51 عاما مرت، ولا تزال حرب السادس من أكتوبر 1973، نبراسا ينير الطريق نحو مستقبل مزدهر، إذ تعتبر تلك الحرب ملحمة بطولية توقف عندها كاتبو التاريخ، لما انطوت عليه صفحات تلك المعجزة العسكرية من بطولات مصرية متكاملة الأركان.
ويقول أبطال عسكريون من جيل نصر أكتوبر - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن تلك الحرب فريدة من نوعها؛ إذ أعطت درسًا نموذجيًا يُحتذى به في فنون الحرب والمعارك، وفي براعة التخطيط الاستراتيجي والقيادة الحكيمة التي استخلصت العبر والدروس واستخدمت عنصر المفاجأة، وحطمت نظرية الأمن الإسرائيلية، فانهار العدو على كافة المستويات المعنوية والميدانية، وتتحطم تحت نيران المصريين أسطورة زائفة لطالما روج إليها العدو بأنه "الجيش الذي لا يقهر".
ففي هذا الإطار، يقول اللواء حسين مسعود أحد أبطال القوات الجوية خلال حرب أكتوبر، إن صفحات التاريخ لن تنسى أبدا أن مصر لم تكن تملك التفوق على إسرائيل في الحرب، حيث كانت إسرائيل متفوقة كما وكيفا، من حيث عدد الدبابات والطائرات والذخيرة وأنواعها، بجانب حيازتها على أسلحة نووية، وتحصينها بخط بارليف الذي اعتبروه أصعب وأخطر مانع في التاريخ على الإطلاق، فضلًا عن وقوف الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاء آخرين بجانبها، ورغم كل ذلك كان النصر حليفًا لمصر بفضل عبقرية قادتها وعزيمة جنودها وصمود شعبها.
وأضاف أن نصر أكتوبر أضاء الطريق في مصر أمام مستقبل الأجيال المتعاقبة، فقد ولدت تلك الأجيال في وطن منتصر حر ذات سيادة، ويدركون جيدا أن أجدادهم ضحوا بأرواحهم وبالغالي والنفيس من أجل أن تعيش الأجيال الحالية في أمان وسلام، مرفوعي الرأس في وطن استعصى على الانكسار.
وتابع اللواء حسين مسعود، والذي شغل منصب وزير الطيران المدني الأسبق، أن حرب أكتوبر المجيدة كانت ملحمة، رغم الظروف الصعبة بعد حرب 1967، إلا أن شعب مصر رفض الخضوع والخنوع، ورفض تنحي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وحدد هدفا استراتيجيا، وطلب منه استرداد الأرض والكرامة المصرية.
وأبرز أن الظروف كانت صعبة للغاية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعسكريا ونفسيا، ومع ذلك استطاع هذا الشعب تحقيق النصر، فقد كان هناك هدف واحد يسعى الكل إلى تحقيقه، وهو استعادة الأرض وقهر الصعاب والعبور نحو مستقبل مزدهر.
ونوه مسعود بأنه لولا نصر أكتوبر لما أصبحت مصر كما هي عليه اليوم، إذ تسير الدولة بخطى ثابتة في مشروعات عملاقة نحو التنمية المستدامة في كافة المجالات.
من جهته.. يقول العميد أركان حرب عصام علي حسن، أحد أبطال حرب أكتوبر، إن حرب السادس من أكتوبر ليست مثل أي حرب أخرى في التاريخ الحديث، فهي تُدرس اليوم في كبرى الأكاديميات العسكرية بالعالم؛ لكونها الحالة المثالية التي حققت فيها قوات مسلحة أقل في الإمكانيات أهدافها على قوات أخرى أعلى منها في الإمكانيات.. موضحا أن القوات المسلحة المصرية عام 1973 لم يكن بإمكانها على الإطلاق وبمعايير العلم العسكري أن تخوض عملية هجومية وتنفذ ثلاثة اقتحامات رئيسية لثلاثة خطوط دفاعية وهى قناة السويس والساتر الترابي وخط بارليف الحصين، إلا أنها نجحت بالفعل وحققت انتصارًا سطره التاريخ بحروف من ذهب.
وأبرز العميد عصام علي حسن، الذي كان يشغل وقت الحرب قائد كتيبة دفاع جوي، أن القوات المسلحة حققت إنجازا كبيرا بخوض حرب أكتوبر باحتراف عال في التخطيط والتنفيذ، وكسر نظرية الأمن الإسرائيلية والتي تستند إلى احتلال أرض خارج الحدود وإنشاء خطوط دفاعية، وقد أسقطت القوات المسلحة المصرية هذه النظرية في ست ساعات يوم السادس من أكتوبر.
وذكر أنه بعد نكسة يونيو 1967 بدأت استعدادات القوات المسلحة المصرية لحرب أكتوبر مباشرة، حيث تم تدريب القوات المسلحة المصرية بشكل علمي وعملي قوي على مواجهة العدو الإسرائيلي خلال حرب الاستنزاف.
وأضاف أن قوات الصاعقة والمظلات قامت بدور كبير في تلك الفترة، حيث نجحت قوات المظلات في ضرب العدو على الضفة الشرقية في عام 1968، مما ساهم في رفع الروح المعنوية بعد النكسة.
وتطرق إلى الدور الحيوي، الذي أدته قوات الدفاع الجوي خلال حرب أكتوبر، في تحطيم خط بارليف، حيث لعبت قوات الدفاع الجوي ملحمة عند الوصول إلى شرق قناة السويس، وكان لها اليد العليا في التصدي للطائرات الإسرائيلية وحماية القوات المصرية المتقدمة.
وشدد على أن القوات المسلحة المصرية تمكنت من تدمير العديد من الطائرات الغربية التي شاركت في المعركة لدعم إسرائيل، حيث استطاعت القوات المسلحة أن تنتصر على القوات الإسرائيلية والمعدات الغربية، والشعب المصري أثبت أنه شعب مقاتل يعرف معنى كلمة الوطن والشرف.
ونوه العميد عصام علي حسن بأن العزيمة والرغبة كانتا من أهم عوامل الانتصار في حرب أكتوبر، وكان الشعب المصري هو الجبهة القوية خلف الجيش.
كما أكد أن الشعب المصري قادر على تخطي كل الأزمات والكوارث مثلما فعل خلال فترة حرب أكتوبر، لافتا إلى أن إرادة المصريين تتحدى كل الصعاب.
وأوضح أن روح التحدي والعزيمة التي ميزت حرب أكتوبر لا تزال حاضرة اليوم، فالشعب المصري والقوات المسلحة أثبتوا عبر التاريخ أنهم قادرون على مواجهة أي تحدٍ، وتحقيق النصر في أصعب الظروف.
وشدد على ضرورة نقل "روح أكتوبر" للأجيال القادمة، لافتا إلى أن الحالة التي سادت في 1973 جعلت الجميع على قلب رجل واحد، مصطفين خلف قادتهم من أجل تحقيق هدف واحد وهو النصر.
ووجه العميد عصام علي حسن رسالة إلى الأجيال الحالية بضرورة استلهام روح جنودنا البواسل في حرب أكتوبر، الذين كتبوا بدمائهم مجدا يفخرون به دائما.. مطالبا بضرورة أن يكون الجميع على قلب رجل واحد لمواجهة كافة التحديات التي تحدق بالأمن القومي المصري.