الخميس 20 يونيو 2024

مناخوليا..!

مقالات6-6-2024 | 13:30

المرض النفسي لا علاقة له بالجنون، فهناك أمراض نفسية خطيرة وكثيرة قد تصل في ذروتها وعدم علاجها  لهذيان العقل، وقد تصل أيضا بصاحبها للانتحار ومنها أمراض الاكتئاب والوسواس القهري.

ولكن للأسف، فإن الأغلبية أصبحت تعاني من أمراض نفسية في صمت، وربما يصبحو من ضحايا الانتحار قريبًا، بسبب المخاوف من الذهاب لعيادات الطب النفسي، وذلك نتيجة للتشوه الذي تعرض له الطبيب النفسي في أكثر من عمل درامي، بالرغم من أن العيادات النفسية ليست سُبه بل عيادة تعالج من مرض ربما يفتك بصاحبه أكثر من المرض العضوي.

" فالنفسية داء المرض" والمعالج النفسي طبيب مثل طبيب الباطنة وخلافه، وبالرغم من أن المرض النفسي غالبا عرضي ولكنه الأخطر على صاحبه، ولكن مع الأسف الشديد جاءت  الدراما  لتشوه ما تبقي من الظلم المجتمعي للدكتور النفساني، فلم تظهر إلا جوانبه الضعيفة وتظهره بكونه نصاب خائن للقسم وللأمانة، خاصة في الأعمال الكوميدية فكان التشويه بجرعة زائدة لتحقيق مزيدًا من الضحك  خاصة  في الأعمال القديمة التي أساء بعضها للمريض وللطبيب معا  "أنا عندي شعرة ساعة تروح وساعة تيجي". 

وتجلى ظلم الطبيب النفسي في أكثر من عمل، وعلى سبيل المثال وليس الحصر  جاءت شخصية" كركر" فكان الفنان لطفي لبيب نموذجًا للطبيب الاستغلالي، أو كما ظهر الطبيب النفسي النصاب في فيلم " كده رضا" والذي قدمه الفنان خالد الصاوي فكان هو المعالج النفسي الذي يستغل أمراض كل من يذهب لعيادته إما بالحب والزواج أو بالاستيلاء على أموالهم.

وربما يغفل البعض منا، بأن العيادات النفسية لها أدوار عديدة هامة  بخلاف  معالجة الأمراض  النفسية والعصبية، فبعض العيادات النفسية تقوم بعمليات توجيه  وتنمية مهارات لذوي الحالات الخاصة  عندما تكتشف مواهب لدى الأطفال أو مهارات فيبدأ الطبيب بالعمل على نمو تلك المهارة فيخرج من بين أيديهم عباقرة، تخصصات الطبيب النفسي عظيمة وهامة للمجتمع،  ولكن للأسف دائمًا صناع الدراما يقصرون دور الطبيب النفسي في جزئية واحدة في الدراما  وهي "الجنون"، بالرغم من أن هناك أوجه عديدة لعلم النفس مختلفة تمام الاختلاف عن  تلك الصورة التي يراها الجمهور دائمًا.

لذلك، أدعو كافة أطراف القوة الناعمة من أقلام المبدعين وكاميرات المخرجين والفنانين  بتصحيح مسار تقديم الطب النفسي ومحو الشكل السيء للعيادات النفسية  فهي ليست بعنابر للمختلين، ولابد وأن يكون هناك  إقبال على تلك العيادات للتخلص من آفة الأمراض النفسية التي تنال من مجتمعنا بجرائم قاسية، 

فأطباء النفس ليسوا "بمناخوليا" بل  يقومون بأدوار كثيرة هامة منها الإرشاد الزوجي وخاصة بعد حالات الطلاق العديدة، تلك الإرشادات التي يحتاج إليها المقبلين على الزواج لتوجيهم ببعض العادات، وفكرة تقبل اختلاف طبيعة الأخر لجعل الحياة الزوجية مستمرة ومستقرة.

ولنا في الدراما مؤخرًا مثل إيجابي، مسلسل "حالة خاصة" تلك العمل  الذي لم يقدم على تعديل السلوك بل  تعزيز ملكة الذكاء  وهذا النموذج كان مشحا في السينما والدراما.

الطبيب النفسي ليس بساحر ولا دجال كما ظهر في فيلم  الفيل الأزرق،  والذي أظهر  الدكتور يحيى  بأنه دجال "وماشي في  السحر والشعوذة" ، تلك الصورة المشينة التي يتم إظهارها هي صورة ظالمة  لمهنة مهمة أغفلناها فزادت الجرائم وظهرت أجيال مشوهة، بعدما خشى الجميع زيارة الطبيب النفسي وكأنها وصمة عار أو اعتراف منه بالجنون ، لأنها تلك الصورة المبلورة بالسينما والدراما بأن الطبيب مجنون فغاب الوعي وأثرت  الثقافة النفسية على الدولة وزاد الجرم والتوحش، وزاد من الطين بله سفاح التجمع فهو الحاصل على دكتوراه في الطب النفسي وهو قاتل الفتيات بأبشع الطرق ولكنها حالة فردية  ونادرة. 

رجاءًا للمرة الثانية تصحيح مظلمة الطبيب النفسي في الدراما وتخفيف الحبكة الضالة، وهي فكرة جلوس المريض على شيزلونج وتسجيل اعترافاته هذا ليس حقيقيًا، فيجب منع الطبيب التسجيل  للمريض أثناء الجلسة لأن تلك الأشياء  ضد الميثاق الأخلاقي للمهنة، كما أنها تُشعر المريض بعدم بالأمان وكأنه أمام محقق وليس جلسة علاجية، وهذا من حوار خاص مع طبيب نفسي، كما أن الأعراض التي تظهر على الطبيب في الأفلام بأنه منكوش الشعر والحاحب، هي صورة مبالغ فيها حددتها الدراما، ومعظم أطباء النفس لديهم من الوقار عكس ذلك تمامًا، ربما التقمص والمحاكاة تجعل الطبيب متأثرًا بحركة أو لازمة من مريض في أحد الجلسات، فمن الطبيعي وأن تظهر على  بعضهم  بعض الأعراض أو صفات لمريض يتوحدون معها دون قصد.

 نداء لكل واعي ولكل من يعاني من أثر نفسي الطبيب بخير وأنت مش مناخوليا!.