تُعد قصيدة « لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي»، للشاعر الحلاج، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «الحلاج» كأحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة « لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي».
وتعتبر قصيدة «لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي»، من أبرز ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 19 بيتًا، علاوة على تميز شعر الحلاج، بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
نص قصيدة «لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي»:
لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي
لَبَّيكَ لَبَّيكََ يا قَصدي وَمَعنائي
أَدعوكَ بَل أَنتَ تَدعوني إِلَيكَ فَهَل
نادَيتُ إِيّاكَ أَم نادَيتَ إِيّائي
يا عَينَ عَينِ وَجودي يا مدى هِمَمي
يا مَنطِقي وَعَبارَتي وَإيمائي
يا كُلَّ كُلّي وَيا سَمعي وَيا بَصَري
يا جُملَتي وَتَباعيضي وَأَجزائي
يا كُلَّ كُلّي وَكُلُّ الكُلِّ مُلتَبِسٌ
وَكُلُّ كُلِّكَ مَلبوسٌ بِمَعنائي
يا مَن بِهِ عَلِقَت روحي فَقَد تَلِفَت
وَجداً فَصِرتُ رَهيناً تَحتَ أَهوائي
أَبكي عَلى شَجَني مِن فُرقَتي وَطَني
طَوعاً وَيُسعِدُني بِالنَوحِ أَعدائي
أَدنو فَيُبعِدُني خَوفي فَيُقلِقُني
شَوقٌ تَمَكَّنَ في مَكنونِ أَحشائي
فَكَيفَ أَصنَعُ في حُبٍّ كُلِّفتُ بِهِ
مَولايَ قَد مَلَّ مِن سُقمي أَطِبّائي
قالوا تَداوَ بِهِ فَقُلتُ لَهُم
يا قَومُ هَل يَتَداوى الداءُ بِالدائي
حُبّي لِمَولايَ أَضناني وَأَسقَمَني
فَكَيفَ أَشكو إِلى مَولايَ مَولائي
إِنّي لَأَرمُقُهُ وَالقَلبُ يَعرِفُهُ
فَما يُتَرجِمُ عَنهُ غَيرُ إيمائي
يا وَيحَ روحي وَمِن روحي فَوا أَسفي
عَلَيَّ مِنّي فَإِنّي أَصِلُ بَلوائي
كَأَنَّني غَرِقٌ تَبدوا أَنامِلَهُ
تَغَوُّثاً وَهوَ في بَحرٍ مِنَ الماءِ
وَلَيسَ يَعلَمُ ما لاقَيتُ مِن أَحَدٍ
إِلّا الَّذي حَلَّ مِنّي في سُوَيدائي
ذاكَ العَليمُ بِما لاقَيتُ مِن دَنَفٍ
وَفي مَشيئَتِهِ مَوتي وَإِحيائي
يا غايَةَ السُؤلِ وَالمَأمولِ يا سَكَني
يا عَيشَ روحِيَ يا ديني وَدُنيائي
قُلي فَدَيتُكَ يا سَمعي وَيا بَصَري
لِم ذي اللُجاجَةُ في بُعدي وَإِقصائي
إِن كُنتَ بالغَيبِ عَن عَينَيَّ مُحتَجِباً
فَالقَلبُ يَرعاكَ في الإِبعادِ وَالنائي