الأحد 20 اكتوبر 2024

صحيفة يابانية: قوة بريكس الاقتصادية تجعلها لاعبا رئيسيا في الحوكمة العالمية مستقبلاً

البريكس

عرب وعالم20-10-2024 | 21:32

دار الهلال

سلّط مقال نشرته صحيفة "جابان تايمز" اليابانية، اليوم الأحد، الضوء على صعود مجموعة بريكس التي تعقد بعد غد أول قمة لها بعد توسعها، وعلى أهميتها في عالم متعدد الأقطاب وما تتميز به من مقومات اقتصادية تؤهلها لتكون لاعباً رئيسياً في الحوكمة العالمية مستقبلاً. 

وبدأ براهما تشيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية الفخري في مركز أبحاث السياسات في نيودلهي والزميل في أكاديمية روبرت بوش في برلين، مقاله مؤكدا: "إنه فجر عصر جديد من العلاقات الدولية".

وأضاف أنه مع تراجع حصة الغرب في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبينما يتحرك العالم نحو التعددية القطبية أكثر فأكثر، تتدافع البلدان لترسيخ مواقعها في النظام الناشئ. ويشمل هذا كلاً من الاقتصادات الناشئة ــ ممثلة في مجموعة بريكس التي توسعت مؤخراً ــ التي تسعى إلى الاضطلاع بدور قيادي في صياغة قواعد النظام الجديد، والبلدان الأصغر حجماً التي تحاول تنمية علاقات قادرة على حماية مصالحها.

واعتبر أن مجموعة بريكس صارت رمزاً للتوق إلى نظام عالمي أوسع تمثيلاً، وطريقة للتحوط ضد المؤسسات التي يقودها الغرب، ووسيلة للإبحار في أمواج حالة عدم اليقين الجيوسياسي المتنامية. 

وقال إن كل هذا أثبت جاذبيته الشديدة، مستدلاً بتوسع المجموعة في وقت سابق من هذا العام من خمس دول هي البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب إفريقيا إلى عشر دول بعد انضمام مصر والمملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا وإيران، كما تقدمت نحو ثلاثين دولة أخرى ــ منها تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، وتايلاند والمكسيك الشريكتان الوثيقتان للولايات المتحدة، وإندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم ــ بطلبات للانضمام.

وفي حين يسلط تنوع أعضاء المجموعة (والمتقدمين بطلبات الانضمام) الضوء على الجاذبية الواسعة التي تتمتع بها مجموعة البريكس، فإنه يفرض تحديات أيضاً؛ فمع اختلاف الأنظمة السياسية والاقتصادات والأهداف الوطنية، سيتطلب إرساء هوية وأجندة مشتركة جهداً مستداماً، بحسب الخبير الهندي.

وعلاوة على ذلك، أظهرت مجموعة بريكس مرونة كبيرة؛ فقد كان المحللون الغربيون يتوقعون منذ البداية أن تتفكك المجموعة أو تصير عديمة الأهمية، إلا أن قمة مجموعة بريكس الموسعة التي تعقد هذا الشهر في كازان الروسية ــ وهي الأولى منذ التوسع ــ قد تسفر عن التحرك نحو مزيد من التوسع؛ لأنها تؤكد فشل الغرب في عزل روسيا بعد عمليتها العسكرية لأوكرانيا في عام 2022.

ووفقاً لكاتب المقال، فإن هذا لا يعني التقليل من شأن تحدي التماسك؛ فالأعضاء المؤسسون للمجموعة لا يتفقون حول أهداف أساسية: ففي حين تريد الصين وروسيا قيادة تحدٍ مباشر للنظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة، تسعى البرازيل والهند إلى إصلاح المؤسسات الدولية القائمة وتبدوان غير مرتاحتين لأي توجه معادٍ للغرب. ويشير هذا إلى أن الضغوط الداخلية ستكون كبيرة على مجموعة بريكس+ لرسم أرضية مشتركة، والتركيز على إضفاء الطابع الديمقراطي على النظام العالمي، بدلاً من تحدي الغرب.

ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بتعزيز الثقة المتبادلة مع البلدان النامية، فإن الغرب لم يقدم لنفسه أية خدمة في الآونة الأخيرة. بل على العكس من ذلك، تسبب استخدامه للتمويل كسلاح ومصادرته للفائدة المكتسبة على أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في تعميق القلق في دول العالم غير الغربية. ونتيجة لهذا، يبدو أن عدداً متزايداً من البلدان مهتماً باستكشاف ترتيبات بديلة؛ ومنها آليات جديدة للدفع عبر الحدود، كما تعيد بعض الدول أيضاً تقييم اعتمادها على الدولار الأمريكي في المعاملات الدولية والاحتياطيات.

ومجموعة البريكس منخرطة بالفعل في بناء المؤسسات، فبعد أن أنشأت في عام 2015 بنك التنمية الجديد، الذي وضعت الهند تصوراً له ومقره في شنغهاي، الذي لا يعد فحسب أول بنك تنمية متعدد الأطراف في العالم تنشئه وتقوده اقتصادات ناشئة؛ بل هو أيضاً البنك الوحيد الذي يظل أعضاؤه المؤسسون مساهمين بالتساوي ولهم صوت متساوٍ، حتى مع انضمام المزيد من البلدان. ​​وعلى النقيض من ذلك، فإن الولايات المتحدة هي المساهم المهيمن وتتمتع بحق النقض في البنك الدولي.

ولفت كاتب المقال إلى أن مجموعة البريكس الموسعة تذخر بنفوذ عالمي هائل، فهي تتفوق على مجموعة الدول السبع الكبرى من حيث الحجم الديموغرافي (تضم نحو 46% من سكان العالم، مقارنة بنحو 8.8% لمجموعة الدول السبع الكبرى)، ومن حيث الحجم الاقتصادي (حيث تمثل 35% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مقارنة بنحو 30% لمجموعة الدول السبع الكبرى). ومن المرجح أيضًا أن تشكل اقتصاداتها المصدر الأهم للنمو العالمي في المستقبل.

واختتم الخبير الهندي مقاله قائلاً: "نعم، تواجه المجموعة تحديات كبيرة، ليس أقلها الاتحاد كي تصير قوة عالمية ذات مغزى وأهداف سياسية واقتصادية محددة وواقعية، لكن لديها أيضاً القدرة على أن تكون محفزاً لتجديد الحوكمة العالمية الذي طال انتظاره لتعكس صورة أفضل لحقائق القرن الحادي والعشرين".