الأحد 6 اكتوبر 2024

السياسة العالمية تتغير.. صعود اليسار في بريطانيا وفرنسا وتأهب دولي لاحتمال عودة ترامب للبيت الأبيض

الانتخابات التشريعية في بريطانيا

تحقيقات8-7-2024 | 14:09

أماني محمد

تغيرات مفاجئة تشهدها السياسة العالمية، خلال الفترة الراهنة، تجلت ملامحها مع صعود اليسار في فرنسا بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت خلال الجولتين كان آخرهما أمس، أما في بريطانيا فقد أسفرت الانتخابات التشريعية عن فوز حزب العمال بأغلبية مطلقة، والذي يعد من تيار اليسار الوسط في المملكة المتحدة.

وعلى المستوى الأمريكي، فقد برز اسم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مرشحا محتملا للانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقبة في نوفمبر المقبل، ليعود إلى الساحة السياسية مرة أخرى، بعد تراجع شعبية الرئيس الحالي جو بايدن.

الانتخابات التشريعية في بريطانيا

أما في بريطانيا، فقد أسفرت الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم الخميس الماضي، عن صعود حزب العمال، اليساري الوسط، والذي حصل على الأغلبية المطلقة، بنحو 409 مقاعد من أصل 650 مقعدًا، والتي تعد واحدة من كبرى نتائج الحزب منذ عام 1997 عندما فاز رئيس الوزراء الأسبق توني بلير بـ417 مقعدًا.

ليبتعد بهذه النتيجة حزب المحافظين عن الحكم، بعد نحو 14 سنة من الحكم تخللتها لحظات تاريخية في بريطانيا، كان أبرزها الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتوالي عدد من الأزمات عليها آخرها أزمة التضخم، التي تعد الأكبر منذ عقود، ليبدأ رئيس حزب العمال، كير ستارمر فترة حكم جديدة في بريطانيا، يرجح البعض أن هذه الفترة تطوي فترة الخلاف بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي وما شهده حكم المحافظين.

وتشير الترجيحات إلى أن هذه الخطوة سيكون لها تداعياتها، على جانب العلاقات بين الاتحاد الأوروبي، حيث أكد رئيس الوزراء البريطاني الجديد أن التغيير يبدأ الآن، فقال، في تصريحات له عقب فوزه: "لا أعدكم بأن المهمة ستكون سهلة. الأمر لا يقتصر على الضغط على زر لتغيير البلاد بل يتطلب عملا شاقا وصبورا وحازما".

وعن الأزمة الاقتصادية والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، أكد بإنقاذ الاقتصاد البريطاني في ظل ما يعانيه من تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي "البريكست"، لكن دون التطرق إلى مدى إمكانية إعادة النظر في استفتاء عام 2016 الخروج من البريكست أو العودة إلى الاتحاد الأوربي مرة أخرى.

وأدت هذه الخطوة إلى تداعيات كبيرة على الاقتصاد البريطاني، حيث أوضح المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا أنه منذ "بريكست" انخفض حجم الاقتصاد البريطاني بنسبة تتراوح ما بين 2 إلى 3%، مع توقعات أن تصل هذه النسبة إلى 6% بحلول عام 2035.

الانتخابات التشريعية في فرنسا

وفي فرنسا، أجريت الانتخابات التشريعية على مدار جولتين، كانت الأولى الأحد 30 يونيو الماضي، فيما أجريت الجولة الثانية أمس  الأحد 7 يوليو الجاري، والتي كشفت عن مفاجأة بصعود تحالف الجبهة الشعبية الجديد اليساري المؤلف من أحزاب، وذلك بحصوله على 182 مقعداً ليصبح في المركز الأول، ويليه تحالف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "معا"، والذي حصل على 168 مقعدا، في مقابل 250 في يونيو 2022.

فيما حصل تحالف التجمع الوطني على المركز الثالث، بحصوله على 143 مقعداً، وهو عدد تاريخي له من النواب، لكنه يظل بعيدا عن السلطة، رغم حصوله على فاز في الجولة الأولى منها حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.

