توغلت القوات الإسرائيلية عشرات الكيلومترات بداخل الحدود السورية واحتلت المنطقة العازلة والتي ما كانت دائما محطة اشتباك دائما بين القوات السورية والقوات الأجنبية، وذلك على وقع تمكن المعارضة السورية من اسقاط النظام السوري "الأسد" الذي استمر 53 عام.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، توجيهه للجيش الإسرائيلي بالسيطرة على "المنطقة العازلة" والتي بدورها تفصل بين مرتفعات الجولان المحتلة وبقية الأراضي السورية، وهذا الإعلان يأتي في سياق متوتر بعد سيطرة قوات المعارضة بقيادة أحمد الشرع الملقب بالجولاني على العاصمة دمشق.
ما هي المنطقة العازلة
أنشئت المنطقة العازلة بموجب اتفاقفض الاشتباك لعام 1974، والذي جاء بعد حرب أكتوبر 1973 لتحديد خط السيطرة بين سوريا وإسرائيل تحت إشراف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ومنذ ذلك الوقت، لم تشهد المنطقة أي تمركز دائم للقوات الإسرائيلية، باستثناء بعض الحوادث العرضية، ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى تغير جذري في الوضع القائم، حيث قامت إسرائيل بتجاوز الاتفاق بنشر قوات برية للمرة الأولى منذ توقيع الاتفاقية.
استولت إسرائيل على مرتفعات الجولان خلال حرب 1967، وضمتها رسميًا في عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة التي اعترفت بالسيادة الإسرائيلية على المنطقة عام 2019، وتعتبر هذه المرتفعات ذات أهمية استراتيجية بالغة نظرًا لموقعها المطل على سوريا ولبنان.
وتمتد تلك المنطقة العازلة بين نهري دجلة والفرات، باستثناء منطقة منبج، شملت حوالي 115 كيلومترًا من الحدود، وبعمق متفاوت بين 5 كيلومترات في المناطق العامة و9-14 كيلومترًا في المناطق الممتدة، خاصة بين مدينتي سري كانيه وتل أبيض.
وكانت الإدارة المدنية ضمن المنطقة تحت سيطرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بينما تولت المجالس العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية السيطرة العسكرية، وشاركت القوات الأمريكية والتركية في دوريات مشتركة، ولكن دون احتلال أي أراضٍ.
الشروط الأمنية للمنطقة العازلة وتاريخ المنطقة
انسحاب قوات وحدات حماية الشعب (YPG) من المناطق المحددة ونزع أسلحتها الثقيلة، وحظر الغارات الجوية التركية، مع السماح لطائرات الاستطلاع فقط، وتفكيك التحصينات الحدودية التي أنشأتها قوات سوريا الديمقراطية، وامتناع تركيا عن أي توغل أو إقامة نقاط مراقبة داخل سوريا.
انهارت المنطقة العازلة في أكتوبر 2019 قبل أن تُنفذ بالكامل، وكان السبب الرئيسي انسحاب الولايات المتحدة المفاجئ بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما أفسح المجال أمام توغل عسكري تركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، وأدى ذلك الهجوم في التاسع من أكتوبر 2019 أدى إلى الإلغاء الكامل للمنطقة العازلة.
الاتفاق الأول بين تركيا والولايات المتحدة استُبدل بترتيب جديد في 22 أكتوبر 2019، تم التفاوض عليه بين روسيا وتركيا والحكومة السورية، مما أدى إلى إنشاء منطقة عازلة جديدة ذات معايير مختلفة.
اعتبرت تركيا قوات سوريا الديمقراطية امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصفه كمنظمة إرهابية، وكان الهدف التركي المعلن هو تقويض النفوذ الكردي على الحدود السورية التركية، وعلى الجانب الآخر، كانت الولايات المتحدة تعتمد على قوات سوريا الديمقراطية كشريك رئيسي في قتال تنظيم داعش، وأضف في الوقت الحالي احتلال القوات الإسرائيلية للمنطقة العازلة وتوغل بعمق داخل الحدود السورية.
وتُظهر المنطقة العازلة تعقيد العلاقات الدولية في شمال سوريا، حيث تتداخل المصالح التركية، الأمريكية، الكردية، والروسية، مما جعلها بؤرة لتوترات إقليمية ودولية.
تصريحات نتنياهو للجولان وأسباب احتلاله للجولان
وخلال زيارته لمرتفعات الجولان، أكد نتنياهو أن القرار جاء بعد انسحاب القوات السورية من مواقعها في المنطقة العازلة بموجب الاتفاقية الموقعة عام 1974، وقال "وجهت جيش الدفاع الإسرائيلي، بالتنسيق مع وزير الدفاع وبدعم كامل من مجلس الوزراء، للسيطرة على المنطقة العازلة والمواقع المهيمنة".
لن نسمح لأي قوة معادية بتأسيس وجود لها على حدودنا"، وأضاف أن هذه الخطوة تمثل يومًا تاريخيًا في تاريخ الشرق الأوسط، حيث أشار إلى انهيار نظام الأسد، واصفًا إياه بأنه "حلقة في محور الشر الإيراني".
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن القوات الإسرائيلية استهدفت خلال الأيام الماضية مواقع عسكرية استراتيجية داخل الأراضي السورية، وشملت هذه الأهداف بطاريات دفاع جوي، مستودعات صواريخ، ومخزونات صغيرة من الأسلحة الكيماوية، وزعمت إسرائيل أن هذه العمليات تهدف إلى منع وقوع هذه الأصول في أيدي جماعات متطرفة بين المعارضة المسلحة.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أدانت مصر بشدة التحركات الإسرائيلية ووصفتها بأنها "احتلال لأراضٍ سورية وانتهاك صارخ للقانون الدولي"، ودعت وزارة الخارجية المصرية المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى اتخاذ موقف حازم لوقف هذه الانتهاكات وضمان وحدة الأراضي السورية.
ويرى المحللون أن هذه الخطوة تمثل تحولًا كبيرًا في السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد على الأرض مستغلة حالة الفراغ والاضطراب الناتجة عن سقوط نظام الأسد، كما يثير التحرك الإسرائيلي تساؤلات حول أهدافه بعيدة المدى، خصوصًا فيما يتعلق بتوسيع سيطرتها الإقليمية وتحقيق مكاسب استراتيجية.
تزامنت التحركات الإسرائيلية مع تصاعد المخاوف من أن يؤدي سقوط نظام الأسد إلى تعزيز نفوذ جماعات مسلحة معادية لإسرائيل في المنطقة.
وبينما على الجانب الأخر، تصر إسرائيل على أن عملياتها مؤقتة وتهدف لحماية حدودها، فإن هناك قلقًا دوليًا من أن تصبح هذه الخطوة مقدمة لتوسع إسرائيلي أوسع في الأراضي السورية.