بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، في شن عملية عسكرية في الضفة الغربية وصفت بأنها "الأكبر" منذ عقدين تستهدف مقاومين في جنين وطولكرم وطوباس، حيث اجتاحت قوات عسكرية كبيرة كافة مناطق ومدن ومخيمات شمال الضفة الغربية من عدة محاور، وسط تحذيرات من القوى السياسية الفلسطينية من تحقيق مخطط إسرائيلي يستهدف ضم الضفة الغربية، ما يعني تصفية القضية الفلسطينية.

 

 العدوان على الضفة الغربية

أفادت صحيفة "إسرائيل اليوم"، بأن الهدف الأساسي للعملية هو التصدي للتهديد المتزايد الذي تشكله العبوات الناسفة المرتجلة ويتوقع المسؤولون أن تستمر العملية لعدة أيام.

وأوضحت الصحيفة، أن هذه العملية أكبر انتشار لشرطة حرس الحدود منذ بداية الصراع، حيث تعمل أربع كتائب من شرطة حرس الحدود جنبًا إلى جنب مع وحدات سرية في جنين ونور شمس.

وأردفت:"حجم القوات المشاركة في هذه العملية غير مسبوق في نشاط واحد لشرطة الحدود في المنطقة منذ بدء القتال"، مؤكدة أن الحملة هي الأكبر من نوعها منذ قرابة عقدين.

ويساند ذلك النشاط في شمال الضفة الغربية دعم جوي كبير، سواء لقوات الحماية أو للضربات التي تنفذها المروحيات الهجومية والطائرات المسيرة ضد أهداف وصفت بـ"المعادية"، وقام مئات الجنود بمداهمة مخيمي جنين ونور شمس للاجئين، ما أدى إلى حصار المنطقة، بحسب المصدر ذاته.

وفي غضون ذلك، قال الهلال الأحمر الفلسطيني، إن 11 شهيدًا سقطوا في اجتياح قوات الاحتلال شمالي الضفة الغربية الذي بدأ فجر اليوم.

وحول تفاصيل أكثر، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية(وفا)، بأن قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت مدينة جنين من حاجز الجلمة العسكري، وتمركزت في محيط مستشفيي جنين الحكومي، وابن سينا، وسط اندلاع مواجهات عنيفة، ما أسفر عن استشهاد شابين، وإصابة آخرين بجروح، وفي الوقت ذاته، استهدفت مسيرة للاحتلال، مركبة بين قريتي صير ومسلية جنوب جنين، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة شبان كانوا بداخلها.

وفي طوباس، استشهد أربعة فلسطينيين، وأصيب آخرون، فجرًا، جراء قصف نفذته طائرة مسيرة للاحتلال على مخيم الفارعة، جنوبي المدينة، وفق المصدر ذاته، الذي أشار إلى أن في طولكرم، اقتحمت قوات الاحتلال المدينة من محورها الغربي، وانتشرت في أحيائها وتحديدًا شارع نابلس ودوار اكتابا وحي الرشيد في ضاحية ذنابة، وجبل النصر على مدخل مخيم نور شمس شرقًا.

وبالتوازي، نشرت قوات الاحتلال فرق المشاة والقناصة في الأحراش والمزارع المحيطة بالمخيم، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع، وفي الوقت نفسه، حاصرت مستشفيي الإسراء التخصصي في الحي الغربي، والشهيد ثابت الحكومي، وأعاقت حركة تنقل مركبات الاسعاف، واحتجزت أحدها امام المستشفى الحكومي، وفتشتها، وفقًا لـ"وفا".

 

 الاستيلاء على الضفة

واعتبرت حركة حماس تلك العملية "محاولة لتنفيذ مخططات حكومة المتطرفين الصهاينة التي عبر عنها وزراؤها الفاشيون، وتوسيع حرب الإبادة الوحشية القائمة في قطاع غزة، لتشمل مدن وبلدات ومخيمات الضفة"، وفق قوله.

