رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن إسرائيل تحدت الإدارة الأمريكية بتمرير "الكنيست" تشريعا يحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) خاصة بعد تحذيرها أن التشريع قد يؤدي إلى أزمة إنسانية أكبر في قطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الثلاثاء أن معظم أحكام القوانين لن تدخل حيز التنفيذ لمدة ثلاثة أشهر، ولم تتضح عواقبها القانونية الكاملة على الفور لكنها قد تعيق عمل الأونروا في غزة، حيث لعبت وكالة الإغاثة دورا حاسما في تنسيق المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها.
وأضافت أن إسرائيل انتقدت الأونروا لعقود من الزمان، بحجة أن عملها في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين وذريتهم أدى إلى استمرار الصراع الإقليمي الطويل الأمد مع إسرائيل.
وقد اتهمت الحكومة الإسرائيلية عددا من موظفي الوكالة البالغ عددهم 13 ألف موظف في غزة بالمشاركة في الهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر من العام الماضي والتي أشعلت فتيل الحرب المستمرة حاليا.
وأشارت الصحيفة إلى أن التشريع الذي أقره الكنيست مساء أمس الاثنين، يدفع عمليات الوكالة إلى منطقة محفوفة بالمخاطر وغير معروفة، مضيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتعرض لضغوط من قبل حلفاء إسرائيل خاصة الولايات المتحدة، لعدم التحرك ضد الوكالة، ولم يكن من الواضح كيف أو ما إذا كان القانون سوف يتم تنفيذه في نهاية المطاف.
وانتقدت العديد من الحكومات بما في ذلك ألمانيا وإسبانيا تمرير مشاريع القوانين على الفور ، حيث أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في بيان عن "قلقه للغاية"، مؤكدا أن التصويت يهدد "الاستجابة الإنسانية الدولية بأكملها" في غزة.
وقال فيليب لازاريني، مدير عام الأونروا، إن الخطوة التي اتخذها الكنيست "غير مسبوقة وتشكل سابقة خطيرة"، مضيفا :" لن تؤدي هذه المشاريع إلا إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، وخاصة في غزة حيث يمر الناس بأكثر من عام من الجحيم".
وقال أيضًا إن هذه الخطوة تنتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، وهو الاتهام الذي رفضه المشرعون الإسرائيليون.
وبموجب التشريع الجديد، لن تتمكن الأونروا من "تشغيل أي مكتب تمثيلي، أو تقديم أي خدمة، أو إجراء أي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الأراضي التي تخضع لسيادة لإسرائيل. كما تمنع أي وكالة حكومية إسرائيلية من الاتصال بالأونروا أو أولئك الذين يعملون نيابة عنها.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لعقود من الزمان، تدير الأونروا مدارس وعيادات في الضفة الغربية المحتلة وغزة، فضلاً عن بعض الدول العربية المجاورة، وقد تجبر هذه القوانين الأونروا على إغلاق مكتبها في القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 .
وبينما لم تُعرف العواقب الكاملة لهذه القوانين بعد، فإن الأونروا ستكافح من أجل جلب أعضاء من الموظفين الدوليين إذا مُنعت الوكالات الحكومية الإسرائيلية من منحهم تأشيرات عمل. ومن غير الواضح كيف ستنسق الوكالة حركة عمال الإغاثة التابعين لها في غزة مع الجيش الإسرائيلي، حتى بشكل غير مباشر، وفقا لما أوردته الصحيفة.
وقد حثت الولايات المتحدة وسبع دول أخرى، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إسرائيل في الأيام الأخيرة على عدم حظر الأونروا، باعتبار أن عملها حيوي للمدنيين في غزة. وقد قُتل أكثر من 230 من موظفي الوكالة منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عام.
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن حذرا إسرائيل في رسالة من أن "إقرار هذا التشريع قد يكون له آثار بموجب القانون الأمريكي".
وكانت تلك الرسالة قد هددت بقطع الأسلحة المحتملة ما لم تتخذ إسرائيل خطوات لتحسين الوضع الإنساني في غزة.
وقال ميلر للصحفيين أمس الاثنين، قبل وقت قصير من إقرار مشاريع القوانين: "قلقون للغاية بشأن هذا التشريع المقترح. إنهم يلعبون حقًا دورًا لا يمكن الاستغناء عنه الآن في غزة، حيث هم على الخطوط الأمامية لتوصيل المساعدات الإنسانية للأشخاص الذين يحتاجون إليها".
وأضاف ميلر: "نواصل حث حكومة إسرائيل على وقف تنفيذ هذا التشريع.. ونحثهم على عدم إقراره على الإطلاق.. وسوف ننظر في الخطوات التالية بناءً على ما يحدث في الأيام المقبلة".
ووفقا للصحيفة، عملت إسرائيل بشكل متزايد على منع الوكالة منذ يناير الماضي، عندما ادعت أن 12 من موظفيها البالغ عددهم 13000 في غزة شاركوا في هجمات 7 أكتوبر ولم تقدم إسرائيل سوى القليل من الأدلة لدعم هذا الادعاء.
وفي أغسطس الماضي، برأ محققو الأمم المتحدة 10 من موظفي الأونروا من المشاركة في هجمات 7 أكتوبر الماضي فيما ذكرت منظمات الإغاثة أن الجهود الإسرائيلية ضد الأونروا أضعفت الجهود الإنسانية في القطاع، حيث أدت الحرب إلى نزوح معظم السكان، وتدمير الصرف الصحي العام ونظام الرعاية الصحية، وجعلت الغذاء والمياه الصالحة للشرب نادرة كما حذر تقرير صادر عن خبراء هذا الشهر مرة أخرى من المجاعة.