ومع عدم تحقيق أي كتلة غالبية مطلقة في الجمعية الوطنية الفرنسية، فلا يوجد حزب حقق ما يكفي من المقاعد للحكم، حيث يشترط النظام الفرنسي الحصول على 289 مقعدًا لتحقيق الأغلبية المطلقة في البرلمان الفرنسي، لكن تظهر النتيجة أن اليمين الآن بات بعيدا عن السلطة، وسط تصاعد قوة اليسار.

وما أن أعلنت نتيجة الانتخابات التشريعية في فرنسا، حتى توالت ردود الفعل، حيث أكد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، في تصريحات له أن هزيمة أقصى اليمين في فرنسا أسعدت بلاده، وأنها ستجلب خيبة أمل لروسيا وارتياحا لأوكرانيا، في ظل موقف اليسار المؤيد لدعم أوكرانيا بعكس اتجاه اليمين الذي ظل يعرقل خطط الدعم لكييف في حربها ضد روسيا.

فيما وصفت ألمانيا نتائج الانتخابات الفرنسية بأنها جنبت السيناريو الأسوأ وذلك بخسارة أقصى اليمين، وذلك حسبما أكد مسؤول في الحزب الديموقراطي الاشتراكي الذي يتزعمه المستشار أولاف شولتس.

و رحب رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي، بيدرو سانشيز، بهذه النتائج، ليس في فرنسا وحدها ولكن في المملكة المتحدة أيضا، فقال عبر موقع "إكس" إن البلدين اختارا رفض أقصى اليمين والالتزام الصارم باليسار الاشتراكي، فقال: "هذا الأسبوع، اختارت اثنتان من أكبر الدول في أوروبا المسار نفسه الذي اتّبعته إسبانيا قبل عام".

كذلك اعتبر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، نتائج الانتخابات بأنه "انتصارا ضد التطرف" وتعبر عن نضج القوى السياسية في فرنسا، فقال على منصة إكس: "إنني سعيد جداً بما أظهرته القوى السياسية في فرنسا من عظمة ونضج بعد أن اتحدت ضد التطرف"، مضيفا أن ذلك يعززان أهمية الحوار بين الشرائح التقدُّميّة للدفاع عن الديموقراطية والعدالة الاجتماعية.

عودة ترامب للساحة السياسية

في عام 2016، كان وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض مفاجئا للعالم، لكنه الآن بعد رحيله بات قريبا من العودة مرة أخرى للحكم وصعود الجمهوريين مرة أخرى، مع تراجع شعبية الرئيس الحالي جو بايدن، بعد المناظرة الثنائية التي أجريت بينه وبين ترامب، وهو ما أثار حالة من التأهب على المستوى العالمي، حيث تستعد دول الناتو لهذا التغير والعودة المحتملة للحكم، باجتماعات للقادة للبحث كيفية للتعامل مع الأمر.

ومن أبرز التخوفات العالمية بشأن عودة ترامب إلى الحكم، هو ما قد يتخذه من قرارات للتعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة مع تصريحاته السابقة بأنه يمكنه وقف الحرب في أوكرانيا خلال يوم واحد إذا ما أعيد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يثير تخوف الرئيس الأوكراني زيلينسكي، حيث قال في تصريحات سابقة أنه يعرف أسلوب إحلال السلام في أوكرانيا بأنه "مثير للخوف".

وعلى مستوى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، يعقد زعماء الحلف اجتماعات متواصلة في بروكسل، حسبما أفادت تقارير إعلامية دولية، ومنها ما نشرته صحيفة بوليتيكو، وذلك لوضع خطة لتأمين الدعم العسكري طويل الأمد لأوكرانيا حتى لا تتمكن إدارة ترامب المحتملة من الوقوف في الطريق.

ولم تتوقف هذه الاجتماعات على حدود دول الناتو، فالأمر يجري داخل واشنطن ذاتها وكذلك في عدة دول بالعالم، في ظل توجهات ترامب المعروفة بمواجهته القوية للصين وكذلك تهديده بالانسحاب من الناتو حال عودته إلى البيت الأبيض.

وفي فبراير الماضي، قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أمام تجمع انتخابي له أنه في حال عودته إلى البيت الأبيض قد يشجع روسيا على مهاجمة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي التي لا تفي بالتزاماتها المالية.