السبت 5 اكتوبر 2024

مقال بالجارديان: متى تنتهي الفظائع الإسرائيلية رغم مرور عام على طوفان الأقصى؟

قطاع غزة

عرب وعالم5-10-2024 | 11:59

دار الهلال

تساءل المحامي الفلسطيني رجا شحادة، مؤسس منظمة "الحق" الرائدة في الدفاع عن حقوق الإنسان والتابعة للجنة الحقوقيين الدولية، في مقال رأي في صحيفة الجارديان البريطانية عن توقيت انتهاء الفظائع الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، رغم مرور عام على هجمات 7 أكتوبر، أو كما تُسمى طوفان الأقصى.

وأوضح شحادة إنه في بداية حرب إسرائيل على غزة، عندما بدأ القصف المكثف للمدنيين، كانت الفكرة في ذهنه هي كيف سيعيش الفلسطينيون مع الإسرائيليين بعد هذا؟ وبعد اثني عشر شهراً، ومع استمرار عمليات القتل وتدمير غزة بلا هوادة، ومع قيام إسرائيل بنشر الصراع إلى الضفة الغربية، حيث قُتل أكثر من 700 فلسطيني، وهجماتها التصعيدية في لبنان وإيران، أصبح السؤال أكثر إلحاحاً .

وأضاف شحادة أنه خلال الأشهر الاثني عشر الماضية،ارتُكبت العديد من الفظائع، بدءاً بقتل الفلسطينيين 1200 جندي ومدني إسرائيلي في طوفان الأقصى، ثم قيام الجيش الإسرائيلي بقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني، بما في ذلك أكثر من 17 ألف امرأة وطفل، و287 عامل إغاثة، و138 صحفياً وعاملاً في وسائل الإعلام. ولكن هذا لا يشمل أولئك الذين لا يزالون تحت أنقاض ثلثي المباني في غزة التي تضررت أو دمرت .

وتابع شحادة أن إسرائيل كانت تعتقد أنها تستطيع إخفاء هذه الفظائع عن العالم من خلال تقييد وصول الصحفيين وعدم السماح للغرباء بإجراء تقارير مستقلة في غزة، مما يجعل من السهل التشكيك في الروايات الفلسطينية للأحداث وأرقام القتلى ومدى الأضرار التي لحقت بها. ولإلقاء المزيد من الشك، فإن العدد الهائل من الأرواح المفقودة عادة ما يكون مصحوبا بتحذير "وزارة الصحة التي تديرها حماس تدعي ذلك ".

وذكر أن هذا الاعتقاد جعل الجيش الإسرائيلي يتعامل بقسوة وشراسة حيث قتل أعدادا كبيرة من الفلسطينيين في غارات جوية واحدة، وجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلاحق زعيم حماس يحيى السنوار، سواء بالقتل أو الاعتقال كهدف رئيسي للحرب التي لم يعتبر ثمنها مفرطا.

ولكن في الوقت نفسه، لم تستخدم إسرائيل قنابل دقيقة عندما كانت هناك معلومات استخباراتية عن مكان وجود السنوار، بل استخدمت قنابل تزن 2000 رطل (900 كجم)، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات الفلسطينيين الأبرياء. وقد تكرر هذا الأمر عدة مرات على مدار العام الماضي واستمر حتى بعد أن توقفت الولايات المتحدة عن تزويد إسرائيل بهذا النوع من القنابل بسبب استخدامه في المناطق المدنية، وفقا لشحادة.

وأشار إلى أن هذه الأحداث أجبرت الفلسطينيين في قطاع غزة، ومعظمهم من اللاجئين من مدن وقرى أصبحت إسرائيل في عام 1948، على الانتقال عدة مرات حيث تعاملت إسرائيل مع السكان باعتبارهم ممتلكات يمكن الاستغناء عنها ويمكنها التحرك بحرية. وفي الأشهر التي تلت طوفان الأقصى، نزح ما يقرب من جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم.

ونوه أنه في بداية الحرب، أعترف بأنه لم يتعامل بجدية مع التصريحات الأولية لقادة إسرائيل المتشددين، مثل وعدهم بتحويل غزة إلى صحراء غير صالحة للسكن ووصف الفلسطينيين بمصطلحات دون الإنسانية. وكما أظهرت الأحداث، فإنهم كانوا يقصدون هذه الكلمات، والآن تركوا قطاع غزة غير صالح للسكن فعلياً ولقد تحققت هذه التحذيرات المخيفة.

