هل تعلم أن شخصية بابا نويل الشهيرة، التي تجلب الهدايا للأطفال في ليلة عيد الميلاد، ليست مجرد خرافة أو أسطورة؟ بل هي مستوحاة من شخص حقيقي، عاش قبل أكثر من ألف وخمسمائة سنة، لكن هل يمكن أن تتخيل أن هذا الشخص لم يكن يرتدي زيًا أحمر ضخمًا، أو يركب عربة تجرها الرنات كما هو شائع؟ لكن كان له دور أكبر بكثير من مجرد توزيع الهدايا... فمن هو القديس نيقولا صاحب الشخصية الحقيقية لسانتا كلوز والذي يحتفل المسيحيون الأرثوذكس والكاثوليك بعيده في مثل هذا اليوم 6 ديسمبر من كل عام.
القديس نيقولا
القديس نيقولا هو أسقف يوناني عُرف بكونه من كبار القديسين المسيحيين، كان أسقفًا على مدينة ميرا ليكيا، في آسيا الصغرى، شارك في المجمع المسكوني الأول (نيقية). حظي بشهرة واسعة بفضل العديد من القصص التي نُسجت حوله وبشخصية بابا نويل لأنه كان يوزع المال والهدايا على المحتاجين ليلًا وهو متخفٍ.
يذكر كتاب السنكسار الذي يختص بتوثيق قصص القديسين في الكنيسة الأرثوذكسية، أن القديس نيقولا أو كما يدعى نيكولاس من مدينة مورا أو باتارا بليكيا إحدى مقاطعات آسيا الصغرى، وكانت ميرا العاصمة قريبة من البحر، وهي مقر كرسي أسقفي.
وُلد نيقولا لوالدين غنيين، هما أبيفانيوس وتونة، الذين كانا يتمتعان بالثراء والتقوى، لكنهما لم يُرزقا بأبناء حتى تقدما في العمر، فاستجاب الله لدعائهما ورزقهما بهذا القديس، الذي امتلأ بالنعمة الإلهية منذ طفولته.
ومنذ حداثته وعي كل تعاليم الكنيسة، ثم ترهب في دير كان ابن عمه رئيسًا عليه، فعاش عيشة النسك والجهاد والفضيلة حتى رسم قسا وهو في التاسعة عشرة من عمره، كان القديس نيقولا معروفًا بجوده وكرمه، واهتمامه بالفقراء والمحتاجين، وكانت قصصه تروي كيف كان يساهم في تقديم المساعدة للأسر الفقيرة، بما في ذلك إخفاء الهدايا للأطفال والمحتاجين، ما جعل منه رمزًا للعطاء والإحسان.
شخصية بابا نويل
وتعود قصة عطائه وارتباطه بشخصية بابا نويل كما عُرفت بعد وفاته، حينما كان بمدينة مورا رجل غني فقد ثروته وأصبح في حاجة شديدة للمال، وكان له ثلاث بنات قد تجاوزن سن الزواج، لكنه لم يستطع تزويجه بسبب فقره، ففكر الرجل في إرسالهن للعمل في أعمال مهينة، حينما علم القديس نيقولا بتلك الحالة، قرر مساعدته، فأخذ من مال والديه مائة دينار، ووضعها في كيس، ثم تسلل ليلاً وألقاها من نافذة منزل الرجل دون أن يشعر به أحد. وعندما وجد الرجل الكيس في اليوم التالي، أُدهش وامتلأ بالفرح، وتمكن من تزويج ابنته الكبرى.
وفي الليلة التالية، كرر القديس نيقولا عمله، وألقى كيسًا آخر من نافذة المنزل، مما مكن الرجل من تزويج ابنته الثانية. لكن الرجل أراد معرفة هوية المحسن، فظل يراقب المنزل حتى اكتشف أن القديس نيقولا هو الذي ألقى المال. فخر الرجل عند قدميه، شاكراً له، إلا أن القديس نيقولا رفض أن يقبل شكره وأوصاه بأن يشكر الله الذي ألهمه بهذه الأعمال الصالحة.