صوت نواب بالجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب) اليوم الأربعاء على حجب الثقة عن الحكومة؛ لتكون بذلك حكومة ميشيل بارنييه أول حكومة فرنسية تُجبر على الخروج من السلطة من خلال تصويت بحجب الثقة منذ أكثر من 60 عاما، ما سيدفع البلاد إلى أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة.
وصوت نواب بالجمعية الوطنية لصالح مذكرة التحالف اليساري "الجبهة الشعبية الجديدة" من أجل حجب الثقة عن الحكومة، في ظل خلاف مع رئيس الوزراء بشأن موازنة الدولة لعام 2025، وتم اعتماده بأغلبية 331 صوتاً.
ولم يكن لهذا المقترح فرصة لاعتماده إلا بدعم من نواب حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف (حيث يلزم 289 صوتا في الجمعية الوطنية لإقراره)، لتتم بذلك الإطاحة بالحكومة الفرنسية التي لم تدم سوى نحو ثلاثة أشهر، وتكون هذه المرة الأولى يتم فيها حجب الثقة عن حكومة فرنسية منذ 1962.
ولم يتم الإطاحة بأي حكومة فرنسية عبر مذكرة حجب ثقة منذ سقوط حكومة جورج بومبيدو في 1962، إلا أن هذا الاستقرار السياسي للبلاد أصبح مهددا بعد أن لجأ رئيس الوزراء ميشيل بارنييه الاثنين الماضي إلى استخدام المادة 49.3 من الدستور الفرنسي لتمرير مشروع قانون ميزانية الضمان الاجتماعي ضمن موازنة الدولة للعام القادم.
وعارض نواب من اليسار واليمين المتطرف مشروع الميزانية الذي تقدمت به حكومة بارنييه التي تسعى لكبح العجز المالي، الذي يُتوقع أن يتجاوز 6% من الناتج القومي هذا العام، من خلال توفير 60 مليار يورو عن طريق زيادة الضرائب وخفض الإنفاق.
لكن بعد أن قام بارنييه بتمرير قانون تمويل الضمان الاجتماعي دون تصويت برلماني من خلال هذه المادة الدستورية 49.3 التي يتمتع بها ضمن صلاحياته التنفيذية، وضع بارنييه حكومته أمام خطر حجب الثقة، خاصة من قبل المعارضة اليسارية واليمين المتطرف.
وبالفعل تقدمت المعارضة اليسارية (بنوابها البالغ عددهم 193 في الجمعية الوطنية)، وحزب "التجمع الوطني" الذي تتزعمه مارين لوبان، مذكرتين بحجب الثقة عن الحكومة.
ولا تملك أحزاب الائتلاف الحاكم الذي يدعم بارنييه الأعداد الكافية لمواجهة تحرك جماعي من المجموعتين. كما لم يكن لمقترح اليسار بسحب الثقة فرصة لاعتماده إلا بدعم من حزب التجمع الوطني، وتم التصويت عليه مساء اليوم.
بهذا التصويت، الذي جرى خلال جلسة تاريخية شهدتها الجمعية الوطنية مساء اليوم، تمت الإطاحة برئيس الوزراء ميشيل بارنييه وبمجلس وزرائه وتصبح حكومة بارنييه الأقصر في تاريخ الجمهورية الخامسة لفرنسا (حيث تم تشكيلها في سبتمبر الماضي)، ما سيدفع البلاد إلى أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة مع دخول العام الجديد.