أولت الدولة المصرية اهتماما خاصة بملف بناء الإنسان من خلال عدد من البرامج والمبادرات الهادفة للاستثمار في الثروة البشرية وتحسين مستوى المعيشة وخاصة للفئات الأكثر احتياجا، ومن آخر تلك المبادرة جاءت مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان التي انطلقت في منتصف سبتمبر الجاري، وتستمر لنحو 100 يوم والتي تستهدف الاستثمار في رأس المال البشري من خلال برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية.
وسبقها العديد من المبادرات الاجتماعية منها مبادرة حياة كريمة التي انطلقت في 2019، للنهوض بأوضاع القرى المصرية وتطوير الريف المصري، وكذلك المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، إدارة القضية السكانية من منظور تنموي شامل للنهوض بالخصائص السكانية.
مبادرة بداية جديدة
وتستمر مبادرة بداية جديدة لنحو 100 يوم، وتتضمن عدة محاور رئيسية مثل تعزيز الأمن القومي، وبناء الإنسان المصري، وتطوير الاقتصاد ليكون تنافسيا وتحقيق الاستقرار السياسي، وتركز على تحسين النظام الصحي، وتوفير تعليم أفضل وتأمين فرص عمل لائقة وتعزيز الحماية الاجتماعية، من خلال تطوير المناهج التعليمية، وتوافر برامج تدريبية متقدمة للمعلمين وتعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم.
وتستمر المبادرة على مرحلتين، المرحلة الأولي تستهدف إلقاء الضوء على الخدمات التي تقدمها الحكومة بشكل تحفيزي في مجالات التنمية البشرية المختلفة من تعليم بمراحله والصحة والعمل والثقافة والرياضة والحماية الاجتماعية.
بينما تأتي المرحلة الثانية "المشروع القومي للتنمية البشرية" الذي يخاطب المواطن المصري في جميع المراحل العمرية بكافة ربوع الجمهورية عن طريق التكامل بين مكونات وإمكانيات الدولة المصرية لتحقيق محاور التنمية البشرية الرئيسية من خلال برامج موجهة لكل فئة عمرية طبقاً لاحتياجاتها.
وتنفذ المبادرة برامج تناسب كافة المراحل العمرية، حيث تتضمن برامج الأطفال من سن صفر إلى ٦ سنوات الاهتمام بالطفولة المبكرة من حيث التنشئة البدنية والعقلية والنفسية والصحية بالإضافة إلى إنشاء الحضانات ورياض الأطفال وبناء كوادر العاملين بها، فيما تتضمن برامج الشباب من سن 6 إلى 18 سنة برامج رياضية وصحية وتعليمية وتدريبية لتحسين مهارات الشباب وضمان تجهيزهم لسوق العمل، وكذا البرامج المخصصة للكبار من سن 18 إلى 65 سنة وما فوق لتشمل برامج تدريبية ورفع القدرات لتأهيل الأفراد لسوق العمل، بالإضافة إلى برامج لدعم كبار السن والمشاركة في المجتمع.
مبادرة حياة كريمة
وفي 2019، انطلقت المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، أو المشروع القومي لتطوير الريف المصري، لتكون من أهم المبادرات الرئاسية وأكبرها، وتعد أكبر مشروع تنموي في العالم حيث يتم خلالها تقديم خدمات الصرف الصحي ومياه الشرب والخدمات الصحية والتعليمية للمواطنين في قري الريف المصري .
استهدفت مبادرة حياة كريمة تحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية للمواطن المصري، في إطار من التكامل وتوحيد الجهود بين مؤسسات الدولة الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني وشركاء التنمية في مصر، بهدف تقديم حزمة متكاملة من الخدمات، التي تشملُ جوانبَ مختلفة صحية واجتماعية ومعيشية، بمشاركة هذه الجهات المختلفة لتحسين مستوى معيشة المواطن المصري، لا سيما من الفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا.
بدأت مبادرة حياة كريمة مسيرتها بمرحلة تمهيدية خلال العام المالي 2019/2020 استهدفت حينها 143 قرية في 11 محافظة، ونجحت المبادرة حينها في تنفيذ ونهو 625 مشروعا في هذه القرى، قبل انطلاق المرحلة الأولى من المبادرة الشاملة لتطوير الريف المصري والتي وجه بها الرئيس السيسي بها، وانطلقت في مطلع العام المالي 2021-2022.
