الخميس 1 اغسطس 2024

قصة نجاح خالدة.. كيف نجحت مصر في القضاء على فيروس سي؟

الرئيس السيسي يتسلم شهادة القضاء على فيروس سي

تحقيقات28-7-2024 | 15:37

محمود غانم

يوافق اليوم الـ28 يوليو، اليوم العالمي لالتهاب الكبد، ذلك المرض الذي يسبب العديد من المشاكل الصحية، التي قد تؤدي إلى الوفاة فيما بعد، لذلك يستهدف هذا اليوم  تعزيز الجهود الوطنية والدولية المبذولة لمكافحة هذا المرض الفيروسي.

وأظهرت مصر قيادة عظيمة في مكافحة التهاب الكبد الوبائي، في الوقت الذي تعتبر فيه قارة أفريقيا موطنًا كبيرًا لهذا الداء، كما ذكرت منظمة الصحة العالمية، في إشادة منها بما أحدثته الدول المصرية في سبيل القضاء على هذا المرض الوخيم.

وفي أكتوبر الماضي، أصبحت مصر أول دولة تبلغ "المستوى الذهبي" على مسار القضاء على التهاب الكبد C، وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، مما يعني أن مصر قد أوفت بالمتطلبات البرمجية التي تؤدي إلى خفض حالات العدوى والوفيات الجديدة الناجمة عن التهاب الكبد C إلى المستويات التي تؤهلها للقضاء على الوباء.

 وتشير بيانات المنظمة العالمية إلى أن مصر قد شخصت 87% من المتعايشين مع التهاب الكبد C، وقدمت العلاج "الشافي" إلى 93% من الأشخاص المشخصين به، وهو ما يتجاوز الغايات المحددة للمستوى الذهبي للمنظمة، وهي تشخيص 80% على أقل تقدير من المتعايشين مع التهاب الكبد C، وتوفير العلاج لما لا يقل عن 70% من الأشخاص المصابين.

وقد نجحت مصر في الانتقال من بلد يملك أحد أعلى معدلات الإصابة بالتهاب الكبد C في العالم إلى بلد يملك أحد أقل المعدلات من خلال خفض معدل انتشار المرض من 10% إلى 0.38% في مدة تزيد قليلًا على عقد من الزمان، وفق المصدر ذاته.

القضاء على التهاب الكبد  

في عام 2015 بلغ معدل الإصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي بي (للفئة العمرية من 1–59 عامًا) 1% ومعدل الإصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي سي 4.4%، كلما زاد السن ترتفع معدلات انتشار الفيروس ففي العام 2008 في الفئة العمرية من 55 إلى 59 عام بلغت نسبة الانتشار 27.4% وفي العام 2015 بلغت النسبة 22.3%.يقدر عدد المصابين بمرض الالتهاب الكبدي الفيروسي B حوالي 800,000 شخص، ويقدر عدد المصابين بمرض الالتهاب الكبدي الفيروسي C حوالي 3.6 مليون  شخص.

وبناء على ذلك، تواصلت مصر مع الشركات العالمية المنتجة لدواء فيروس سي، للحصول على الدواء بسعر مخفض، وصل إلى 1% من ثمنه الأصلي أي يصل الدواء للمريض بـ 10 آلاف جنية بدلًا من مليون جنيه، ومن ثم تم التواصل مع شركات الأدوية المصرية، للبدء في إنتاج أدوية مصرية مماثلة لهذا الدواء الأجنبي لعلاج فيروس سي، وتم تنفيذ أدوية مصرية لها نفس الكفاءة والأمان، مما ساهم في خفض سعر دواء فيروس سي مرة أخرى من 10 آلاف جنيه إلى أقل من 1500 جنيه، وبالتالي أصبح علاج فيروس سي متاحًا، لجميع المصابين بفيروس سي الذي تم ترددهم على جميع المراكز التي تم إنشاؤها في جميع المحافظات المصرية.

وفي 2016 جرى علاج 600 ألف شخص بالأدوية المصرية المنتجة محليًا، ووصل عدد من تم علاجهم على مدار السنوات الماضية إلى 2 مليون شخص ممن يعلمون أن لديهم إصابة بالفيروس، ولكن من خلال الأبحاث  تبين وجود حوالي 2 إلى 3 ملايين شخص مازالوا مصابين بالفيروس، ولا يعلمون بإصابتهم، وهي مشكلة لأن عدم علاجهم يؤدي إلى مضاعفات تصل إلى حالة متأخرة ويصعب علاجهم،  كما أن عدم علمهم بإصابتهم بفيروس سي، يجعلهم أكبر مصدر لنقل فيروس سي للآخرين، ما يمثل عائقًا في الوصول إلى المعدلات العالمية للقضاء على فيروس سي التي تحددها منظمة الصحة العالمية، وفق ما أوردته الهيئة العامة للإستعلامات.

وجهت تلك المشكلة بفحص نصف مليون مواطن يوميًا في جميع الأماكن، في الفترة ما بين أكتوبر 2018، وحتى أبريل 2019، وفي حال ثبوت الإصابة يتم تحويل المريض للوحدة المعالجة الأقرب لسكنه بميعاد محدد، لتلقى العلاج لمدة 3 أشهر وتصل نسبه الشفاء إلى 95% من هذه الأدوية الحديثة، وجميع الفحوصات تتم بالمجان.

وفي هذه الفترة، جرى فحص 60 مليون شخص مصري، بجوار إدخال نتائجهم على المنظومة الصحية، وبذلك أصبحت تتوافر معلومات عن كل شخص أكثر من 18 سنة، هل مصابون بمرض مزمن أخر أو بفيروس سي أم لا، وتحديد أن المصابين منهم تم علاجهم مباشرة.

وبفضل ذلك، انخفضت نسبة انتشار فيروس سي بنسبة أقل من 5%، بعدما كانت تصل إلى 22%، وبذلك تم الوصول للمعدل المطلوب التي كانت تستهدفه منظمة الصحة العالمية في 2030، ولكنه تحقق سريعًا في 2020.

 وتعليقًا على ذلك، قال الدكتور تيدروس أدحانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "إن المسيرة التي قطعتها مصر، من بلد يملك أحد أعلى معدلات العدوى بالتهاب الكبد C في العالم إلى بلد حقق مسار القضاء على المرض في أقل من 10 سنوات، هي مسيرة مذهلة، وهذا أقل ما توصف به، لقد قدمت مصر للعالم نموذجًا يحتذى به فيما يمكن تحقيقه عند الأخذ بأحدث الأدوات، وتوفير الالتزام السياسي على أعلى المستويات باستخدام تلك الأدوات للوقاية من العدوى وإنقاذ الأرواح"، مضيفًا:" حري بنجاح مصر أن يبث في نفوسنا الأمل والحافز للقضاء على التهاب الكبد C في كل مكان".