جمعت مصر فرقاء السودان على طاولة واحدة تضم كافة القوى السياسية والمدنية، والتي أرهقها التناحر والاقتتال في الحرب التي دخلت عامها الثاني، بغية التوصل إلى توافق بينهما عبر حوار وطني سوداني-سوداني، يبنى على رؤية سودانية خالصة، يحظى بدعم دولي أممي.
وأكدت القوى السياسية والمدنية السودانية، على ضرورة الوقف الفوري للحرب، بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات، داعية الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب بأي من أشكال الدعم المباشر وغير المباشر؛ للتوقف عن إشعال المزيد من نيران الحرب في السودان.
وأجمعت القوى -المشاركة في المؤتمر المعقود بالقاهرة- على المحافظة على السودان وطنًا موحدًا، على أسس المواطنة والحقوق المتساوية والدولة المدنية الديمقراطية الفدرالية، مؤكدة على تجنيب المرحلة التأسيسية لما بعد الحرب كل الأسباب التي أدت إلى إفشال الفترات الانتقالية السابقة، وصولًا إلى تأسيس الدولة السودانية.
بدوره، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، على ضرورة تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل، يحقق تطلعات شعب السودان، وينهي الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي يعيشها السودان، بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الأصعدة، السياسية والاجتماعية والإنسانية.
وشدد الرئيس -خلال لقائه وفدًا سودانيًا من المشاركين في مؤتمر- على أن مصر لن تألو جهدًا، ولن تدخر أية محاولة، في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية، ووقف الحرب، وضمان عودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني.
مؤكدًا على ضرورة أن يتضمن الانتقال للمسار السياسي للأزمة، مشاركة كافة الأطراف، وفقًا للمصلحة الوطنية السودانية دون غيرها، وأن يكون شعار "السودان أولًا" هو المحرك لجميع الجهود الوطنية المخلصة، فضلًا عن ضرورة أن ترتكز أية عملية سياسية ذات مصداقية، على احترام مبادئ سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، باعتبارها أساس وحدة وبناء واستقرار السودان وشعبه الشقيق.
الحل نابع من الداخل السوداني
وأجمع خبراء على أن مصر تبذل جهود مكثفة؛ بغية إنها الأزمة السودانية من خلال حوار وطني سوداني-سوداني يضم كافة القوة القوة السياسية والمدنية في المشهد الراهن.
وأكد الخبراء في حديثهم لـ"دار الهلال" على أن مصر تشارك بفاعلية في محاولة إنهاء الصراع الجاري، إلا أنها في الأخير ترى أنه لابد أن يكون الحل نابع من الداخل السوداني.
وفي البداية، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن السودان دولة مهمة جدًا بالنسبة إلى مصر، بصفة أنها من دول الجوار؛ لذلك ما تشهده من تطورات وأحداث يؤثر على الأمن القومي المصري.
وأضاف بدر الدين، إن مصر شديدة الاهتمام بالسودان وما يحدث فيه، حيث تبذل جهود مكثفة لاحتواء الأوضاع والتداعيات التي يعاني منها الشعب السوداني في ظل الحرب الداخلية المتواصلة لأكثر من عام، وما اشتملت عليه من أعمال قتل وتخريب.
وأوضح، أن مصر تبذل جهود حثيثة من أجل احتواء المشهد الراهن، مشيرًا إلى أن وجهة النظر المصرية معروفة، وهي أن يكون الحل نابع من الداخل ومن الأطراف السودانية ذاتها؛ لأن هذا يحول دون تدخلات إقليمية أو دولية في شأن السوداني، متمنيًا أن تثمر تلك الجهود بنتائج إيجابية، مشيرًا إلى أن الأطراف المتواجدة في مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، هو ما أمكن الوصول إليه من أطراف رئيسية.
واختتم أستاذ العلوم السياسية:" أن السياسة المصرية بصفة عامة تعمل على تهدئة وتلطيف الملفات الساخنة في المنطقة وفي دول عربية مختلفة، ولكنها أكثر اهتمامًا بالسودان باعتباره من دول الجوار ويؤثر على الأمن القومي المصري".
في غضون ذلك، قال الدكتورة هبة البشبيشي، خبيرة الشئون الإفريقية، إن مسألة حل الأزمة السودانية لا يقتصر على الدولة المصرية بمفردها؛ لأن بالفعل مصر تريد إنها تلك الحرب، لكن هناك وسطاء إقليميين وتدخلات خارجية من دول كبرى لها ثقل في المنطقة، مما يسهم في إعاقة تلك الجهود المبذولة بشكل أو بآخر.
وفي رأيها "أن مصر تميل إلى جانب رئيس مجلس السيادة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان بصفته ممثل الشرعية السودانية، أما على الجانب الآخر من الصراع فمصر لاتؤيده ولها الكثير من التحفظات عليه"، في إشارة منها إلى قوات الدعم السريع.
وفي تقدير"البشبيشي"، أن المنطقة إقليميًا باتت تتجهز؛ للقبول بنتائج الصراع، التي قاب قوسين أو أدنى من الحسم.
وتعتقد خبيرة الشئون الإفريقية، أن مصر لا تدعم أي شئ خارج نطاق العسكرية السودانية، مضيفة:"غير ذلك أعتقد أن مصر لاتؤيد أي جبهة تستعدي أبناء السودان".
وأردفت، إن مصر تدعم الشرعية السودانية، وهي في الوقت نفسه لا تستطيع السيطرة على باقي الفرقاء؛ لأن هناك من يدعم "البرهان"، وهناك من يدعم الجانب الآخر؛ لذلك لا نستيطع أن نحدد المسار السياسي.
وأضافت البشبيشي، أن بكل تأكيد مصر لها دور كبير في المنطقة ولديها القدرة على إدارة عملية الصراع، أما مسألة حسم الصراع، ومن سيكون المنتصر، فهذا الأمر ليس بأيدينا جميعًا فهو بيد أبناء السودان والقوة الفاعلة.