تدهورت الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة إلى ما تعجز كلمة "كارثي" عن تعبير عنه جراء الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض عليهم، والذي يحول دون دخول الاحتياجات الأساسية للأفراد، مما ترك نحو مليوني فلسطيني يواجهون خطر المجاعة، التي حصدت أرواح بعضهم.
سياسيًا، عاد الزخم مرة أخرى إلى مسار المفاوضات القائم بين حركة حماس وإسرائيل بواسطة مصرية قطرية تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتسارع التحركات على أكثر من صعيد بهدف التوصل إلى اتفاق يجلب الهدوء إلى قطاع غزة.
غزة تُباد
في اليوم الـ432 للعدوان على غزة، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي "مجزرتين" وصل منها للمستشفيات 19 شهيدًا، إلى جانب 69 مصابًا، بينما ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لاتستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وبهؤلاء ترتفع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023، 44.805 شهيدًا، و106.257 مصابًا، بحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.
ومنذ فجر اليوم الخميس، سقط 35 شهيدًا جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي، مناطق متفرقة من قطاع غزة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وعلى الأرض، أحرقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، عشرات المنازل المدنية بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وذلك وفق تقارير إعلامية.
بدوره، أكد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، الأربعاء، على وصول الجوع بالقطاع إلى مرحلة كارثية من الجوع والمعاناة المتفاقمة، في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 14 شهرًا على التوالي.
ويضيف "المكتب" أنه على مدار أكثر من 430 يومًا من العدوان على غزة، يواصل جيش الاحتلال سياسة التجويع بشكل ممنهج ومتعمد ضد أكثر من مليونين و444 ألفًا من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، بينهم أكثر من مليون طفل وقرابة مليون سيدة.
وكشف أن جيش الاحتلال يستمر في إغلاق جميع المعابر والمنافذ المؤدية من وإلى قطاع غزة، وفي الوقت نفسه يمنع إدخال المساعدات والغذاء، مما تسبب بتعميق الأزمة الإنسانية المستفحلة.
ولذا يُناشد "المكتب" المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية ضرورة استدراك الواقع الإنساني الصعب بشكل فوري لتجاوز أزمة الغذاء الحالية بغزة.
وتفرض إسرائيل حصارًا خانقًا على قطاع غزة، الذي يضم نحو 2.3 مليون فلسطيني بشكل يمس الحقوق الأساسية للأفراد، وذلك الحصار لم يبدأ مع حرب الإبادة، بل هو مستمر منذ عام 2006، إلا أنها شددته في أعقاب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وأصبح على نحو غير مسبوق بعد أن سيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر "رفح" في مايو الماضي.
مسار المفاوضات
تتسارع التحركات على أكثر من صعيد بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما ينهي العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023.
وزعم إعلام عبري خلال الأيام الماضية أن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة في طريقها إلى النضج، حيث أن إرادة حماس للتوصل إلى اتفاق تبدو أكبر مما كانت عليه، وفق قوله.
غير أن الحقائق تؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان له دور محوري في إفشال المفاوضات القائمة مع "حماس" بواسطة مصرية قطرية، حفاظًا على مصالحه السياسية.
ومن المقرر أن يزور مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان إسرائيل وقطر ومصر من أجل إتمام صفقة تبادل ووقف إطلاق نار في قطاع غزة، وذلك خلال أيام بغرض تنفيذه بأقرب وقت، بحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي.
وأكد "أكسيوس" أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ومستشاريه يعملون بشكل وثيق مع ترامب للدفع نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، حيث يرغب الزعيمان في التوصل إليه قبل انتهاء ولاية بايدن وتولي ترامب السلطة.
وفي هذا الشأن، قال مصدرين "مطلعين" لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن إدارتي الرئيسين الحالي جو بايدن والمنتخب دونالد ترامب تعملان بجد للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على قطاع غزة قبل تنصيب ترامب في الـ20 من يناير المقبل.
كما أكدت القناة الـ12 الإسرائيلية عن "مصدر"، أن هناك تقدم في محادثات صفقة التبادل، ولكن ما تزال الفجوات قائمة، في حين تشير التقديرات إلى أننا سننجح في إبرام صفقة تبادل جديدة حتى موعد تنصيب ترامب.
عبريًا، قال يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، إن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح جميع المحتجزين في قطاع غزة، بما في ذلك من يحملون الجنسية الأميركية.
والثلاثاء، زار وفدًا إسرائيليًا رفيع المستوى القاهرة، وذلك في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في غزة، ودعم دخول المساعدات للقطاع، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة.
وتعمل مصر جاهدة على تعزيز المصالحة بين حماس وفتح، وبالوقت نفسه تدفع نحو إبرام صفقة لإعادة الأسرى، ووفقًا لتقارير فقد أرسلوا أيضًا وفدًا إلى إسرائيل الأسبوع الماضي، وذلك وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وبحسب تقارير إعلامية أوردتها "الصحيفة العبرية"، فإن حركة حماس من جانبها لا تمانع قبول "اتفاق تدريجي" على غرار اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع "حزب الله" في لبنان، أي انسحاب إسرائيلي تدريجي من غزة، وليس بشكل فوري كما طالبت حماس في الماضي.