دخلت العملية البرية التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، عامها الثاني، دون أن تقدم ما يثبت قرب تحقيق غايتها منها، حيث ما زال القتال يتواصل في نواحي متفرقة من القطاع، مع فصائل المقاومة الفلسطينية، التي تؤكد على جاهزيتها لخوض حرب استنزاف طويلة.
في غضون ذلك، يؤكد اللواء محمد زكي الألفي، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن فصائل المقاومة الفلسطينية عبارة عن "تنظيم" يقاتل بشكل "حرب العصابات"؛ حيث لا تتجمع بمنطقة واحدة، كالجيوش النظامية، بل يكون عملها على شكل مجموعات صغيرة في مواجهة هذا العدو.
هذا بالإضافة إلى أن "الفصائل" تمتلك القدرة على القتال "تحت الأرض"، وذلك من خلال شبكة الأنفاق التي تمتلكها في مختلف أرجاء القطاع، وفي الوقت نفسه، تعطي لها القدرة على الخروج من أي منطقة في الوقت الذي تريده، بشكل يتفاجئ به العدو، بحسب ما يذكره "الألفي" في حديثه لـ"دار الهلال".
وبجانب ذلك، يوضح أن "الفصائل" تفعل نظام "الكمائن" ضد العدو، فضلًا عن أنها قادرة على صنع أنواع مختلفة من العبوات والذخائر، التي تصنع بشكل يدوي، ناهيك عن أنها تمتلك مخزونها من الأسلحة، لكنها في المقابل أغفلت الوقاية والتأمين لـ شعبها.
ويجزم الخبير العسكري والاستراتيجي بأن معظم الأسلحة التي تمتلكها "الفصائل" هي إسرائيلية في الأصل، حيث تهرب بواسطة الإسرائيليون أنفسهم إلى القطاع، هذا بالإضافة إلى قدرة "الفصائل" على إعادة تدوير مخلفات الحرب الإسرائيلية، فعلى سبيل المثال "من الممكن أن يفكك لغم أو غيره؛ ليحصل على العبوات التي بداخله، ويجعلها عبوة متفجرة".
ويؤكد على أن دخول العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، عامها الثاني؛ لا يعكس إلا أن السيناريو القائم هو "حرب استنزاف" ليس لـ إسرائيل فحسب، بل لكلا الطرفين، لكن للأولى بشكل خاص؛ لأنها استهلكت الكثير من مواردها، لا سيما اقتصادها.
وفي الـ7 من أكتوبر العام الماضي، هاجمت حركة حماس 11 قاعدة عسكرية، و22 مستوطنة إسرائيلية بمحاذاة غزة، في إطار الرد على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى، حسبما ذكرت.
وقد كبدت العملية إسرائيل خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم، ومثلت ضربة قاصمة للجيش، الذي لطالما ادعى بأنه لايقهر، بالإضافة إلى تمريغ وجه الموساد الإسرائيلي بطين، كل ذلك جعلها تشن حرب مدمرة ضد قطاع غزة، تحت ذريعة القضاء على "حماس" خلفت حتى الآن ما يزيد عن 144 ألفًا بين شهيدًا وجريح، جلهم من النساء والأطفال.
بينما بدأت عمليتها البرية في القطاع في الـ27 من أكتوبر العام الماضي، بعد قصف دام استمر نحو ثلاثة أسابيع على مختلف أرجاء القطاع من البر والبحر والجو، وكان في اعتقاد إسرائيل أن أيام قلائل كافية لإنهاء كل شئ هناك، بما يعيد لها "قوة الردع"، لكن باتت غزة في غضون عام كامل مستنقع تعجز عن الخروج منه.