الأربعاء 17 يوليو 2024

كمال عيد.. الأستاذ المعلم وصانع النهضة المسرحية الحديثة

دكتور كمال عيد

ثقافة14-7-2024 | 03:41

همت مصطفى

كان وسيظل الأستاذ الدكتور والعالم الجليل وهو المخرج المسرحي الكبير كمال الدين عيد، أحد رموز الإبداع الفني وأحد رواد النهضة المسرحية الحديثة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فهو  أثرى الحياة الفنية والثقافية  بصفة عامة، والمسرحية بصفة خاصة في الوطن العربي، بالكثير من إبداعاته وإنتاجه الفني والأدبي، مؤلفا ومترجما ومخرجا حتىظل رغم رحيله عن عالما نجمل لافي سماء  المسرح المصري والعربي.

بداية الرحلة

ولد دكتور كمال الدين عيد، عام 1931م، وتخرج في المعهد العالي للتمثيل عام 1952م،  وبدأ حياته العملية بالعمل كمفتش للمسرح المدرسي بالإسكندرية عام 1955، ثم انتقل للعمل كمفتش للمسارح والملاهي بمصلحة الفنون، وأرسل في بعثة دراسية إلى دولة المجر، ليحصل على بكالوريوس أكاديمية الفنون المسرحية عام 1962م، ثم حصل على درجة الماجستير في الآداب الدرامية من جامعة «بودابست» عام 1970م .

 

حصل كمال عيد على درجة الدكتوراه في فلسفة الآداب الدرامية من أكاديمية العلوم المجرية عام 1974م، وبعد عودته عين مخرجًا بالمؤسسة المصرية للمسرح والموسيقى، ثم عين وكيلًا للمعهد العالي للفنون المسرحية.

إثراء الفن المسرحي

 

قدم كمال عيد مساهمات بارزة وقيمة ومهمة في إثراء مسيرة الفن المسرحي بعدة دول عربية شقيقة، سواء عن طريق التدريس بالجامعات والمعاهد الفنية، أوعن طريق تأسيس بعض الفرق والإشراف على التدريب العملي لأعضائها وإخراج بعض عروضها، بالإضافة إلى تأسيسه لقسم الفنون المسرحية بجامعة بابل.

من أعمدة النقد المسرحي 

ويعد كمال عيد أحد أعمدة النقد المسرحي وتدريسه، أثرى المكتبة العربية بالعديد من الكتب والأبحاث والمقالات، ما بين التأليف والترجمة، أصبح أغلبها مراجع هامة لكل دارس ومتذوق لفنون المسرح، وتناولت مؤلفاته جوانب متخصصة في علوم المسرح، منها: «المسرح الاشتراكي»، «المخرج المسرحي»، «المفاهيم السيكولوجية في مسرح الطفل»، «أعلام ومصطلحات المسرح الأوروبي»، «دراسات في الأدب والمسرح»، «زوايا جديدة في الدراما»، «المعمل المسرحي»، «سينوغرافيا المسرح عبر العصور».

وألف كمال عيد أيضًا: «ومناهج عالمية في الإخراج المسرحي»، «قضية الأوبرا بين التقليدية والتجديدية»، «اتجاهات في الفنون المسرحية المعاصرة»، «أعلام ومصطلحات المسرح الأوروبي»، «علم الجمال المسرحي»، «علم الدراما شيء وعلم الدراماتورجيا شيء آخر»، وغيرها الكثير.

 أحد رموز الإبداع الفني 

و يمثل  كمال عيد أحد رموز الإبداع الفني في مصر وخارجها، وأحد رواد النهضة المسرحية الحديثة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فقد وضع مع زملائه المبدعين من المسرحيين، منهم «كرم مطاوع، سعد أردش، جلال الشرقاوي، كمال ياسين، سمير العصفوري»، وغيرهم من شباب المسرح المصري آنذاك، البنات الأولى للنهضة، مستفيدين من دراساتهم في الخارج ومتسلحين بإيمانهم بدور المسرح في تطوير المجتمع.

مخرجا متميزا في المسرح المصري

أخرج كمال عيد الكثير من المسرحيات، وكانت بداية مسيرته الفنية من خلال المسرح، حيث قام بإخراج مسرحية «ثم تشرق الشمس» عام 1962، ومن أبرز مسرحياته: «سهرة مع تشيكوف»، «شفيقة ومتولي»، «الضفادع»، «طبول في الليل»، «مشهد من الجسر»، «أهلا فأر السبتية»، «الأستاذ»، بالإضافة إلى عروض مسرحية أخرى قدمت بالثقافة الجماهيرية.

 

وانتقل كمال عيد للعمل في السينما في الثمانينات من القرن الماضي، حيث كانت أول أعماله فيلم «وقيدت ضد مجهول» عام 1981 كمدير تصوير، ثم فيلم «الخط الساخن» عام 1986، ومن أشهر أعماله أيضًا «موعد مع الذئاب، جواز مع سبق اﻹصرار»، وسافر إلى المملكة العربية السعودية في التسعينيات، حيث شارك بتدريس العلوم المسرحية بجامعة الملك سعود بمدينة الرياض، قبل أن يعود إلى مصر عام 2001 م، واستقر بها كأستاذ  للنقد المسرحي في العديد من الأكاديميات والمعاهد الفنية بمصر.

حصاد وثمار  الرحلة

حصل كمال الدين عيد على العديد من الجوائز والتكريمات، منها: تكريم المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عام 2016، باعتباره أحد رواد المسرح المصري، جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2018

رحيل وأثر باق 

وللعالم الجليل والأستاذ كمال الدين عيد، أحد أيقونات القوى الناعمة والمسرح المصري في تاريخ مصر الحديث، تلاميذ كثيرون بامتداد مختلف دول الوطن العربي، فقد قام بالتدريس في أغلب معاهد الدول العربية للفنون، وأشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في المعاهد والجامعات العربية المختلفة، وهو من سيبقى أثره رغم رحيله عنا في هذه الحياة بفنه وعلمه الزاخر الذي تركه بيننا.

ورغم أننا نشهد اليوم اذكرى الثانية لرحيل  الأستاذ والمعلم  وصانع  صانع النهضة المسرحية الحديثة  حيث غيبه الموت صباح يوم 14 يوليو 2022، لكنه سيظل باقيا في ذاكرة المسرح المصري والعربي وفي ذاكرة طلابه.