يعد ثروت أباظة واحدًا من الكتاب الروائيين المصريين المعروفين في النصف الثاني من القرن العشرين، ولد في القاهرة عام 1926 وتوفي في عام 2002، وقد ترك بصمة واضحة في الأدب العربي بأعماله الروائية والقصصية، كان لأسلوبه الأدبي البسيط والمعبر عن الحياة اليومية تأثير كبير في الأدب العربي المعاصر، مما جعله واحدًا من الأصوات المهمة في الأدب الروائي العربي.
في سبتمبر 1981، أجرت مجلة "الهلال" حوار خاص مع الكاتب الكبير ثروت أباظة، وكان الحوار على هامش احتفالية رابطة الأدب الحديث، ونادي القصيدة، وجماعة أبوللو الجديدة في نادي التحرير، وذلك احتفالا بتكريمه في عيد ميلاده الرابع والخمسين، وبمناسبة إهدائه الرئاسة الشرقية لرابطة الأدب الحديث.. أعدّ الحوار موريس عزيز.
إلى نص الحوار:
متى بدأت الاشتغال بالأدب، ولماذا تركت المحاماة؟
بدأت اشتغالي بالأدب منذ عام 1943 وكان عمري 16 عاما، وأول إنتاج نشر لي بمجلة الثقافة، وقد تركت مهنة المحاماة لأني شعرت أني كمحام في المحكمة لا بأس بي، ولكني لست محاميا ناجحًا في مفاوضة الموكلين.
وقد طلب مني المرحوم فكري أباظة أن أعمل بمجلة "المصور"، وطلب مني أيضًا أن أنقل اسمي من جدول نقابة المحامين إلى جدول نقابة الصحفيين، وكان هذا قضاء مبرما على عملي بالمحاماة.
هل كان لممارسة والدك الأدب أثر في حياتك؟
طبعا، كل الأثر.. فلا شك أن الاتجاه الأساسي للقراءة وتنمية الموهبة، المرجع الأول فيها إلى أبي.. وبيتنا كان لا يخلو من الأدباء والشعراء، هذا إلى جانب ذوقه الرفيع الذي لا أرى له مثيلا حتى الآن وهو من الذين يعتبرون من الرعيل الأول من الكتاب السياسيين، حتى كان عمي فكرى أباظة رحمه الله يردد دائما أنه أخذ منه أسلوبه الذي اشتهر به.
من هم الكتاب الذين تأثرت بهم وإلى أي مدرسة قصصية تنتسب؟
تأثرت بكل من كتب قبلي في الشرق والغرب، وقبل هؤلاء تأثرت بالقرآن الكريم وأمدني الكتاب الأعظم بثروة لغوية.. أكملها لي شوقي، وعزيز أباظة. أما التأثر الأسلوبي فاعتقد أن عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين هو أهم من تأثرت به، والتأثر الروائي يرجع الفضل فيه إلى أستاذ جيلنا نجيب محفوظ .
ما هو الكتاب العربي الذي لا ينساه الأديب ثروت أباظة؟
كتاب حياة محمد للدكتور حسين هيكل.
ما رأيك في مستقبل الأدب العربي؟
هو مستقبل الأدب في العالم كله، وهو تحول الفن الأدبي من فن مقروء إلى فن مشاهد.. وأنا أرجو من الشباب أن يدرك هذه الحقيقة وأن يحاول أن يدخل هذا الميدان دخولا أديبا ولا يشعر بالحرج، ولعل الشباب حين يعرف أن جان بول سارتر ألف ثلاث قطع مباشرة للسينما ونشرها في الكتب عندما لم تظهر في السينما.
هل الأدباء الشباب على حق عندما يقولون أن الأدباء الكبار مسئولون من حرمانهم من فرص الظهور وانتشار انتاجهم ؟
لي مقال سيظهر ربما قبل أو بعد هذا الحديث، ودعني أعيد السؤال إلى القائلين بهذا الرأي هل الأذن وعاء يمتلئ فلا يقبل مزيدا وهل العين إناء لا يقبل أن تضيف إليه.. إذا وجد القارئ، عند الشباب ما يقرأه، فيترك الكبار، أو يقرأ لكليهما.. ثم دعني أسألك مرة أخرى هل المطلوب من الكبار أن يصمتوا، وإن صمتوا فهل يرتاح الشباب إلى هذا؟ وهل من العدل أن تطلب من صاحب كلمة أن يحبسها وهو يستطيع أن ينقلها.. أنا أرجو قبل هذه الأسئلة التي ترد إلينا كثيرا أن يحدد للكبار ما يريد أن يفعلوا...
ما رأيك في قضية الفصحى والعامية، وهل تؤمن بكتابة المسرحية العصرية باللغة الدارجة ؟
الكتاب المقروء لا يكتب إلا بالعربية، فإن الذي يتعلم القراءة والكتابة فإنه لا يتعلمها إلا بالعربية. وقد حصلت التجربة وباءت بفشل شدید فلم تذكر.. والمسرحية التاريخية ينبغي أن تكون بالعربية لأنها حينئذ تكون أكثر إقناعا للمشاهد، والمسرحية المترجمة يجب أن تكون بالعربية، لأنها ما دامت قد نقلت عن لغتها الأصلية فاللغة الجديدة هي اللغة الأصل.
ما هو رأيك في انحسار القصة والرواية وهجرة بعض الكتاب للخارج؟
لم يهاجر إلى الخارج قصاص واحد، وأتحدى.. لأن القصاص والروائي مصرى بطبيعته، ولا يستطيع أن يعيش خارج بلده، والقصة والرواية لم تنحسرا ولكن القراء هم الذين انحسروا..
هل المرأة في مصر أثر في حياة كتابنا ومفكرينا؟
المرأة في مصر والعالم أثر في حياة كل إنسان وخاصة الأدباء والمفكرين...
في حديث لكم بالإذاعة قلتم عن رواية "خيوط السماء"، بأنها مميزة ومبتكرة، فما هو الابتكار والميزة في هذه الرواية؟
هي محاولة لاعتبار الرواية ملكا للأدب العربي يعاملها كفن ثابت من أصوله، أما مدى نجاحي في هده المحاولة فأمر متروك للقراء عندما تكون الرواية من أيديهم وهي في سبيل الظهور..
ما هو العمل الأدبي الجديد الذي تقوم به الآن..
بارك الله في مجلس الشورى، والقسم الأدبي بالأهرام، والدكتور عبد العزيز شرف، فقد منعني هؤلاء جميعا أن أكتب سطرا واحدا في رواية بدأتها في العام الماضي.. وأنا أترقب سفري للخارج في شهر أكتوبر لأكمل الرواية..