إن الجريمة على مر العصور في تطور مستمر بتطور الإنسان، ووسائل ارتكابها، والقصد الإجرامي لدى المجرم الذي تتوافر لديه الإرادة والقصد لارتكاب الفعل الإجرامي الذي هو السلوك الذي يسلكه شخص المجرم لتحقيق الهدف الإجرامي، باعتباره الهدف والنتيجة التي يسعى المجرم لتحقيقها والتي تنصب بغير شك على الغير؛ كشخص، أو مجتمع أو الدولة التي يقع فيها الفعل الإجرامي، وهو الأمر الذي يكافحه المشرع في الدولة من خلال عدد من القواعد القانونية التي تم الإقرار بها لغرض مكافحة الجرائم التي تتم ممارستها، في حق المجتمع بصورة عامة للحد من الجرائم وحماية الحقوق الخاصة والعامة، من خلال إقرار عقوبات يتم توقيعها على شخص مرتكب السلوك الإجرامي والتي تحقق الرد عين العام والخاص.
ولما كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد تطورت بصورة كبيرة جعلت من العالم كله مجتمع واحد، تخطت الحدود الجغرافية وحققت تقارب بين الشعوب بكافة عقائدها ومعتقداتها، وهو ما يستغله عدد من الأشخاص الذين يحرصوا دائما على تطوير السلوك الإجرامي بما يتناسب مع هذه التجمعات المتنوعة، وحرصوا على استغلال تلك الوسائل المتطورة لتسهيل ارتكابهم للجرائم بالطريقة التي يصعب معها تطبيق القوانين والتشريعات التي تكافح الجريمة وتترصد مرتكب السلوك الإجرامي.
ويأتي ذلك، نظراً لأن وسائل التواصل الاجتماعي توفر لهم مميزات يبتغيها المجرم فيما يتعلق بغموض شخص مستخدمها وتجهيل لشخصه، وهو ما أظهر عجز القوانين والضوابط التي وضعتها الدول لحفظ الحقوق الخاصة والعامة ومكافحة الجريمة، وهو ما يستوجب توافر إرادة لدى الدولة للعمل على تطوير القوانين والأنظمة التي تكافح الجرائم لتجابه هذا التطور الحاصل في الجريمة والسلوك الإجرامي بالطريقة، التي تضمن تحقيق التوازن بين العقوبات التي أصبحت غير رادعة وبين الفعل الإجرامي، الذي أصبح بما أصابه من تطور أسهل بكثير عن ما كان عليه في الماضي، نظراً لما يتمتع به من المجرم من إبهام وغموض لشخصيته الحقيقة لاستخدامه هذه الوسائل الحديثة باحترافية وحيطة وحزر إجرامي دقيق.
وذلك إضافة إلى وجود عدد من العوامل التي يجب أن تضعها الدولة في الحسبان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، أن تلك الحماية بما توفره من أمان من العقاب أدت إلى تكون شبكات إجرامية متكاملة لعدد من الأشخاص لكل منهما دور إجرامي محدد ترتب عليها جرائم مركبة تتم من خلال تلك الشبكات وزعت فيها التصرفات الإجرامية، فجعلت من الجرائم التي ترتكب من خلالهم أشد أثرا من تلك الجرائم الفردية، وجعلت من طرق مكافحتها الحالية أدوات عاجزة حين اصطدمت بمجموعات دعم وتمويلات بمبالغ مالية كبيرة، وفرت لها القوة والانتشار وجعلت من أثارها ما يشكل خطورة على المجتمع بأثره.