وأسهمت المرحلة التمهيدية كذلك في معالجة واحدة من أهم مشكلات البنية الأساسية في الريف المصري وهي مياه الشرب والصرف الصحي من خلال مضاعفة كميات المياه المنتجة بالقري المستهدفة بنسبة 100% تقريباً وزيادة معدل التغطية بخدمات مياه الشرب في هذه القري من 84% إلى حوالي 93% ، ورفعت معدلات التغطية بخدمة الصرف الصحي على مستوى ال143 قرية من 6% إلى 39% في ديسمبر 2020 .
وكذلك ساهمت في تعزيز ورفع كفاءة الخدمات الصحية من خلال تطوير وإحلال وتجديد وتجهيز 51 وحدة صحية في 51 قرية وفقاً لنموذج التأمين الصحي الشامل ، كما ساهمت المبادرة في رفع كفاءة الخدمات الشبابية وخدمات الطب البيطري وخدمات تحسين البيئة في عشرات القرى المستهدفة.
واستهدفت المرحلة الأولى من المبادرة الشاملة لتطوير الريف المصري 1477 قرية يعيش فيها نحو 18 مليون مواطن، وجاري الانتهاء من مشروعاتها، كما يجري التخطيط لبدء تنفيذ المرحلة الثانية التي ستستهدف نحو 1667 قرية يعيش فيها 20 مليون مواطن، وفقا لما أعلنته وزارة التنمية المحلية، موضحة أن في دعم وتنفيذ المشروعات المخططة على مستوى 1477 قرية ، والتي تخطت 23 ألف مشروع باستثمارات تزيد عن 350 مليار جنيه ، وقد تشاركت كافة أجهزة الدولة في تخطيط وتنفيذ ومتابعة هذه المشروعات العملاقة وغير المسبوقة.
المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية
يتمثل الهدف الاستراتيجي من المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، رفع مستوى جودة حياة المواطن، من خلال ضبط النمو السكاني، والنهوض بالخصائص السكانية، من خلال محاوره الشاملة التي تحقق التمكين الاقتصادي للسيدات، وتم تنظيم الاقتراحات ووضعها في إطار تنفيذي من خلال 5 محاور رئيسية، منها محور التمكين الاقتصادي ومحور التدخل الخدمي ومحور التدخل الثقافي والإعلامي والتعليمي ومحور التحول الرقمي والمحور التشريعي.
ووفقا لآخر بيانات رسمية أعلنته الحكومة في شهر يونيو الماضي، فقد حدث انخفاضا ملحوظا في معدلات النمو السكاني ومعدلات المواليد وفقا للمرصد الديموجرافي المصريّ؛ بفضل ما قامت به الحكومة من مبادرات رئاسية وعلى رأسها المشروع القومي لتنمية الأسرة.
وانخفض معدل النمو السكاني من 1.9% في عام 2019 ليبلغ 1.4% عام 2023، كما انخفض معدل المواليد الخام من 24.6 مولود لكل ألف من السكان في 2018 ليصبح 19.4 مولود في نهاية 2023، بالإضافة لانخفاض عدد المواليد في الربع الأول من العام الحالي حتى نهاية مارس إلى 491.8 ألف مولود، مقارنة بـ 509.5 ألف مولود في نفس الفترة من عام 2023، بانخفاض نسبته 3.5%.
ووفقا للمشروع، في محور التمكين الاقتصادي، تم وضع برنامج يرتكز على مخرجات برامج 2 كفاية، وتكافل وكرامة، وفرصة، كما يستهدف تمكين السيدات في الفئة العمرية بين 18- 45 سنة من العمل وكسب الرزق والاستقلالية المالية، ومن خلال ذلك سيتم تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة للسيدات اللاتي يلتزمن باستخدام وسائل تنظيم الأسرة وسيتم تدريبهن كذلك على عملية الإدارة.
ونجحت الحكومة في هذا المحور في تدريب 306 آلاف سيدة على إدارة المشروعات، وتقديم الاستشارات المهنية والتدريبات المهارية لـ 83 ألف سيدة، فضلا عن تخصيص 48 مقرا كوحدات تدريب إنتاجي، كما تم تقديم تدريب تثقيفي مالي على مستوى تلك المحافظات لعدد يتجاوز 221 ألف سيدة، فضلا عن تنفيذ تدريب إنتاجي للسيدات من خلال دورات وورش عمل تدريب حرفي لأكثر من 26 ألف فرصة، وهناك رقم مهم آخر تم عرضه في محور التمكين الاقتصادي يتمثل في أن الشمول المالي الرقمي يشمل 1.9 مليون سيدة مستفيدة، إلى جانب مؤشرات مهمة أخرى في هذا المحور.
