السبت 14 سبتمبر 2024

مبدعات حول العالم| فدوى طوقان.. "أم الشعر الفلسطيني"

فدوى طوقان

ثقافة14-9-2024 | 16:18

فاطمة الزهراء حمدي

عُرفت المرأة بشجاعتها وقوتها وتحديها للصعاب، فحظيت بمكانة رفيعة، ولا يخلو مجتمع من نساء ناضلن وكافحن، وأخريات عالمات وكاتبات ومناضلات، بنبوغهن وذكائهن استطعن أن يحفرن أسمائهن في التاريخ، ويحققن المساواة مع الرجال، في العمل والتعليم والكفاح، فبفضل بطولاتهن وإنجازاتهن أصبحن خير مثال يُحتذى به، لكفاح المرأة في الحياة والنضال.

"أم الشعر الفلسطيني"، لقب أطلقه عليها محمود درويش، فكانت رمزً‎ا من رموز النضال الفلسطيني، اهتمت بالدفاع عن تلك القضية، كانت متمردة لم تسلم نفسها للحزن والعزلة، فمرت بالعديد من المحطات التي تركت أثرًا كبيرًا في نفسها وأشعارها، أنها الشاعرة الفلسطينية "فدوى طوقان".

 فدوى طوقان

وُلدت فدوى طوقان، في 1 مارس 1917، بمدينة نابلس، لعائلة كبيرة، وميسورة الحال، ومعروفة في المجتمع الفلسطيني، رُغم نشأتها في عائلة كبيرة ومعروفة، إلا أنها عاشت طفولة صعبة بسبب القيود الاجتماعية التي كانت مفروضة عليها كامرأة في مجتمع تقليدي.

فتلقت تعليمها حتى الإبتدائية، ولكنها لم تستسلم لتفكير المجتمع وقتها، وثقفت نفسها، كما فقدت والدتها وهي صغيرة، وزاد ذلك من شعورها بالعزلة والحزن، ولكن ساعدها شقيقها الشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان، شجعها على تنمية موهبتها الأدبية.

وجهها شقيقها نحو كتابة الشعر، كما شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية، وأسماها "أم تمّام" ثم أسماها محمود درويش لاحقاً "أم الشعر الفلسطيني"، وقد كان الشعر والأدب يمثلان طوق نجاة لها للتعبير عن مشاعرها وتطلعاتها، بدأت في قراءة الكتب.

يُعد "المطوّقة" أحب أسمائها المستعارة إلى قلبها، لما به من إشارة مزدوجة، وتورية إلى حال الشاعرة بالتحديد، فالمطوقة تعني انتسابها إلى عائلة طوقان المعروفة، وترمز، في الوقت نفسه، إلى أحوالها في مجتمع تقليدي غير رحيم.

توالت الأحزان في حياة طوقان، بعدما توفي والدها ثم أخوها ومعلمها إبراهيم، وتلى ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948، وقد تركت تلك المآسي المتلاحقة أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما اتضح من شعرها في ديوانها الأول "وحدي مع الأيام".

ولكن لم يقل ذلك من طموحها ودفاعها عن بلدها، قامت بالمشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات من القرن الماضي، كما سافرت إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي، وأقامت هناك سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية.

كانت كتاباتها في البداية تتركز على الهموم الذاتية مثل العزلة والمعاناة الشخصية، لكنها سرعان ما تحولت إلى قضايا وطنية بعد نكبة فلسطين، تميزت أشعارها بقدرتها على دمج الحزن الشخصي بالنضال الوطني، لتصبح من أبرز الأصوات الأدبية التي تحدثت عن فلسطين والمعاناة الفلسطينية، وركزت على موضوعات الحرية، العدالة، والكرامة الوطنية. كانت قصائدها مصدر إلهام للكثيرين ممن عانوا من الاحتلال والنزوح.

كما تميزت فدوى طوقان بأسلوب شعري يجمع بين الشعر التقليدي والشعر الحر، واستخدمت في أعمالها الرمزية والصور الشعرية القوية، ما جعل أشعارها قريبة من قلب القراء، تميزت بالصدق في التعبير والعمق في الشعور، مما أكسبها شهرة واسعة في العالم العربي.

كان لفدوى طوقان العديد من الدواوين والكتب عن السير الذاتية، فمن دواوينها: "وحدي مع الأيام"، و"وجدتها"، و"أعطنا حباً"، و"اللحن الأخير"، أما سيرتها الذاتية: "رحلة جبلية"، و"رحلة صعبة" "والرحلة الأصعب".

حازت فدوى طوقان على العديد من الجوائز والتكريمات في العالم العربي: حصلت على  جائزة اللوتس العالمية للأدب، وجائزة السلطان العويس للإبداع الشعري، وسام القدس، جائزة كفافيس الدولية للشعر، وغيرهم.

رحلت فدوى طوقان يوم الجمعة 12 ديسمبر 2003، في مستشفى مدينة نابلس، إثر أزمة قلبية، عن عمر يناهز 86 عاماً، بعد رحلة أدبية كبيرة، تركت إرثًا كبيرًا، لا يزال حاضرًا في الأدب العربي المعاصر، ويعد جزءًا مهمًا من الحركة الأدبية الفلسطينية التي تعبر عن الصمود والتحدي في مواجهة الظلم والاحتلال.