نظمت لجنة الكتاب والنشر بالمجلس الأعلى للثقافة، حلقة نقاشية بعنوان "الخطة الاستراتيجية لتطوير صناعة الكتاب والنشر حتى عام 2030"، وأدارها مقرر اللجنة الدكتور شريف شاهين، وذلك تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتور أسامة طلعت.
وشارك في الندوة كل من: الدكتور خالد العامري؛ الأستاذ بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، وعضو لجنة الكتاب والنشر، والدكتور رؤوف هلال؛ أستاذ المكتبات والمعلومات بكلية الآداب جامعة عين شمس وعضو اللجنة، والمهندس فريد زهران؛ رئيس اتحاد الناشرين المصريين وعضو لجنة الكتاب والنشر، وذلك مساء أمس الإثنين الموافق 4 من شهر نوفمبر الجاري بقاعة الفنون بالمجلس.
تحدث الدكتور رؤوف هلال مؤكدًا أن عالم النشر يشهد الآن ثورة عظيمة، هي ثورة التحول من النظام التقليدي إلى النظام الإلكتروني، وعلى الرغم من أن هذه الثورة بدأت تأتى بثمارها على العالم الغربي، إلا إننا في مصر مازلنا لم نتخذ التدابير الكاملة لنقل هذه الثورة إلى مصر بأسلوب يتوافق مع إمكانيات بيئة النشر المصرية، هذه البيئة التي مازالت تعانى من كثير من العوائق التي تحول بينها وبين نشر وتوزيع الكتاب المصري بأسلوب تقليدي، وتابع متسائلًا: هل لنا أن نطمح في أن ننشر بالأسلوب الإلكتروني؟ وكيف يمكننا تحقيق ذلك في ظل التحديات التي تجهض رؤية المستقبل؟
وفى مختتم حديثه أكد أن أهمية خطة تطوير صناعة الكتاب والنشر تتمثل في العناصر التالية:
- التعرف على الإمكانات المتاحة في مجال النشر في مصر والتركيز على الميزة التنافسية لها.
- صورة للمستقبل الذي يمكن للآخرين أن يتخيلوه.
- تحفيز الأفراد العاملين في مجال النشر على القيام بالعمل في الاتجاه الصحيح.
- التخطيط للمستقبل والتعامل مع التحديات المختلفة.
- تنسيق الجهود من خلال تحديد وتعريف الأدوار المنوط بها جميع عناصر عملية النشر.
- الارتقاء بجودة الأداء وتوفير الوقت والجهد وترشيد التكاليف في الحاضر والمستقبل.
- تعزيز الاستغلال الأمثل للموارد المادية والبشرية والمواقع المتاحة.
- حفظ الفكر والجهد والوقت من التشتت.
- توجيه القرارات وترشيدها.
- الوقاية من الأزمات والكوارث المفاجئة.
عقب ذلك تحدث الدكتور خالد العامري مشيرًا إلى أن أبرز الغايات الاستراتيجية لتطوير صناعة الكتاب والنشر تتمثل في عدة عناصر مثل:
- الانتقال من مصاف الدول النامية إلى مصاف الدول المتقدمة.
- الحفاظ على هوية الشخصية المصرية.
- الحفاظ على القوى الناعمة للدولة الثقافية والإعلامية والعلمية.
- الحفاظ على الريادة المصرية.
- الحفاظ على الثروات القومية للدولة واستغلالها.
- حماية وحدة أراضي الدولة وحدودها.
- استقرار نظام الدولة الوطنية وثبات ركائزها التشريعية والتنفيذية والقضائية.
- تحسين مستوى المعيشة ونوعية الحياة للشعب.
- حماية المقدرات اللامتماثلة مثل الأجيال الجديدة، والعناصر البيلوجية ووسائل الاتصال وتغيُّر المناخ.
- الحفاظ على قوة الوطن وصلابته.
- التأكيد على ارتباط مؤسسات الدولة بالغايات الإستراتيجية للأمن القومي الشامل.
