الأحد 24 نوفمبر 2024

ثقافة

أبو القاسم الشابي.. شاب خلّده الشعر

  • 9-10-2024 | 18:00

شاعر الخضراء أبو القاسم الشابي

طباعة
  • دعاء برعي

تحل اليوم ذكرى وفاة الشاعر العربي التونسي أبو القاسم الشابي، الملقب بشاعر الخضراء والذي عرف عن شعره انتمائه إلى مدرسة العصر الحديث، ونبع من قوة إحساسه، حيث إن أسلوبه في الشعر محسوسًا كون الروح التي تسري فيه تحاصر القارئ فلا يعرف تحديد موضع القوة فيه، هذه القوة التي توجهه توجيهًا خطابيًا فلم يستطع التحرر من تلك الصفة التي أخذها على الشعر العربي.

ولد أبو القاسم الشابي في 24 فبراير 1909 بقرية الشَّابِّية بمحافظة توزر عاصمة الواحات بالجنوب التونسي، وانتمي لأسرة متدينة مثقفة، حيث جاء والده الشيخ محمد الشابي إلى مصر وهو في الثانية والعشرين من عمره، وتلقى علمه في الجامع الأزهر بالقاهرة، ومكث فيها سبع سنوات إلى أن عاد بعدها إلى تونس يحمل إجازة الأزهر، ثم تزوج وأنجب ابنه البكر أبو القاسم الشابي، وكان والده محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمنزل والمحكمة حيث كان قاضيًا، وهو الجو الديني الذي نشأ فيه أبو القاسم الشابي.

وكان الشابي يعلم على أثر تخرجه في الزيتونة أو قبلها بقليل أن قلبه مريض، ولكن أعراض الداء لم تظهر عليه واضحة إلا في عام 1929 وكان والده يريد زواجه، وللتوفيق بين رغبة والده ومقتضيات حالته الصحية، استشار الشابي طبيباً لم يكن قد مضى على ممارسته الطب يومذاك سوى عامين وبسط الدكتور للشابي حالة مرضه وحقيقة أمر ذلك المرض غير أن الدكتور حذر الشابي على أية حال من عواقب الإجهاد الفكري والبدني وبناء على رأي الدكتور وامتثالاً لرغبة والده عزم الشابي على الزواج وعقد قرانه.

وتأتي ضمن الأمثلة الكثيرة من شعره التي يشعرك فيها بأنه واقف بين قومه يلقنهم تعاليمه أو يصب عليهم جام غضبه ونقمته قوله: "أيها الشعب! ليتني كنت حطابًا فأهوي على الجذوع بفأسي! أنت روح غبية، تكره النور، وتقضي الدهور في ليل ملس".

وحين نتأمل شعر الشابي في ذكره للطبيعة نجده يصفها وصف المعبود، وينظر إليها بعاطفة رفيعة تنبعث من مشاركته لظواهرها والاندماج معها. وتصل به هذه العبادة إلى حد الموت الفاني في جمالها، ما ندرك معه مدى شدة تركيب شعوره، لأنه لم يتذوقها إلا بعميق إحساسه حتى أنه يبعث من الطبيعة دفئًا وحنانًا، وهو يظهرها في كامل بهائها بما تملكه عباراته من قدرة على الإحياء.

أما عن شعر الشابي للمرأة فنجد أنه صادر عن نفسه المحرومة، فكان يتغنى في المرأة كمثل أعلى.

ترك الشابي 132 قصيدة ومقالة نشرت في مجلات مختلفة في مصر وتونس لكنه لم يفلح على الرغم من ثلاث محاولات قام بها، لنشر ديوانه، وهو مجموعة من القصائد التي اختارها قبل وقت قصير من وفاته، ونُشرت فعليًا فقط في عام 1955 بالقاهرة بعد 21 عامًا، وتم ذلك بفضل شقيقه الأمين، الذي ساعده الشاعر المصري  أحمد زكي أبو شادي فنان الرسوم المتحركة لإحدى المجلات، وقد تُرجم الديوان إلى عدة لغات، وأُعيد إصداره في عدة مناسبات، لا سيما بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لوفاته، مع مقدمة كتبها الأمين الشابي، ويُنظر إلى الشابي على انه "الشاعر الصوفي والقومي والثوري والفيلسوف"

وفي 24 أكتوبر عام 2010، فاز الفيلم التونسي أبو القاسم الشابي، شاعر الحب والحرية (2009) في سباق الجائزة الكبرى لمهرجان خريبكا السينمائي الدولي. وهو فيلم وثائقي مدته أربعين دقيقة من إخراج وإنتاج هاجر بن نصر كما فاز أيضًا بجائزة لجنة تحكيم نور الدين كاشتي للنقد.

ومن قصائد أبو القاسم الشابي التي ترجمت أكثرها إلى الفرنسية من قبل أمير غديرا "يا حب، وتونس الجميلة، والحرب، وشكوى اليتيم، وأغنية الرعد، والشعر، ونهر الحب، ومن أمس إلى اليوم، وتألق الحقيقة، والخيال الشعري عند العرب، وفي قلبي الكثير، والله، ويا ابن أمي، والنبي المجهول، وصلوات في معبد الحب، والرعوية، وإرادة الحياة، وأغنياتي، وتحت الفروع، والاعتراف، وقلب الشاعر، وإلى طغاة العالم، وأغاني الحياة، ومجلة، ومراسلات".

أما عن قصائده المغناة، فكانت جزء من قصيد إرادة الحياة في النشيد الوطني التونس، وقصيدة إرادة حياة كاملة لعدد كبير من المغنين والمنشدين العرب، وكذا قصيدة إلى طغاة العرب الذي تغنت بها لطيفة، وقصيدة يا جراح، وقصيدة عذبة أنت التي غناها الفنان محمد عبده، وقصيدة ألا انهض وسر التي غنتها ماجدة الرومي، وقصيدة الراعي غناء فيروز.

الاكثر قراءة