في الترجمة.
وقال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: "استلهمنا منهج الخلوات من البراعة الإدارية لحكومة دولة الإمارات، ونقلناه إلى مجال الثقافة؛ فأصبحت الخلوات الثقافية التي يُنظمها المركز على محور اللغة العربية، تقليداً معرفياً مهماً حرصنا على تنفيذه في عدد من عواصم العالم الكبرى وسعدنا بثماره الإيجابية".
وأضاف: "يدرك مركز أبوظبي للغة العربية تمام الإدراك أهمية الترجمة في التعريف بثقافات وخصوصيات الشعوب، ويدرك الخصوصية التي يمثلها الأدب بوصفه جسراً يذيب الفكر والثقافة والمعرفة والعلوم والتجارب الإنسانية في مزيج بديع من أساليب الكتابة الإبداعية، لذا سعدنا بأن تكون الخلوة الثقافية التي نظمها المركز هذا العام ضمن فعّاليات معرض لندن الدولي للكتاب بالشراكة مع جامعة لندن، منصةً مثالية لتحفيز النقاش الثقافي النوعي حول أحد أبرز الجهود المبذولة لتحقيق التواصل بين أفراد الأسرة الإنسانية، وهي جهود الترجمة، مع التركيز على ترجمة الآداب التي تشكّل وسيلة لنقل الإرث المعرفي على محامل من الإبداع والجمال".
وسلطت الخلوة الضوء على موضوعات فرعية في مجالات اللغة العربية وصناعة النشر من خلال ثلاث جلسات تناولت الأولى تحدّيات الترجمة الأدبية، فيما ناقشت الجلسة الثانية تحدّيات الترجمة إلى العربية، أما الثالثة فتناولت محور نشر الترجمات العربية كما ناقشت موضوع الترجمة والذكاء الاصطناعي. وفي الجلسة الأولى؛ أوصى المشاركون بضرورة فهم المترجم لحمولات النص الثقافية والمعرفية، بالإضافة إلى إلمامه بخصوصيته المكانية والزمانية والاجتماعية، وشددوا على الابتعاد عن فوضى المصطلح الذي يتمثل في تعدد الترجمة للمصطلح الواحد، والانتباه إلى أن الترجمة للأطفال تحتاج إلى مراعاة البعد اللغوي.
وفي الجلسة الثانية فناقش المشاركون التحديات التي تواجه نشر الترجمات العربية من اللغات الأخرى، والتي تلخصت في التركيز على الترجمة من اللغات الشهيرة مثل الإنجليزية والفرنسية وقلة الترجمات من اللغات الأخرى مثل الصينية والهندية، كما يعاني أغلب المترجمين العرب من تدني الأجور، وغياب آلية موحدة للتفاوض مع دور النشر حول قيمة هذه الأجور. وعدم وجود مساقات "نقد الترجمة" في الجامعات العربية، ما يسبب هجرة المترجمين المحترفين للعمل في قطاعات أخرى، الأمر الذي يفتح الباب أمام الذكاء الاصطناعي ليحل محلهم.
وفي هذا المحور؛ اقترح المشاركون وضع ميثاق عمل للمترجمين العرب، يوحد معايير العقود القانونية للحقوق والأجور ونسب الأرباح. وبناء آلية شفافة لصناديق منح الترجمة وشراء الحقوق، تسهل التعامل معها وتوسع الفرص أمام المترجمين لإثراء المحتوى الثقافي والعلمي في العالم العربي. مع ضرورة وجود مراجعة متخصصة وموثوقة للترجمات إلى العربية قبل النشر، والتنويع في الترجمات عن اللغات الأخرى والتنسيق بين دور النشر العربية المعنية بالترجمة لتجنب التكرار.
أما في جلسة الترجمة والذكاء الاصطناعي فتلخصت التحديات في السمات الجوهرية للغة العربية، وقلة توافر البيانات على شبكة الإنترنت للترجمة الآلية من وإلى اللغة العربية، وأوصى المشاركون في هذه الجلسة بضرورة استثمار مؤسسات الترجمة العربية في الذكاء الاصطناعي لمواجهة تحديات الترجمة الآلية للغة العربية، ودعم تطوير فهم أفضل للعلاقة بين الترجمة البشرية والترجمة الآلية.