ما زالت جينات الفراعنة تبوح بأسرارها وتنطق بمواهب الفن الذى صبغ حضارة الأجداد بطابع فنى تشكيلى كان النحت هو البطل والوسيلة الأقوى لنقل ثقافتهم وعلمهم وتفوقهم الإبداعي والعلمي والثقافي والفني فنحت المصرى القديم تمثال أبو الهول العملاق وتماثيل أبو سمبل الضخمة وتمثالي ممنون الكبيرين بغرب الأقصر وتماثيل رمسيس الثاني بمعبدى الكرنك والأقصر وميت رهينة وغير ذلك من التماثيل الفرعونية الصخمة والمتنوعة المنحوتة في أصلد الأحجار وخاصة الجرانيت والبازلت والديوريت والشست وغيرها من الأحجار النارية شديدة الصلابة والتى تملأ متاحف العالم وتمثل الجانب الأعظم من معروضات مختلف متاحف العالم ما يعنى وفرة فنية كبيرة من الإنتاج الفني والثقافي لحضارة الفراعنة ويمثل النحت والمنحوتات الأثرية الركن الأعظم في تلك النهضة الفنية التى لا مثيل لها بين حضارات العالم حتى جعلنا نقول إن تلك الحضارة قدت من صخر وما زالت مسلات الفراعنة تتوسط أشهر ميادين العالم شاهدة على مهارة الفراعنة فى فن النحت.
وتأتى كثير من أعمال الفنانين المصريين المحدثين والمعاصرين في مجال النحت مؤكدة بشكل جلي على تربع أحفاد الفراعنة على عرش النحت وجاءت أعمال محمود مختار صوت صارخ في فن النحت يعيد ذكريات وأمجاد الفراعنة واستمر العطاء عند جمال السحينى وفتحى محمود وفاروق إبراهيم والوشاحى ويستمر العطاء في إبداعات متنوعة عند العديد من المبدعين المصريين المعاصرين بقوة وتنوع وتعدد تجعل من الصعب سردهم في مقال واحد لكن الساحة الفنية المصرية تشهد زخماً فنياً في فن النحت تؤكد بجلاء على توارث جينات الفراعنة المفعمة بالفن وخاصة فن النحت الذى يحظى باهتمام كل المصريين ويهبون أمام كل من يتجاوز أو يتراجع بالمستوى الذي ألفوه وعاشوا فى جنباته وسط تماثيل الفراعنة العظماء في أنحاء مصر المحروسة.
وحاولت أن أقدم من خلال أعمالى الأصالة الفنية فى أسلوب مستمد من قيم فن النحت المصري والذي يتميز باحترام الكتلة النحتية وصلابة تماسكها ورصانة الأسلوب فى إطار من الواقعية الفنية المستمدة من الواقع، كى أوظف تلك الخصائص الفنية فى تصاميمى الفنية الحديثة فى خامات الخشب والحجر البازلت والزلط فى جو مصرى أصيل فحرصت على نهج فني اتساقاً مع بحث رسالة الدكتوراه عن الهوية والاغتراب والتى جاءت بعنوان فن النحت فى الوطن العربى بين الهوية والاغتراب والتى طالبت فيها بضرورة استلهام التراث ليكون منهلا فنيا تأكيدا للهوية الفنية المصرية المستمدة من الموروث الحضاري لفن النحت في الوطن العربى المتنوع المصادر والأساليب وتغذية حضارات قوية في مصر والعراق وسوريا ولبنان واليمن والمغرب العربي وكلها تركت موروثات ثقافية غنية يمكن أن تصبح مصدرا قويا للإلهام الفنى
وهو ما حرصت طوال حياتى على تحقيقه فى منحوتاتى الفنية والتى مثل الجانب التراثي جانب كبير منها وخاصة الأعمال النحتية التى نفذتها في مهرجان أوبرا عايدة ١٩٩٧م.
وتعددت منحوتاتى التراثية الفرعونية التى تعد بالآلاف وقد انعكس ذلك على أسلوبى الفني في منحوتاتى التجريبية والتأثرية وحتى الواقعية في مضمار الحداثة الفنية التى يعيشها المجتمع المصري وكانت موجة العولمة والاغتراب ذات تأثير كاسح ومدمر للهوية وضياع الصبغة المصرية المميزة والمرتبطة بالبيئة المصرية.
وهو ما حاولت جاهدا التصدي له ليس بالبحث العلمي فقط ولكن من خلال جملة ضخمة من الأعمال النحتية المستمدة كلها من شكل وقيم فن النحت المصري القديم.