الأحد 8 سبتمبر 2024

إبداعات الهلال.. «على الشاطئ» قصة قصيرة لـ مريم صموئيل

مريم صموئيل

ثقافة4-9-2024 | 11:53

دار الهلال

تنشر بوابة دار الهلال، ضمن باب "إبداعات" قصة قصيرة بعنوان "على الشاطئ" للكاتبة مريم صموئيل، وذلك إيمانا من المؤسسة بقيمة الأدب والثقافة ولدعم المواهب الأدبية الشابة وفتح نافذة حرة أمامهم لنشر إبداعاتهم.

نص القصة

(وسلامًا على من كان هنا ولم يتشابه وجوده بوجود الآخرين فكان حتى في غيابه كأنه موجود)

في السابعة صباحًا تجلس فتاة أمام البحر مباشرةً تمسك وردة حمراء بكفيها، تداعبها نسمات الهواء بشدة فتبعثر خصلات شعرها فلا يظهر من ملامح وجهها سوى بشرتها البيضاء، ترتدي ملابس صوفية خفيفة لكن لا يبدو عليها البرد، وكأن دفء ما ينبع من داخلها، قد تكون جاءت باكرًا جدًا، أو أنها لازالت موجودة هنا منذ أمس يمر بجانبها رجلاً عجوز يقول لها: "الحب سيصيبك بنزلة برد فرفقًا بحالك"

ثم يمر شابًا لطيفًا ويسألها: أأساعدك بشيء؟

ثم يعاود السؤال مرة أخرى، ولكنها كانت تنظر فقط للبحر ولم تعطِه أي اهتمام فتركها وذهب.

كان كل من يمر حولها في ذلك الوقت يتساءل عن سبب وجودها بمفردها أمام البحر، حتى ضجر أحدهم بصخب التساؤلات في نفوس المارين فأتجه نحوها بخطوات ساخرة وسألها: ماذا تنتظرين؟ أتنتظرين حبيبك؟ أم تاهت عنكِ أمك ولا تعرفين الطريق إلى المنزل؟

فقامت بغضب تبحث بعينيها الباكية عن شيء تخرس به الألسنة واتجهت بضع خطوات يمين البحر وأمسكت بعصا.

كانت أعين كل من حولها تراقبها في صمت؛ بدأ شخصًا منهم يسخر من أفعالها ظنًا منه أنها ستضربهم بالعصا، فنظرت لهم جميعًا بعيون تملؤها الدموع وهي تزيح شعرها عن وجهها بكفها، ممسكة الوردة ونظرت للأرض وبدأت بالكتابة على الرمال تحت نظرات الاندهاش ممن حولها:

- ليتني انتظر حبيبي ويا ليته يعود ويأتي، هنا غرق أخي وهو كان آخر شخص في عائلتي.

بدأ الصمت يحل في أفواه الجميع، بل بدأ ذلك يثير انتباه المارة فكل من يمر كان يقف يشاهد تلك الفتاة الباكية وهي تكتب على الرمال دون أن تخرج صوتًا رفعت رأسها ونظرت إليهم في يأس علها ترى في أعينهم شيئًا من الاهتمام فإن من أشد ما قد يلقى المرء أن تزدحم بصدره الكلمات ولا يجد على الأقل شخصًا واحدًا مهتمًا يلجأ إليه ويسمعه، ورغم أن اهتمامهم كان بدافع الفضول ويعلوه السخرية إلا أنه ما زال اهتمام وهذا جُلَّ ما كانت بحاجة إليه... ولكن ما زادتهم كلماتها إلا فضولاً وهمسًا فيما بينهم فألقت العصا وتتابعت حركات يديها في غضب وهي تكتب وتبكي

أخي كان أبي وكان أمي، كان صديقي ورفيق دربي وكل من حولي، لم يفهمني أحد غيره ولن يتحملني أحدٌ بعده، هذه الوردة كانت آخر شيء أهداني إياه، كنا قد تعاهدنا ألا تفترق أبدًا مهما حدث ولكنه لم يفِ بوعده.. ولكن أنا على وعدي فكفاكم استهزائًا بي، كفاكم طعنًا في قلبي، أرجوكم دعوني أذكره في نفسي فربما ذلك يغفر لي عجزي عن ذكره بينكم لأنني بكماء...

(ليس كل الأمور كما نراها فلا تتسرع بالحكم عليها، رفقًا بمن حولنا، فلندع الخلق للخالق)