كما هدف محور التدخل الخدمي إلى خفض الحاجة غير المُلباة للسيدات من وسائل تنظيم الأسرة وإتاحتها بالمجان للجميع، وذلك من خلال ذلك تعيين طبيبات مُدربة على وسائل تنظيم الأسرة، وتوزيعهن على المنشآت الصحية على مستوى الجمهورية.
ونجحت الحكومة في هذا المحور في تقديم خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بالمناطق النائية والعشوائية والمحرومة بإجمالي منتفعات 4.4 مليون مستفيدة، إضافة إلى تقديم خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بمنافذ تقديم الخدمة الحكومية بإجمالي 23 مليون مستفيدة، فضلا عن إنشاء 102 عيادة تنظيم أسرة بالجمعيات الأهلية، وشراء تجهيزات لعدد 13 عيادة، وبلغ إجمالي المترددات 520 ألف سيدة، وإجمالي عدد السيدات اللائي يستخدمن الوسائل 400 ألف سيدة، كما استفاد من السلات الغذائية 79 ألف سيدة شهريا.
أما في محور التدخل الثقافي والإعلامي والتعليمي، فاستهدف رفع وعي المواطن المصري بالمفاهيم الأساسية للقضية السكانية وبالآثار الاجتماعية والاقتصادية للزيادة السكانية، كما أكدت السعيد أن الحكومة تولي اهتمامًا كبيرًا بدور التعليم في مواجهة ظاهرة الزيادة السكانية، حيث يتضمن المحور إضافة مكون تعليمي في المناهج المدرسية والجامعية لتوعية الطلاب، تم التعاون مع وزارة التعليم العالي لتقديم أبحاث وإجراء دراسات ميدانية وتم عقد لقاء مع المجلس الأعلى للجامعات وتم الاتفاق على وضع إطار تعاون لإطلاق أنشطة وفعاليات تهدف إلى دمج الشباب الجامعي والأطقم الدراسية في القضية السكانية منها إجراء أبحاث وإعداد أوراق سياسات، كما تم تبني فكرة إقامة مسابقات ثقافية بين الطلاب من خلال رعاية مسابقة الجامعة الأمريكية بالقاهرة لتنظيم الأسرة بمشاركة عشرات الطلاب من جامعات مصر كافة، حيث تم تقديم عروض عن التعامل مع الزيادة السكانية، متابعه أن الوزارة تسعى لتوسيع تلك التجربة ليتم عقد مسابقات على مستوى المدارس أيضا إلى جانب الجامعات.
وفي هذا المحور تم توعية 886 ألف شاب وفتاة من المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثا، من خلال برنامج" مودة"، بالتنسيق مع الجامعات، كما استفاد 4.8 مليون مواطن مما تقدمه منصة " مودة" الرقمية، كما تم تدريب 15 ألف رائدة من خلال 14 مبادرة في مجال الرائدات الريفيات، إضافة إلى تنفيذ 58 قافلة طبية استهدفت أكثر من 17 ألف مواطن، و700 فعالية ثقافية لأكثر من 365 ألف مستفيد ومستفيدة، إلى جانب أرقام أخرى توضح ما تم إنجازه في برنامج "وعي" بمشاركة القيادات الدينية، والتوعية بحقوق الطفل في الرعاية والمساواة، والزيارات المنزلية، وكذا برنامج التأهيل الأسري والتنشئة المتوازنة.
فيما هدف محور التحول الرقمي إلي بناء قاعدة بيانات متكاملة لخدمات تنظيم الأسرة حيث يتم السعي من خلالها للوصول الذكي للسيدات المستهدفات لتقديم الخدمة وتسهيلها ومتابعتها وتقييمها، بالإضافة إلى تدشين المرصد الديمغرافي لمتابعة كافة المؤشرات السكانية والاستعانة بها لصناعة القرار.
وفي المحور التشريعي تتم دراسة التعديلات المقترحة لقوانين: العقوبات، والأحوال المدنية، والطفل، والتعليم، والاستثمار، لآخذها في الاعتبار في المحور الخامس في المشروع، والخاص بالتدخل التشريعي حيث يستهدف وضع إطار تشريعي وتنظيمي حاكم للسياسات المتخذة لضبط النمو السكاني يهدف إلى التعامل مع بعض الظواهر المسببة لزيادة السكان كعمالة الأطفال وزواج القاصرات والزواج المبكر، وعدم تسجيل المواليد.