حققت مصر نجاحات متتالية على مدى السنوات الماضية فيما يتعلق بملف معالجة المياه، لما لذلك الصعيد من أهمية، وفي هذا الإطار، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر ستكون من أوائل الدول التي تعالج المياه بأحدث وسائل التكنولوجيا، مشيرًا إلى أن الدولة أنشأت العديد من محطات معالجة المياه المتطورة والحديثة بتكلفة تجاوزت ٤٠٠ مليار جنيه، ومنها محطة "بحر البقر والمحسمة والدلتا الجديدة"، لمحاولة إعادة استخدام المياه في الزراعة.
ويكفي أن نقول إن محطة "بحر البقر" تعتبر من الأكبر في العالم والأضخم من نوعها، وتم تسجيلها بموسوعة "جينيس" العالمية للأرقام القياسية، حيث تقع على بعد ١٠ كيلومترات من جنوبي أنفاق بورسعيد في محافظة سيناء، وهي واحدة من أهم مشروعات برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء وتعظيم مواردها الطبيعية، حيث تساهم في استصلاح ٤٥٦ ألف فدان من خلال إعادة تدوير وتشغيل مياه الصرف الزراعي والصناعي والصرف الصحي، التي سيتم تحويلها من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية أسفل قناة السويس، وبعد المعالجة سيتم تصريفها في قناة الشيخ جابر.
إضافة إلى ذلك، تعتبر المحطة من أحدث المحطات التى تم تنفيذها فى سبيل تعزيز منظومة إدارة موارد المياه وتقليل الهدر فيها، لاستخدامها فى زيادة الرقعة الزراعية بمصر بصفة عامة وشبه جزيرة سيناء بصفة خاصة، بما يعزز مواجهة التحديات المائية، بإيجاد مصادر مياه بديلة، لتقليل الفجوة الموجودة بين المتاح من الموارد المائية المحدودة، والاستهلاك المتنامي.
تجد الإشارة إلى أن المحطة تحتوي على أربعة خطوط رئيسية وكل خط يتكون من محطة طلمبات بطاقة ١.٤ مليون متر مكعب يوميًا، مرورًا بمراحل المعالجة المختلفة ثم تنقل المياه إلى قناة خروج متصلة بترعة الشيخ جابر، هذا بالإضافة إلى أن المشروع يحتوي على عدد من المنشآت والمباني المساعدة.
محطة المحسمة
أما محطة "المحسمة"، التي افتتحت في عام ٢٠٢٠، وصفت على أنها نقلة نوعية وكبيرة فى مجال إعادة إستخدام مياه الصرف الزراعى فى مصر، وذلك لما تبعها من إنجازات في هذا الصعيد.
وفي هذا المشروع، يجري نقل مياه الصرف الزراعي من مصرف المحسمة الواقع غرب قناة السويس عبر مسار يمتد بطول ١٤.٥٠ كيلومتر وصولًا إلى سحارة "سرابيوم" أسفل قناتي السويس القديمة والجديدة، والتى تنقل المياه إلى محطة المعالجة الواقعة شرق القناة ليتم معالجتها ثلاثيًا بطاقة تتجاوز واحد مليون متر مكعب سنويا، ويتم نقل المياه المعالجة بعد ذلك لرى أراضي المزارعين بمنطقة شرق قناة السويس الجديدة وسيناء بزمام ٥٠ ألف فدان.
يُشار إلى أن السحارة تتكون من عدد ٤ بيارات ضخمة لاستقبال ودفع المياه، ويبلغ عمق البيارة الواحدة ٦٠ متر وطول سحارة سرابيوم ٤٢٠ متر ، وقد اختارت مجلة الأمريكية محطة المحسمة لتكون مشروع العام كأفضل عمل إنشائي في العالم في عام ٢٠٢٠ ، ضمن قائمتها التي ضمت ٣٠ مشروعًا من ٢١ دولة حول العالم.
محطة الدلتا الجديدة
أما محطة "الدلتا الجديدة"، تعد علامة فارقة في الخطة الوطنية للموارد المائية في مصر، فقد جرى إعلانها كأكبر منشأة لمعالجة المياه في العالم، والتي قام بإنشائها تحالف ضم كل من شركة ماتيتو، أوراسكوم للإنشاءات، المقاولون العرب، وحسن علام للإنشاءات بتكليف من وزارة الدفاع وإدارة المياه بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
وقد حققت المحطة أربعة أرقام قياسية عالمية من قبل موسوعة "جينيس" العالمية، نظرًا لأنها أكبر منشأة لمعالجة المياه في العالم، وأكبر محطة لمعالجة المياه في العالم من حيث السعة والقوة التشغيلية، وأكبر مساحة لطلاء الإيبوكسي في المباني، وأخيرًا أكبر محطة لمعالجة الحمأة في العالم.
تبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة، نحو ٧.٥ مليون متر مكعب يوميًا من مياه الصرف الزراعي، مما يساهم في استصلاح وتطوير ٢ مليون فدان بغرب الدلتا. كما تم تشييد المحطة على مساحة تفوق ٣٢٠ ألف متر مربع، وقوة تشغيلية بقدرة ٨٦.٨ متر مكعب في الثانية، ومعالجة الحمأة بقدرة ضخمة تصل إلى ٦٧٠.٠١ كجم/ث، لتصبح بذلك واحدة من أكبر مشروعات الاستدامة في العالم، والتي تضم أحدث ما توصلت إليه التقنيات وحلول الاستدامة العالمية.
إنجازات الدولة في قطاع المياه
وفي إطار آخر، عملت الدولة على التحول لنظم الري الحديث اعتمادًا على أسانيد علمية تراعى كافة عناصر المنظومة المائية، وتهدف تلك العملية ترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه.
شمل ذلك استخدام نظم الرى الحديث فى مزارع قصب السكر، فضلًا عن تنفيذ أعمال تطوير المساقى من خلال تحويلها لمواسير مضغوطة بنظام نقطة الرفع الواحدة مع إستخدام الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة، بجوار إنشاء وتشكيل روابط مستخدمى المياه للمنتفعين على تلك المساقى.
ومن جهتها، تضع وزارة الموارد المائية والرى إستراتيجية وخطة تنفيذية للتحول من نظم الرى بالغمر إلى نظم الرى الحديث، مع مراعاة كافة الأبعاد المائية والبيئية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها، ودراسة هذا الملف بشكل متكامل يشمل التأثير علي معدل شحن الخزان الجوفي وكميات الصرف الزراعي التي تدخل المنظومة المائية في مناطق أخرى والتأثير على ملوحة التربة.
وفي هذا الإطار، يأتي المشروع القومى لتأهيل الترع، الذي يساهم في توفير نحو ٥ مليارات متر مكعب من المياه التي كانت تهدر.
وقد أثمرت أعمال التأهيل بمكاسب عديدة مثل تحديث شبكة الترع التي كانت تعاني من مشاكل عديدة في السنوات السابقة، واستعادة القطاع التصميمي للترعة، وتحقيق عدالة توزيع المياه بين المزارعين وحصول جميع المنتفعين على حصتهم من المياه، وحسم مشاكل نقص المياه بنهايات الترع خاصة فى فترة أقصى الاحتياجات، فضلا عن العديد من المنافع الأخرى.
ومؤخرًا، تم الإنتهاء من تأهيل ٧٦٠٠ كيلومتر من الترع وجارى العمل في ٢٥٠٠ كيلومتر، مع وضع الوزارة دليل إرشادي لتأهيل الترع، ودراسة سبل استخدام مواد صديقة للبيئة في أعمال التأهيل.