ثم أوضح في مختتم حديثه أن تطوير صناعة الكتاب والنشر يستلزم تطوير البيئة التشريعية والقانونية الحاضنة لهذه الصناعة، وذلك من خلال تقديم مشروع قانون لتطوير حماية الملكية الفكرية وتغليظ العقوبة للمخالفين، وتقديم مشروع قانون لاتحاد الناشرين المصريين لتنظيم مهنة النشر طبقًا للمستجدات، وتقديم مقترح بقوانين لتحفيز العمل بمهنة صناعة النشر، وكذلك تطوير البنية التحتية لكيانات النشر وانشاء وربط وتكامل قواعد البيانات الخاصة بالنشر، وتوطين وتطوير صناعة مدخلات النشر، عبر تقديم مشروعات رفع كفاءة البنية التحتية لدور النشر المصرية، من مطابع وخطوط إنتاج وكوادر فنية وأقسام ما قبل الطباعة بما يتماشى مع التطور التكنولوجي سواء على مستوى (الهارد وير) أو (السوفت وير)، بالإضافة إلى حث الكيانات المسئولة عن النشر والإبداع على عمل قواعد بيانات لحصر مصادر المعلومات المنشورة في مصر.
ختامًا تحدث المهندس فريد زهران، مستعرضًا أبرز العقبات التي تواجه الناشرين المصريين، والتي في حقيقة الأمر تمثل حجر عثرة يعرقل نمو وازدهار صناعة النشر في مصر، وأشار إلى أن إن النظر إلى الناشر على أنه مجرد تاجر في إطار القوانين المنظمة لصناعة النشر، ينم عن نظرة قاصرة تغفل الدور المحوري الذي يلعبه في عملية الإنتاج الثقافي؛ فبينما يقتصر دور التاجر على شراء سلعة وبيعها لتحقيق الربح، فإن الناشر يتجاوز هذا الدور بكثير؛ فهو بمثابة الحرفي الماهر الذى يصوغ مواد خام مختلفة كالورق والحبر لكى تمتزج مع الكلمات والأفكار، ومن ثم يحولها إلى منتج نهائي هو الكتاب، وبالتأكيد هذا المنتج ليس مجرد سلعة، بل هو عمل فني ومعرفي، يحمل في طياته قيمة مضافة تتجاوز قيمة المواد الأولية المستخدمة في إنتاجه؛ فالناشر كذلك لا يقتصر دوره على طباعة وتوزيع الكتب، بل إنه يتدخل في كل مراحل الإنتاج، بدءًا من اختيار المؤلفات ومراجعتها وتحريرها، وصولًا إلى تصميم الغلاف والتسويق والتوزيع.
وتابع مؤكدًا أن هذا الدور المعقد والمتعدد الأوجه للناشر يستحق أن يعترف به القانون، وأن يتم التعامل معه على أنه مُصنع حقيقي، وليس مجرد تاجر؛ فالمصنع لا يقتصر دوره على تجميع القطع الجاهزة، بل يقوم بتحويل المواد الخام إلى منتج جديد يمتلك قيمة مضافة وبالمثل؛ فإن الناشر يخلق قيمة جديدة من خلال عملية النشر، وهى قيمة تعود بالنفع على المجتمع بأسره، ليس فقط على الناشر ذاته، وأشار إلى أن اعتبار الناشر مصنّعًا سيكون له انعكاسات مهمة على صعيد السياسات الثقافية المصرية؛ فمن الضروري أن توفر الدولة للناشرين الدعم اللازم لتحقيق أهدافهم، وأن تشجع على الإنتاج الثقافي المحلى لا أن تنافس الناشرين منافسة غير عادلة، وأن تحمى حقوق الملكية الفكرية. كما يجب أن تعمل على تسهيل الإجراءات البيروقراطية التي تواجه الناشرين، وأن توفر لهم التمويل اللازم لتطوير أعمالهم.
وفى مختتم حديثه أكد رئيس اتحاد الناشرين المصريين أن دعم صناعة النشر هو استثمار في المستقبل، فهو يساهم في بناء مجتمع معرفي، ويدعم التنمية الثقافية، ويعزز الهُوية الوطنية؛ لذا فيتوجب على مؤسسات الدولة أن تدرك أهمية دور الناشر، وأن يتم مراعاة ذلك من خلال توفير بيئة محفزة للإبداع والإنتاج الثقافي.