وتابع بقوله :" ما لم أدركه أيضاً هو أنه بمجرد أن يتمكنوا من الإفلات من العقاب على مثل هذه الفظائع في غزة، فإن زعماء اليمين سوف ينتهزون الفرصة لمتابعة جرائم مماثلة في الضفة الغربية والآن في لبنان. وهكذا بدأوا في تدمير البنية الأساسية للمخيمات والبلدات في الضفة الغربية، واستخدموا الطائرات بدون طيار لقتل الفلسطينيين من الجو تماماً كما يفعلون في قطاع غزة."

وأضاف أن أحد التطورات التي كان يعلق عليها آمالاً كبيرة في نهاية الإفلات الإسرائيلي من العقاب كانت مع القضية الجنوب أفريقية ضد إسرائيل في لاهاي حيث شعر بقدر كبير من البهجة من البيان الصحفي الذي أصدرته المنظمة في عشرين مايو الماضي، والذي ذكر أن "عصر الإفلات من العقاب لصناع القرار في إسرائيل قد انتهى"، مشيرا إلى أنه كان تفاؤلاً زائفاً لأنه حتى الآن لم يتراجع قادة إسرائيل.

ولفت إلى أنه بالنسبة للإسرائيليين، أصبحت أحداث السابع من أكتوبر من العام الماضي أشبه بما أسماه الطبيب النفسي فاميك فولكان "الصدمة المختارة"، والتي وصفها بأنها حدث يربط بين شعور المجتمع بذاته حتى لو كان بإمكانه إغلاق إمكانية الشفاء وإحلال السلام.

ومع ذلك، فإن أحداث السابع من أكتوبر ليست "الصدمة المختارة" الوحيدة في ماضي إسرائيل المتقلب. غالبًا ما تروي إسرائيل العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أنها مليئة بالصدمات التي لا تُنسى أبدًا وتُستخدم "لإضفاء الشرعية على قتل الفلسطينيين كأداة فعالة للحفاظ على دولة يهودية آمنة وإعداد الشباب الإسرائيلي ليكونوا جنودًا جيدين و"ومن أجل مواصلة ممارسات الاحتلال"، كما زعمت الأستاذة الإسرائيلية نوريت بيليد-إلهانان في دراستها التي نشرتها عام 2010 تحت عنوان "شرعنة المجازر في كتب التاريخ المدرسية الإسرائيلية".

كما أن هناك احتمالا ضئيلا بأن يستيقظ الشعب الإسرائيلي في نهاية المطاف ويدرك الضرر الذي ألحقه بالفلسطينيين في الماضي والحاضر. ففي مايو الماضي، وجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن 39% من الإسرائيليين قالوا إن الرد العسكري الإسرائيلي ضد حماس في غزة كان صحيحاً، في حين قال 34% إنه لم يذهب بعيداً بما فيه الكفاية، و19% فقط اعتقدوا أنه ذهب بعيداً للغاية ولهذا يبدو احتمال عودة هذا الجمهور إلى رشده بعيداً.

وكشف أنه لا يوجد أمل أيضاً في أن يتراجع تيار الدعم غير المشروط لإسرائيل من قِبَل الولايات المتحدة في أي وقت قريب أو أن تبدأ الإدارة الأمريكية في إدراك أن الدعم غير المشروط لإسرائيل يؤدي إلى هزيمة الذات ويضر بإسرائيل فضلاً عن أنه مكلف للغاية.

وذكر أنه مع كل ما سبق، تظل الحقيقة المؤلمة أن الفلسطينيين هم لب المسألة حيث أنه بعد مرور سبعة وخمسين عامًا من قول وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان في ذلك الوقت: "نحن الآن إمبراطورية"، تظل إسرائيل غير قادرة على تحقيق السلام لأنها ترفض باستمرار الاعتراف بحق تقرير المصير الفلسطيني.

وأشار إلى أنه بعد القتال على عدة جبهات، يعاني اقتصاد إسرائيل بشدة، ولا يزال اعتمادها على الدعم من الولايات المتحدة، وسرعان ما يتضح أن إسرائيل ستضطر إلى الاستمرار في خوض حرب تلو الأخرى وستظل دولة تحت الحصار إلى الأبد إذا استمرت على هذا المسار.

واختتم مقاله بالقول :" فقط عندما تدرك إسرائيل أن تكلفة تدمير الفلسطينيين باهظة للغاية، ستجد الدولتان طريقة للعيش معًا في سلام."