الجمعة 23 اغسطس 2024

مبدعات حول العالم| نازك الملائكة.. هل كانت أول من كتبت الشعر الحر؟

نازك الملائكة

ثقافة23-8-2024 | 11:11

فاطمة الزهراء حمدي

عُرفت المرأة بشجاعتها وقوتها وتحديها للصعاب، فحظيت بمكانة رفيعة، ولا يخلو مجتمع من نساء ناضلن وكافحن، وأخريات عالمات وكاتبات ومناضلات، بنبوغهن وذكائهن استطعن أن يحفرن أسمائهن في التاريخ، ويحققن المساواة مع الرجال، في العمل والتعليم والكفاح، فبفضل بطولتهن وإنجازتهن أصبحن خير مثال يُحتذى به، لكفاح المرأة في الحياة والنضال.

كنور ساطع، رسخت اسمها بوضوح لتستكمل المسيرة التي تركتها أسرتها، ففي أسرة جمعت بين الثقافة والشعر، ظهرت الشاعرة الثائرة لتصبح إحدى رواد كتابة الشعر الحر، فيرحل الشعراء والأدباء ويبقى إرثرهم الحقيقي من العلم والثقافة والشعر، فهكذا فعلت نازك الملائكة التي تُحل اليوم ذكرى مولدها، فقد خلفت العديد من الأعمال الشعرية والمؤلفات التي كانت وستظل عالقة في أذهاننا ونفوسنا.

ولدت نازك الملائكة في 23 أغسطس 1923م، في بغداد بالعراق، كانت تنتمي لأسرة مثقفة، فوالدها هو صادق الملائكة الذي ترك العديد من المؤلفات أهمها موسوعة "دائرة معارف الناس" في عشرين مجلدًا، أما والدتها فهي سلمى الملائكة كانت تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو "أم نزار الملائكة"، وبفضل تلك الأسرة استطاعت أن تفتح أفاق واسعة لنازك، بالإضافة لجهود والدتها لتحببها في الشعر، واهتمامها بتحفيظها الأوزان الشعرية المشهورة، ناهيك عن جدتها لأمها فكانت شاعرة والبعض من عائلتها.

أطلق عليها والدها اسم "نازك"، تيمنًا بالعام الذي قادت فيه نازك العابد الثائرة السورية، الثوار السوريين لمواجهة جيش الاحتلال الفرنسي وقتها، بدأت "الملائكة" كتابة الشعر وهى فى العاشرة من عمرها، وأتمت دراستها الثانوية ثم التحقت بدار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944.

تخرجت "الملائكة" من معهد الفنون الجميلة قسم موسيقى في عام 1949م، وحصلت على الماجستير في الأدب المقارن في عام 1959 من أمريكا، درست نازك اللغة العربية ثم اللغات اللاتينية والإنجليزية والفرنسية في الولايات المتحدة الأمريكية، عملت في التدريس في العديد من الجامعات منها جامعة بغداد ثم جامعة البصرة فكانت مُدرسة للأدب العربى ثم جامعة الكويت عملت مدرسة للأدب المقارن.

استكملت "الملائكة" رحلتها، فسافرت إلى لبنان لتلتقي بزوجها الدكتور عبد الهادى محبوبة، عادت إلى العراق عام 1964 بعد موكثها في الخارج عده سنوات، لتُساهم مع زوجها فى تأسيس جامعة البصرة، وعُيّنت رئيسة لقسم اللغة العربية فى كلية الآداب، وبعدها بأربع سنوات انتقلت إلى العمل فى جامعة بغداد.

تميزت "نازك الملائكة" بمؤلفاتها ومجموعتها الشعرية وأبرزهم قصيدة "الكوليرا"، التي يعتبرها البعض من أوائل الشعر الحر في الأدب العربي الحديث، فكتبتها في وقت متقارب جدًا للشاعر بدر شاكر السياب وزميلين لهما هما الشاعران شاذل طاقة وعبد الوهاب البياتي، اللذان وصفوا برواد الشعر الحديث في العراق، فأدى ذلك لحدوث صراع طويل بين الشعراء حول من بدأ كتابة الشعر الحر أو الحديث.

تركت "الملائكة" العديد من أعمالها الشعرية ومنها: عاشقة الليل، شظايا ورماد، قرارة الموجة، شجرة القمر، يغير ألوانه البحر، مأساة الحياة وأغنية الإنسان، الصلاة والثورة، وغيرها من الأعمال الشعرية والكتب النقدية، كما لها مجموعة قصصية صدرت لها في القاهرة عام 1997م، بعنوان «الشمس التي وراء القمة».

بالإضافة لمؤلفاتها فلها العديد ومنها: قضايا الشعر المعاصر، التجزيئية في المجتمع العربي وهي دراسة في علم الاجتماع، سايكولوجية الشعر، الصومعة والشرفة الحمراء، مآخذ اجتماعية على حياة المرأة العربية.

عاشت نازك الملائكة في القاهرة في عزلة اختيارية، ورحلت عن عالمنا في 20 يونيو 2007 عن عمر ناهز 83 عامًا، أثر إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية ودفنت في مقبرة خاصة للعائلة غرب القاهرة، رحلت نازك الملائكة وتركت إرثرًا ثقافيًا سيظل محفورًا في نفوسنا.