الخميس 27 يونيو 2024

نساء من مصر| سيدة التعليم الأولى .. الوالدة باشا أمينة هانم إلهامي

الوالدة باشا أمينة هانم إلهامي

ثقافة20-6-2024 | 09:34

فاطمة الزهراء حمدي

لعبت المرأة المصرية دورًا رياديًا في المجتمع منذ القدم، بداية من القديم الأزل في عهد الملكات الفرعونية كحتشبسوت وميريت رع ونفرتيتي، وغيرهم، فشاركت في الحروب وفي الحكم.

لم يقتصر دور المرأة على ذلك فهناك الكثير من المفكرات والفيلسوفات والكاتبات المعروفين في وقتنا الحالي، فالمرأة تمثل عمودًا للمجتمع وبها تنهض الأمم، ومن الكاتبات والمؤلفات المشهورين.

"ماتت أم المحسنين وغربت عن مصر"، هكذا نعتها مجلة المصور عندما توفيت صاحبة العصمة وسيدة التعليم الأولي في مصر، عُرفت بعطائها ومساعدتها للفقراء، المحتاجين والمرضى، كانت شديدة العطف لم ترد سائل أو محتاج، ساهمت في إنشاء العديد من الجمعيات الخيرية والمدارس، كما أرسلت بعثات للخارج على نفقاتها الخاصة، إنها الوالدة باشا وأم المحسنين "أمينة هانم إلهامي".

ولدت الأميرة أمينة هانم إلهامي فى 24 مايو 1858، تُعد الابنة الكبرى للأمير إبراهيم إلهامى بن عباس حلمي الأول بن طوسون باشا بن محمد علي باشا، ووالدتها نسرين قدين، برعت في القراءة والكتابة باللغتين العربية والتركية وآداب الدين الإسلامي.

تزوجت الأميرة من الخديو توفيق عام 1873م بقصر القبة، قبل وصوله إلى العرش بحوالي ست سنوات وكانت زوجته الوحيدة، وكان حفل زفافهم شديد الفخامة والرقي، فكانت أفراح الأمراء تسمى بـ "أفراح الأنجال" في ذلك الوقت، حضر الزفاف العديد من الضيوف الأجانب والمصريين أصحاب المقامات الرفيعة، حيث استمرت الاحتفالات لمدة شهر وقدمت فيه الطعام للشعب لمدة أربعة أيام في الأسبوع.

 أنجبت أمينة، من الخديو توفيق، خمس أبناء وهم: الأميرة نازلي، الخديو عباس حلمى الثانى، والأمير محمد علي، الأميرة خديجة والأميرة نعمه الله، توفي توفيق في سن صغير رفضت
أمينة ارتداء المجوهرات بعد موته لحزنها الشديد عليه، فكانت تسانده وتدعمه ولها دور بارز كزوجة للخديو وقت توليه الحكم، من حيث استقبال الزوار لبنات الدبلوماسيين، وحضور المناسبات والحفلات بالأوبرا.

تولت إلهامي تربية أبنائها وحرصت على تعليمهم الفنون الإسلامية والموسيقى والآثار، وأصبحت "الوالدة باشا"، عندما تولى ابنها عباس حلمي حكم مصر وهو ما زال يدرس بالخارج، كانت حريصة على أداء الصلوت هي وابنائها فكانت دائما تتابعهم وتهتم بصلاتهم، وأدت فريضة الحج أكثر من مرة.

لم يقتصر حب المصريين لها فقط أحبها الأتراك وأطلقوا عليها لقب "الوالدة باشا"، كما أهداها السلطان العثماني عبد الحميد القصر الخشبي، تقديرًا لها، وكان يرسل لها وفد مخصوص لاستقبالها عند زيارتها لاسطنبول، تعددت اسهامات الأميرة أمينة الخيرية فلم ترد محتاج وساعدت الكثير من المرضى.

أرسلت الأميرة أمينة هانم إلهامي البعثات للدراسة للخارج على نفقاتها الخاصة، كما أشرفت بنفسها على المدارس التي انشأتها الأميرة بنبا قادن، كما أنشأت المدارس الإلهامية الإبتدائية للبنات، والمدارس الإلهامية الثانوية للبنين، والمدارس الإلهامية الصناعية، والمدارس الالهامية لبعث الطراز الفرعوني والإسلامي في الأثات والزخارف، كما حرصت على مساعدة المحتاجين والمرضي.

توفيت الأميرة أمينة هانم فى 19 يونيو 1931م، في اسطنبول ودفنت بمصر حيث أرسل ابنها محمد علي توفيق ليتم دفنها بمصر، وأعلن الحداد عليها لمدة عشرين يوم، فحزن عليها المصريون بشدة.

نعت مجلة المصور الأميرة النبيلة أمينة هانم إلهامي فكتبت: "ماتت أم المحسنين وغربت عن مصر، طالما كانت أشعتها واسطة الحياة لكثيرين من الفقراء، ماتت أم المحسنين بعد حياة طويلة ضربت فيها المثل فى الجود والسخاء والبر والإحسان".