السبت 12 اكتوبر 2024

حكومة الحرب الإسرائيلية.. نداء الوحدة أم فخ نتنياهو؟

جالانت يتوسط جانتس ونتنياهو

تحقيقات12-10-2024 | 10:21

محمود غانم

بعد هزيمة مدوية تعرض لها جيش الاحتلال الإسرائيلي، إثر هجوم الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023، جاءت حكومة الحرب الإسرائيلية بغرض صناعة أمجاد تضاهي الحاصل من سابقاتها، وتلم الشمل المفرق، لكن النتيجة كانت عكس ذلك تمامًا، حتى قيل أنها "جاءت لتصنع الأمجاد فوقفت على الأطلال".

 

حكومة الحرب الإسرائيلية

وافق أمس ذكرى الـ11 من أكتوبر، والذي وافقه في العام الماضي 2023 إعلان قيام حكومة طوارئ "حرب" في إسرائيل، من أجل قيادة حالة الحرب التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية ضد حركة حماس في قطاع غزة، عقب عملية طوفان الأقصى.

وقد ضمت تلك الحكومة كلًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت، ورئيس هيئة الأركان السابق بيني جانتس، بالإضافة إلى مشاركة قائد الأركان السابق جادي آيزنكوت، ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر.

جاءت تلك الحكومة بناءًا على صرخات نتنياهو، الداعية إلى لم الشمل الإسرائيلي، تحت شعار القضاء على حركة حماس، وشل قدراتها العسكرية، وإعادة المحتجزين بالقطاع، وهو ما فشلت في تحقيقه، مما ساهم في تصدعها سريعًا، بل زادت الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي.

بيد أن محللين فسروا صرخات نتنياهو تلك، بأنها لا ترمي إلى لم الشمل، بل تريد توزيع مسؤولية النتائج التي ستؤول إليها الحرب على عدة أطراف عند إقامة لجان تحقيق رسمية بعد انتهاء الحرب.

 

حكومة متصدعة

منذ اللحظة الأولى لقيام تلك الحكومة، شهدت خلافات داخلية بشكل متزايد في العديد من الملفات المرتبطة بالحرب على غزة، ومن ذلك طريقة تعامل نتنياهو مع ملف المحتجزين، حيث كان كلًا من بيني جانتس وجادي آيزنكوت يدعمان التوصل إلى صفقة مع حركة حماس لإعادة المحتجزين الإسرائيليين، فيما كان نتنياهو يعمل على عرقلة ذلك.

ففي الـ27 من مايو الماضي، وافق جميع أعضاء الحكومة على مقترح لإعادة المحتجزين، لكن نتنياهو رفض عرض المقترح على المجلس الوزاري الموسع، على عهدة آيزنكوت، مفسرًا ذلك بأن هناك اثنين من شركائه "يمسكانه من رقبته"، في إشارة إلى الوزيرين إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين رفضا الصفقة وطالبا بالاستيطان في غزة.

ولم يقتصر صراع نتنياهو مع جانتس وآيزنكوت فقط، بل خاض غمار صراع آخر مع وزير دفاعه يوآف جالانت، بشكل كان جليًا على علن، حتى وصل الأمر إلى منعه أحيانًا من الاجتماع مع رئيسي جهازي الاستخبارات "الموساد" والأمن الداخلي "الشاباك".

يُضاف إلى ذلك، رفض نتنياهو طلب جانتس بوضع خطته "لليوم التالي" للحرب، لكن الأول كان يسعى لإطالة أمد الحرب بأقصى قدر ممكن، إثر تهديدات وزير الأمن القومي وزعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف إيتمار بن جفير، ووزير المالية وزعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة في حال التوصل لاتفاق مع حركة حماس، وفي حال حصول تلك التهديدات فستسقط الحكومة الإسرائيلية، ما يعد تهديد لمستقبل نتنياهو السياسي، الذي يعتبره أولوية.

وحول تلك القضية تزايد الخلاف أكثر بين نتنياهو وجانتس، حتى هدد الأخير بأنه سيستقيل من حكومة الحرب، إذا لم يوافق الأول على خطة لفترة ما بعد الحرب في غزة بحلول الثامن من يونيو.

 

سقوط سريع

وفي التاسع من يونيو الماضي، قدم جانتس وآيزنكوت استقالتهما من الحكومة، بسبب سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي التي تعيق قرارات إستراتيجية مهمة لاعتبارات سياسية، حسبما ذكروا.

واستقال كل وزير على حده، ففي البداية قدم جانتس استقالته من الحكومة، معللًا ذلك بالقول: "نتنياهو يمنعهم من التقدم نحو تحقيق النصر الحقيقي"، ولم تمض سوى دقائق حتى أعلن آيزنكوت، هو الآخر تقديم استقالته، متهمًا نتنياهو بتجنب اتخاذ قرارات حاسمة لتحقيق أهداف الحرب.

بالمقابل، علق نتنياهو على ذلك بالقول: "ليس الوقت المناسب للانسحاب، بل وقت توحيد القوى"، مضيفًا: "بابي سيظل مفتوحًا أمام أي حزب صهيوني مستعد للمساعدة في تحقيق النصر على أعدائنا، وضمان سلامة مواطنينا".

وفي الـ17 من الشهر نفسه، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو حل حكومة الحرب، دون أن تحقق أهدافها التي جاءت من أجلها، وذلك بعد طلب وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الانضمام إليه، عقب استقالة الوزيرين جانتس وآيزنكوت.

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلفت ما يزيد عن 140 ألفًا بين شهيدًا وجريح، بينما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

إلى ذلك، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي حول قطاع غزة إلى ساحة قتال ثانوية لأول مرة منذ 7 أكتوبر 2023، وهو تاريخ بدء إسرائيل حربها المدمرة على القطاع المحاصر، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن معظم الاهتمام والموارد لدى جيش الاحتلال موجهة حاليًا إلى لبنان.