السبت 10 اغسطس 2024

ثورة البراق.. أول انتفاضة فلسطينية ضد محاولات تهويد القدس

ثورة البراق

تحقيقات9-8-2024 | 15:34

محمود غانم

كان ولايزال حائط "البراق" جزء من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف، إلا أن اليهود لطالما أرادوا تغيير تلك الحقيقة الخالدة عن طريق مجموعة من الخطوات تستهدف تهويد القدس، بزعم أنها آخر ما تبقى من هيكل سليمان.

ويوافق اليوم الـ9 أغسطس، ذكرى "ثورة البراق" الـ95، أول انتفاضة فلسطينية على محاولة تهويد القدس في عهد الانتداب البريطاني، نتج عنها تأكيد الحق للمسلمين في الحائط بحكم أممي.

 ثورة البراق

مع سقوط الخلافة الإسلامية عشرينات القرن الماضي، بذل اليهود جهود حثيثة بغية تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، ولكنها لقت مقاومة باسلة من المسلمين دفاعًا عن الحرم القدسي الشريف.

ومنذ القدم، كان الحائط وما جاوره جزء من الحرم القدسي، إلا أن اليهود وبعد محاولات متكررة، استطاعوا أن ينتزعوا من الحكم العثماني، فرمانًا يبيح لهم الصلاة عنده، وإقامة شعائرهم أمامه، شريطة عدم الإخلال بالوضع القائم، واستفزاز مشاعر غيرهم من الطوائف التي تسكن المكان.

وبرغم من ذلك، لم يتخذ اليهود الحائط مكانًا للعبادة، إلا بعد صدور وعد بلفور العام 1917، وبالنسبة للمسلمين يكتسب الحائط قداسته كونه حائط "البراق"، الذي ربط فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دباته ليلة الإسراء والمعراج، في حين يزعم اليهود أنه تبقى من هيكل سليمان، الذي يهوي إليه فؤاد اليهودي منذ أن دمر الرومان الهيكل عام 70.

كانت أولى المحاولات اليهودية في هذا الصدد، عام 1928، حين جلبوا معدات احتفالهم بيوم الغفران، ووضعوا ستارًا يفصل الرجال عن النساء ونفخوا في الأبواق، الأمر الذي أثار حفيظة المسلمين وهواجسهم ومخاوفهم، واعتبروا ذلك مجرد مقدمة لاستملاك اليهود للمسجد الأقصى، فألفوا "جمعية حراس المسجد الأقصى" وقرروا الدفاع عن مكانهم المقدس.

عاود اليهود محاولاتهم، في أغسطس 1929، وهو ما قوبل بغضب عارم من المسلمين، دفعهم إلي تحطيم منضدة لليهود كانت على الرصيف، وأحرقوا قصاصات كتبت عليها نذور وتمنيات وضعت في ثقوب الجدار.

وعلى وقع ذلك، وقعت اشتباكات بين الطرفين، استشهد فيها العشرات من المسلمين، وقتل فيها عدد كبير من اليهود، واتسعت حتى شاركت فيها عدد من المدن الفلسطينية، وعلى إثر ذلك جرى تشكيل لجنة دولية لتحديد حقوق المسلمين واليهود في حائط البراق، التي وضعت بدورها تقريرًا قدمته إلى عصبة الأمم المتحدة أيدت فيه حق المسلمين الذي لا شبهة فيه بملكية حائط البراق.

 المحاولات مستمرة

ولم تتوقف المحاولات الدؤوبة من "تل أبيب" ليس لتهويد الأقصى فحسب، بل المدينة بأكملها أيضًا، خصوصًا منذ احتلالها منذ عام 1967، وذلك عبر بناء المستعمرات وتوسيعها، والاستيلاء على منازل الفلسطينيين أو هدمها بحجج واهية، والاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك، والاعتداءات على المصلين، في خرق واضح لاتفاق "الوضع القائم"، والذي ينص على بقاء الوضع في المدينة على ما كان عليه قبيل احتلالها.

ووصل الحال اليوم إلى أن المستوطنين يقتحمون المسجد بشكل يومي، وفي السنوات العشر الأخيرة، بدأوا بأداء صلوات علنية صامتة أثناء اقتحاماتهم، وصولًا إلى أداء طقوس تلمودية، ورفع علم دولة الاحتلال داخله.

وعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية، تزايدت دعوات جماعات الهيكل، لنحر القرابين بالمسجد الأقصى، تزامنًا مع عيد الفصح اليهودي، لإكمال دورة العبادات التوراتية، التي لا تؤدى إلا داخله وفق اعتقادهم، وبتحقيق ذلك يصبح المسجد هيكلًا من الناحية المعنوية، وينتقلون من التأسيس المعنوي إلى المادي، عن طريق اقتطاع أجزاء من الأقصى.