كانت معروفة بإجادتها للعديد من اللغات، مثل الفرنسية، الإنجليزية، والإيطالية، رُغم اتقانها للعربية، كما اشتهرت بصالونها الأدبي الذي كان يجتمع فيه كبار الأدباء والمفكرين، مثل جبران خليل جبران، طه حسين، أحمد لطفي السيد، وغيرهم، كانت واحدة من أبرز النهضة الأدبية والفكرية العربية في أوائل القرن العشرين، أنها الأديبة الكبيرة مي زيادة.
وُلدت مي زيادة في 11 فبراير 1886، في فلسطين بمدينة الناصرة لعائلة مثقفة، وقد نالت الأديبة ميّ زيادة اهتمام كبير من والديها كونها الابنة الوحيدة لهما بعد وفاة أخيه، ثم انتقلت إلى القاهرة حيث أصبحت واحدة من أبرز الشخصيات الأدبية في تلك الحقبة.
تميزت كتابات مي زيادة بالأسلوب الأدبي الفريد والعمق الفكري، فتناولت قضايها اهتمامتها بالمرأة والمجتمع، رغم علاقاتها الواسعة في الوسط الثقافي، كانت علاقتها بجبران خليل جبران الأبرز، فقد تبادلا رسائل عديدة مليئة بالفكر والشعر، رغم أنهما لم يلتقيا شخصيًا، فكانت لرسائلهما تعتبر من أعظم الكتابات الأدبية التي تمثل العلاقة الروحية والفكرية بين اثنين من كبار الأدباء، فكانت بينهم قصة حب لم تكتمل.
كانت زيادة تكتب مقالات تنشر في الصحف والمجلات الأدبية، وتعبر فيها عن أفكارها حول الأدب، الحرية، المرأة، والحياة بشكل عام، ورُغم أنها لم تصدر العديد من الدواوين، إلا أن قصائدها كانت تتميز بالرقة والعمق الفلسفي.
كما كانت تُعقد صالونها الأدبي كل يوم ثلاثاء، حيث استضافت فيه نخبة من المفكرين والأدباء والشعراء والمثقفين، ومن بين الشخصيات التي حضرت صالونها: جبران خليل جبران "طه حسين، عباس محمود العقاد، أحمد لطفي السيد، وغيرهم من كبار الأدباء والمفكرين في تلك الفترة.
يشكل الصالون منصة للنقاش والتبادل الثقافي في فترة كانت تمر فيها المنطقة بتحولات فكرية واجتماعية كبيرة، ويُعد بمثابة ملتقى للثقافات والأفكار، إذ ناقش الحاضرون مواضيع تتعلق بالأدب والفلسفة.
تميز الصالون بأنه كان مفتوحًا للنقاشات الحرة والتبادل الفكري، في وقت كانت فيه المرأة تعاني من القيود الاجتماعية، كما كانت تستخدم هذا الصالون لنشر أفكار جديدة حول التعليم، الحرية الفكرية، وحقوق المرأة، مشجعةً على الانفتاح الفكري والنهضة الثقافية.
كانت زيادة متميزة في قدرتها على إدارة النقاشات بين الشخصيات الكبيرة التي حضرت صالونها، وكان أسلوبها محفزًا لتبادل الحوا، وكتبت الكثير من الأفكار التي تم تناولها في الصالون في مقالاتها وكتبها، كما استطاعت زيادة أن تكون حلقة وصل بين الشرق والغرب، حيث ناقشت التراث العربي الكلاسيكي والفكر الغربي الحديث، مما جعل صالونها ساحة غنية للتفاعل بين الأفكار الجديدة والتقاليد الأدبية.
بعد وفاة والدي مي زيادة، دخلت في فترة من الحزن العميق والوحدة، حيث انعزلت عن المجتمع بعض الشيء، وازداد حزنها بعد وفاة جبران خليل جبران عام 1931، ولكن استمر الحزن مرافقها إذ تعرضت لتجربة قاسية عندما أدخلتها أفراد عائلتها مستشفى الأمراض النفسية، الذين اتهموها بالجنون طمعًا في ثروتها، ورُغم تمكنها من الخروج بعد فترة بمساعدة بعض أصدقائها المثقفين الذين دافعوا عنها، إلا أن هذه التجربة تركت أثرًا نفسيًا كبيرًا عليها.
حاولت مي بعد خروجها من المستشفى، العودة إلى نشاطها الأدبي والاجتماعي، لكنها لم تستطع استعادة قوتها بشكل كامل، قضت سنواتها الأخيرة في عزلة نسبية، وعانت من أزمات صحية متتالية، حتى رحلت الأديبة الكبيرة مي زيادة في القاهرة عام 1941.