وقالت حماس، إن هذا التصعيد يأتي نتيجة طبيعية للصمت الدولي المريب عن انتهاكاتها الصارخة لكافة القوانين الدولية واستهدافها المتعمد للمدنيين العزل بقصد الإبادة والتهجير.

ودعت الشعب الفلسطيني ومقاوميه في كافة مناطق الضفة للنفير العام وتصعيد كافة أشكال المقاومة والتصدي للاحتلال ومستوطنيه في كل مكان من "أرضنا المحتلة".

من جهتها، رأت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن اجتياح قوات الاحتلال شمال الضفة الغربية مقدمة لبسط سيطرتها وتنفيذ مخطط التهجير القسري ومواصلة حرب الإبادة المفتوحة.

وشددت المنظمات الأهلية على أن عدوان الاحتلال على شمال الضفة هو في الحقيقة مخطط يستهدف فصل المحافظات في الضفة الغربية عن بعضها، وتقسيم الأراضي الفلسطينية ضمن مخطط الحسم الذي أطلقه وزير المالية الإسرائيلي سموتيريتش، لخلق واقع جديد في الضفة الغربية، لإحكام قبضة الاحتلال فيها، وخلق بيئة طاردة للسكان للرحيل عن أرضهم ووطنهم طوعًا أو قسرًا.

وفي يونيو الماضي، أكد الوزير الإسرائيلي المشار إليه، صحة تسجيل صوتي حصلت عليه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية يتحدث فيه عن "خطة سرية" لضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وإجهاض أي محاولة لتصبح جزءً من الدولة الفلسطينية.

 

 

 أوامر إخلاء

وطالبت قوات الاحتلال المواطنين في مخيم نور شمس شرق طولكرم، بمغادرته خلال أربع ساعات، طبقًا لـ"وفا"، حيث أقام نقطة عسكرية في حارة "المسلخ" لتفتيشهم، قبل المغادرة. 

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد صرح في وقت سابق من اليوم، بأن الجيش الإسرائيلي يعمل بقوة اعتبارًا من الليلة الماضية في جنين وطولكرم لإحباط وتدمير بنى تحتية معادية تعمل بإيحاء من إيران، وفق قوله.

وأضاف: "علينا أن نعالج هذا التهديد كما قمنا بمعالجته في غزة، بما في ذلك إجلاء مؤقت لسكان بتلك المناطق وكل إجراء ضروري آخر".

 

 

المقاومة تشتبك مع قوات الاحتلال

قالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إن مقاتليها وباقي فصائل المقاومة يخوضون اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال في جنين.

فيما قالت كتيبة طولكرم، التابعة لسرايا القدس، إنها فجرت جرافة عسكرية للاحتلال بزرع عبوة ناسفة في مخيم نور شمس، موضحة أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية في محور المنشية.

وأردفت كتيبة طولكرم، إنها استهدفت قناصة إسرائيليين في منزل بمخيم نور شمس بالرصاص، مشيرة إلى تحقيق إصابات، كما فجرت عبوتين في آليات الاحتلال بمحور المسلخ بالمنطقة ذاتها.

في حين أكدت كتيبة طوباس، التابعة لسرايا القدس أيضًا، أن مقاتليها يتصدون للاحتلال في محاور القتال بمخيم الفارعة، وخاصة في محور بيروت.

ووسع جيش الاحتلال الإسرائيلي، والمستوطنون هجماتهم على الضفة الغربية، منذ السابع من أكتوبر الماضي، ما أسفر عن استشهاد ما يزيد عن 652 فلسطينيًا، إضافة إلى إصابة نحو 5400 آخرين.

وإجمالًا، ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ نحو 11 شهرًا، إلى 40.534 شهيدًا، إضافة إلى إصابة 93.778 آخرين، ولا تشمل هذه الإحصائية نحو 10 آلاف تحت الأنقاض عجزت أطقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم.