الإثنين 7 اكتوبر 2024

ظاهرة مليونيرات «الفوود بلوجر».. كل واشكر وطلع المطعم تريند

ظاهرة الفود بلوجر

تحقيقات7-10-2024 | 16:43

فرضت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال السنوات الأخيرة الماضية، نوعا جديدا من المحتوى، يقوم على زيارة المطاعم وإبداء الرأي فيما تقدمه من مستوى للطعام والخدمات والأسعار، يعرف القائمون عليه بأنهم "فود بلوجر"، تزايد انتشارهم مؤخرا وباتت المطاعم تعتمد بشكل كبير على هؤلاء من المشاهير على السوشيال ميديا للترويج لمطاعمهم.

وعلى مدار أكثر من 10 سنوات مضت، بات هناك من المشاهير الـ"فود بلوجر"، الذين يقدمون رأيهم للمتابعين في مطعم وأسعاره والوجبات المقدمة، وتحول الأمر من الفكرة الأساسية وهي تذوق ونقد وتقييم الطعام إلى وسيلة للترويج للمطاعم بغض النظر عن مدى صدق الرأي، ليفاجئ المتابعون بعد التجربة بالمستوى الحقيقي للخدمة وللمكان، وسط أسعار مبالغ فيها أحيانا.

ظاهرة الفود بلوجر

بدأت ظاهرة "الفود بلوجر"، أو الصفحات والمجموعات المتخصصة في تقييم الطعام، قبل ما يزيد عن 10 أعوام، لتقديم تجارب الأكلات في مختلف المطاعم، وبدأت الفكرة وتتنوع الصفحات والمجموعات في هذا النوع من المحتوى، كغيرها من الصفحات المتخصصة في تقديم محتوى يخص كافة المجالات، كالتعليم والسيارات والتكنولوجيا والطبخ والسخرية وغيرهم.

وتنوعت الصفحات ومقدمو المحتوى بشأن الطعام والمطاعم، لتجارب كانت في البداية واقعية لترشيح بعض الأماكن للمتابعين واستكشاف المطاعم غير المعروفة، ثم تحولت إلى ما وصفه البعض "بيزنس"، أو "مهنة من لا مهنة له"، وباتت الكثير منها مشكوك في مصداقيتها بعد تجارب المتابعين.

واستفادت المطاعم في المقابل من هذا الترويج وباتت الدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعية الآلية الأساسية التي تعتمد عليها في الترويج لأكلاتهم، وحققت العديد منها شهرة كبيرة وتوسعت أفرعها بفضل ذلك، سواء من خلال التسويق عبر صفحات المطاعم أو من خلال هؤلاء المشاهير الـ"فود بلوجر".

استغلال احتياجات الناس

ويرى الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن هناك عالم من الكذب والغش والاصطناع والتمثيل والتدليس بل والابتزاز أحيانا، خلقه الـ"فود بلوجر"، على مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفا أن ظاهرة الفود بلوجر متسلقة مثل اللبلاب، فهو شخص يتسلق على أكتاف الناس ويكسب من جيوبهم، ويتاجر بمشاعرهم، وبالاحتياج الأساسي المهم في حياتهم وهو اهم الاحتياجات البيولوجية وهو الحاجة إلى الطعام.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه نتيجة تطور المجتمعات وسيطرة التكنولوجيا على كل نواحي الحياة، حيث بات من الطبيعي أن تظهر وظائف جديدة ومنها "البلوجر"، في كل المجالات الباحثين عن المكسب والأرباح، بطريقة وصلت أحيانا للالتفاف حول الحقائق والتسول، والبعض بات يعتبر "بلوجر" وظيفة، ليصبح "البلوجر" مهنة من لا مهنة له، وتطور الأمر، وظهر بعد ذلك الـ"فود بلوجر"، والذي يمارسه شخص يزور المطاعم ويلتقط لنفسه صورا بالأكل، ويسوق تلك التجربة للناس باعتباره صاحب خبرة، موضحا أنه يرى أن هذه التجربة مدفوعة الأجر، وقد تكون الخبرة مبنية على الغش والخداع والخديعة بهدف "زغلزلة عيون" المتابعين واستقطابهم على المطعم أو المكان الذي يقدم له المحتوى.

وأشار إلى أن بعض هؤلاء المشاهير من البلوجر باتوا لا يتقاضون أجرا مقابل الظهور في الفيديو بل يحصلون على نسبة من الأرباح حسب فترة الربح لكل مطعم، موضحا أن هناك البعض من المتابعين من مفتقدي الهوية والشخصيات الهستيرية وخاصة المراهقين، الذين يسهل انقيادهم، ينساقون وراء ذلك، اعتماد على رأي "البلوجرز"، ويذهبون إلى نفس تلك المطاعم.

وأكد استشاري الصحة النفسية أن المراهقين يحبون دائما القيام بنوع من المحاكاة والتقليد لما حولهم، فينساقون وراء إعلانات البلوجرز، وقد يقولون نفس الكلام بنفس الأسلوب، مضيفا أنه يجب ملاحظة أن هؤلاء الأشخاص قد يقولون نفس التقييم والرأي لأكثر من مطعم وهو ما يجب الحذر منه لأنه ببساطة مدفوع الأجر.

وشدد على أهمية الوعي بالرأي الحقيقي والرأي مدفوع الأجر، فيمكن الاستعانة بخبرة شخص قام بتجربة المكان بحيادية وبدون انحياز، وألا يكن حصل على أجر مقابل ذلك، ليكون رأيه أمينا وصادقا، مضيفا أنه يجب عدم الاعتماد على رأي البلوجر لأنه قد يكون حصل على المال مقابل ذلك ويفتقد للمصداقية وهمه الأول الربح، ويسوق لسلعة لا يعرف مكوناتها ولا خاماتها ولا درجة جودتها.

ولفت إلى بعد مهم وهو مراعاة الفروق الفردية بين الأشخاص وأذواقهم الشخصية، وكذلك عدم الانسياق بالمشاعر والرغبة بسبب كلمات جميلة وفيديوهات مصورة خضعت للمونتاج وإعادة التصوير لبعض المقاطع أكثر من مرة وكذلك التجمع والتركيب لخلق نوع من الإثارة والتشويق على منصات التواصل الاجتماعي.

وأكد أن هذه الظاهرة لن تنتشر كثيرا لأن الجمهور الآن بات متفتحا ويعي المحتوى الذي يقدم له، وقد يكون هناك بعض الإقبال في البداية لكن التجربة ستكشف الحقيقة، وتعرض الشخص للموقف على أرض الواقع واكتشاف حالة الغش والتدليس يجعله يعيد حساباته.

إعلان إبداعي

فيما يقول الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن الـ"فود بلوجر"، إعلان إبداعي في كثير من الأحيان، فكل شخص له القدرة على إيصال فكرة للعميل بطريقة تجذب عقله وعينيه لينجح إعلانه، وهناك البعض ينجح في ذلك والبعض الآخر يفشل، موضحا أن هذا يعتمد على سلوك مستخدم وسائل التواصل الاجتماعي الذي يبحث عن محتوى خفيف سريع في مدته الزمنية، ويعتمد على الجذب والإبهار وخطف العين بأشكال الأطباق ورد الفعل والمكان حتى إذا كان على أرض الواقع خلاف ذلك.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه كلما نجح الـ"بلوجر" في ذلك كلما حقق هدفه، وذلك اعتمادا على الصورة التي يوصلها للمتابعين، وما بعد ذلك مسؤولية المحل أو المكان قد ينجح أو يفشل طبقا للإمكانيات وقدرته على تقديم خدمة جيدة للمستهلكين، مضيفا أن المحتوى له ضوابط طالما أنه لا يهين نفسه أو يهين العمل ولا يقدم إسفافا، فلا مشكلة به، لكن إن تحول لمحتوى مضلل وتنمر وبأسلوب غير لائق وتجاوز فهنا المشكلة كلها.

وأكد أن هناك تصرفات قد تكون معيبة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل التنمر على الآخرين والسخرية من كبار السن وارتداء ملابس غير مناسبة، وكذلك القيام بخدع سمجة أو "مقالب"، تحت ذريعة الكوميديا وإضحاك المتابعين، وهذا كله من مساوئ "السوشيال ميديا"، مضيفا أن مقدم هذا النوع من المحتوى يجب أن يحاسب لأنه يهين الآخر أو يزعجه أو يتنمر عليه أو ينشر محتوى مضلل ويسيئ للآخر.

وأضاف أن البعض قد يلجأ لذلك بحثا عن الأموال، فالمكسب الذي يرونه والأرباح من هذه المحتويات هو ما يدفعهم لذلك، فيطمعون في الثراء السهل بهذا المحتوى الذي قد يتجاوز الحدود في بعض الأحيان، ويتدخل في الشئون الخاصة، وينشر ممارسات غير لائقة وملابس غير لائقة بحثا عن المشاهدات والأرباح والانتشار، وهو أكله أمر مشين وإسفاف يجب أن يتوقف، موضحا أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تعج بهذا النوع من المحتوى وتصدر "تريندات" وهمية لجذب المتابعين بعيدا عن القضايا الأساسية.

وأشار إلى أنه في الساعات الأخيرة تصدر التريند بيع أحد المطاعم، وظهر صاحبه يروي كواليس ما تعرض له وإجباره على بيع المطعم، وهو أمر غير مهم للكثير من المتابعين لكن صفحات التواصل الاجتماعي اهتمت بالأمر بطريقة مبالغ فيها، موضحا أن هذا الأمر معتاد على هذه المنصات التي تروج لحظيا لعشرات من "التريندات" وما أن تنتهي حتى يبدأ غيرها، وقد يكون مدفوعا، وهو أمر يجب ضبطه من خلال وسائل مختلفة قد تحتاج لتدخل الدولة في ظل كم هائل من الشائعات التي تنتشر في هذا الوقت الراهن من الأحداث الإقليمية.