تُعد قصيدة «تَجَهَّز طالَ في النَصَبِ الثَواءُ» للشاعر بشار بن برد، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «بشار بن برد» كأحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «تَجَهَّز طالَ في النَصَبِ الثَواءُ».
وتعتبر قصيدة «تَجَهَّز طالَ في النَصَبِ الثَواءُ»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 31 بيتًا، تميز شعره بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
وإليكم القصيدة:
تَجَهَّز طالَ في النَصَبِ الثَواءُ
وَمُنتَظَرُ الثَقيلِ عَلَيَّ داءُ
تَرَكتُ رِياضَةَ النَوكى قَديماً
فَإِنَّ رِياضَةَ النَوكى عَياءُ
إِذا ما سامَني الخُلَطاءُ خَسفاً
أَبَيتُ وَرُبَّما نَفَعَ الإِباءُ
وَإِغضائي عَلى البَزلاءِ وَهنٌ
وَوَجهُ سَبيلِها رَحبٌ فَضاءُ
قَضَيتُ لُبانَةً وَنَسَأتُ أُخرى
وَلِلحاجاتِ وَردٌ وَاِنقِضاءُ
عَلى عَينَي أَبي أَيّوبَ مِنّي
غِطاءٌ سَوفَ يَنكَشِفُ الغِطاءُ
جَفاني إِذ نَزَلتُ عَلَيهِ ضَيفاً
وَلِلضَيفِ الكَرامَةُ وَالحِباءُ
غَداً يَتَعَلَّمُ الفَجفاجُ أَنّي
أَسودُ إِذا غَضِبتُ وَلا أُساءُ
نَأَت سَلمى وَشَطَّ بِها التَنائي
وَقامَت دونَها حَكَمٌ وَحاءُ
وَأَقعَدَني عَنِ الغُرِّ الغَواني
وَقَد نادَيتُ لَو سُمِعَ النِداءُ
وَصِيَّةُ مَن أَراهُ عَلَيَّ رَبّاً
وَعَهدٌ لا يَنامُ بِهِ الوَفاءُ
هَجَرتُ الآنِساتِ وَهُنَّ عِندي
كَماءِ العَينِ فَقدُهُما سَواءُ
وَقَد عَرَّضنَ لي وَاللَهُ دوني
أَعوذُ بِهِ إِذا عَرَضَ البَلاءُ
وَلَولا القائِمُ المَهديُّ فينا
حَلَبتُ لَهُنَّ ما وَسِعَ الإِناءُ
وَيَوماً بِالجُدَيدِ وَفَيتُ عَهداً
وَلَيسَ لِعَهدِ جارِيَةٍ بَقاءُ
فَقُل لِلغانِياتِ يَقِرنَ إِنّي
وَقَرتُ وَحانَ مِن غَزَلي اِنتِهاءُ
نَهاني مالِكُ الأَملاكِ عَنها
فَثابَ الحِلمُ وَاِنقَطَعَ العَناءُ
وَكَم مِن هاجِرٍ لِفَتاةِ قَومٍ
وَبَينَهُما إِذا اِلتَقَيا صَفاءُ
وَغَضّات الشَبابِ مِنَ العَذارى
عَلَيهنَّ السُموطُ لَها إِباءُ
إِذا نَبَحَ العِدى فَلَهُنَّ وُدّي
وَتَربِيتي وَلِلكَلبِ العُواءُ
لَهَوتُ بِهِنَّ إِذ مَلَقي أَنيقٌ
يَصِرنَ لَهُ وَإِذ نَسَمي شِفاءُ
وَأَطبَقَ حُبُّهُنَّ عَلى فُؤادي
كَما اِنطَبَقَت عَلى الأَرضِ السَماءُ
فَلَمّا أَن دُعيتُ أَصَبتُ رُشدِي
وَأَسفَرَ عَنِّيَ الداءُ العَياءُ
عَلى الغَزَلى سَلامُ اللَهِ مِنّي
وَإِن صَنَعَ الخَليفَةُ ما يَشاءُ
فَهَذا حينَ تُبتُ مِنَ الجَواري
وَمِن راحٍ بِهِ مِسكٌ وَماءُ
وَإِن أَكُ قَد صَحَوتُ فَرُبَّ يَومٍ
يَهُزُّ الكَأسُ رَأسي وَالغِناءُ
أَروحُ عَلى المَعازِفِ أَربَخيّا
وَتَسقيني بِريقَتِها النِساءُ
وَما فارَقتُ مِن سَرَفٍ وَلَكِن
طَغى طَرَبي وَمالَ بِيَ الفَتاءُ
أَوانَ يَقولُ مُسلِمَةُ ابنُ قَيسٍ
وَلَيسَ لِسَيِّدِ النَوكى دَواءُ
رُوَيدَكَ عَن قِصافَ عَلَيكَ عَينٌ
وَلِلمُتَكَلِّفِ الصَلِفِ العَفاءُ
فَلا لاقى مَناعِمَهُ اِبنُ قَيسٍ
يُعَزّيني وَقَد غُلِبَ العَزاءُ