يُمثل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، انقلابًا على مألوف الديمقراطية الأمريكية، حيث جاء ليحطم أقدس المقدسات، ولعل ذلك يفسر سبب صعوده اللافت إلى سدة الحكم في عام 2016، والذي وصف بأنه غلطة تاريخية وانحرافًا عن الخط السائد في أمريكا، وذلك بالنظر إلى أنه إلى أنه كان مرشحًا مخالفًا للأعراف السائدة في بلاده على مدى سنوات طوال.
دونالد ترامب
ولد دونالد ترامب في 14 يونيو 1946، في مدينة نيويورك، في أسرة مكونة من خمسة أطفال لأبوين من أصول ألمانية وأسكتلندية، إلا أنها لم يحفظ لتلك الصلة حقها، فلطالما دخل في مناوشات مع الدول الأوروبية عمومًا.
وفي مدرسة "كيو فورست" في مدينة نيويورك، تلقى دونالد تعليمه الأول، الذي التحق فيما بعد بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، حيث حصل عام 1964 على درجة الشرف الأكاديمية، وانتقل بعد ذلك إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، قبل أن يلتحق بكلية وارتون للتجارة وإدارة الأموال التابعة لجامعة بنسلفانيا، وتخرج فيها عام 1968، ومن بعد عمل في شركة العقارات التي يديرها والده، ثم أصبح الرئيس التنفيذي لها بعد توسعها ودخولها الاستثمار في مجالات جديدة.
أظهر نجاحًا ملحوظًا في مواجهة أزمات التي واجهت شركاته، حتى أصبح اسم ترامب "علامة تجارية" تقدر بملايين الدولارات في السوق الأميركية.
الحياة السياسية
في البداية، لم يكن يعلم لترامب توجه حزبي، إذ درج لمدة عقدين من الزمن على تقديم تبرعات لحملات انتخابية رئاسية لمرشحين من الحزب الجمهوري والديمقراطي، حتى أنه في عام 2013، رفض مقترحًا جمهوريًا للمنافسة على منصب حاكم ولاية نيويورك.
في عام 2008، أصبح توجهات ترامب أكثر وضوحًا، حيث أعلن تأييده الرسمي للمرشح الجمهوري جون ماكين في مواجهة باراك أوباما، وحتى ذلك الحين لم توجد أي محطة لافتة في حياته السياسية، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى جاء عام 2015.
ففي ذلك الحين، أعلن ترمب ترشحه للرئاسة ودخل سباق الترشح عن الحزب الجمهوري وكان واحد من أصل 17 مرشح يتنافسون على تمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية العامة، حيث كان هذا أكبر عدد من المرشحين عن حزب واحد في تاريخ الولايات المتحدة، حتى أصبح في العام التالي مرشحًا رسميا للحزب.
وفي 9 نوفمبر 2016، وبرغم من أن معظم استطلاعات الرأي أشارت إلى أن السباق الإنتخابي سيحسم لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون على حساب منافسها الجمهوري دونالد ترامب، إلا أنه في الأخير حقق فوزًا تاريخيًا وصف بأنه انحرافًا عن الخط السائد في أمريكا.
العودة إلى البيت الأبيض
مُني ترمب بالهزيمة في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2020، أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن، حيث أصبح واحدًا من بين أربعة رؤساء سابقين فقط في العصر الحديث ممن لم يتم انتخابهم لولاية ثانية، فضلًا عن كونه أول رئيس يخسر التصويت الشعبي في جولتين انتخابيتين متعاقبتين.
وبعمل دؤوب يسعى ترامب للعودة إلى بيت الأبيض مرة أخرى، وذلك بالفوز على مرشحة الحزب الديمقراطي كاملا هاريس، في الإنتخابات المقرر لها في الخامس من نوفمبر المقبل، والتي تحظى بأجواء صاخبة وزخم غير مسبوق يدعمها احتدام المنافسة بين كلا المرشحين.
الوعود الإنتخابية
كما هو متوقع، تعهد دونالد ترامب بإطلاق أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير القانونيين في تاريخ الولايات المتحدة، منذ اليوم الأول لتوليه مهماته بحال فوزه، بجوار إعادة تطبيق حظر دخول مواطني عدد من الدول المسلمة الولايات المتحدة، والذي أصدره خلال ولايته الأولى.
كما يعتزم إعادة إلغاء مفاعيل اتفاق باريس للمناخ 2015، حيث يؤكد على ضرورة وقف الإنفاق المهدر من بايدن، ووضع حد سريع للخديعة الخضراء الجديدة، بل سيلغي ما أسماه "التفويض الجنوني للسيارة الكهربائية من جو بايدن الفاسد، وسنحفر يا عزيزي سنحفر"، مستخدمًا شعارًا جمهوريًا قديمًا يدعم مواصلة عمليات الحفر النفطية في الولايات المتحدة وتوسيعها.
واقتصاديًا، وعد بجعل الولايات المتحدة عاصمة البتكوين والعملات الرقمية في العالم، وتكليف الملياردير إيلون ماسك بقيادة عملية تدقيق في أداء الحكومة الفدرالية بأسرها في حال فوزه في انتخابات الرئاسة الأميركية، هذا بالإضافة إلى فرض رسوم جمركية على أكثر من 10 بالمائة من كل الصادرات، على أن تسددها الشركات المستوردة وتاليًا زبائنها، عوضًا عن الشركات المصدرة.
وسياسيًا، يزعم أنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة، من دون أن يوضح السبيل لذلك، لكن الأصوات المناوئة تقول إنه سيضغط على كييف من أجل القبول بالتخلي عن أراضِ احتلتها روسيا في 2014 و2022.
وبرغم من دعمه المطلق لإسرائيل، إلا أنه يحاول قدر المستطاع عدم إعطاء مواقف مفصلة بشأن الحرب على غزة، حتى لا يخسر بعض أصوات الجمهوريين، لكنه في مناسبات عدة دعم ما أسماه حق إسرائيل بمواصلة "حربها على الإرهاب"، قبل أن يتعهد بإنهاء الحرب في خطابه في مدينة ميلواكي بولاية ويسكونسن في يوليو الماضي.
وبالنسبة للحفاء الأوروبين، فلطالما استاء المرشح الجمهوري من الأعباء الملقاة على عاتق واشنطن في حلف الناتو، بل هدد بالسماح لـ"الغزاة الروس" بأن يفعلوا ما يريدون للحلفاء الأوروبيين المنتفعين من عضويتهم في الحلف بلا مقابل.
علمًا بأنه في حال حقق دونالد ترامب الفوز في الانتخابات المقرر لها في الخامس من نوفمبر المقبل، فسيصبح أكبر رئيس أمريكي سنًا عند أداء اليمين بعمر 78 عامًا و219 يومًا متخطيًا جو بايدن.