يحتفل الغرب اليوم، 25 ديسمبر، بعيد الميلاد المجيد، وهو مناسبة دينية يحتفل بها المسيحيون حول العالم لإحياء ذكرى ميلاد السيد يسوع المسيح، رغم أن هذا الاحتفال يوحد المسيحيين، إلا أن هناك اختلافات بين الطوائف المسيحية في تحديد تاريخ وكيفية الاحتفال بعيد الميلاد.
الكنيسة الغربية
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية بعيد الميلاد في 25 ديسمبر، يعود هذا التاريخ إلى قرار اتخذته الكنيسة في القرن الرابع الميلادي، حيث اختارت هذا التاريخ ليتزامن مع الاحتفالات الرومانية الوثنية بمناسبة "عيد الشمس التي لا تقهر"، الذي كان يحتفل به في نفس الوقت من السنة.
عن هذا الموضوع قال الأنبا غريغوريوس، أسقف عام الدراسات اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، الذي توفي عام 2001، في مقال له بمجلة الهلال في الأول من يناير 1984: "أما لماذا يعيد الغربيون بعيد الميلاد في 25 ديسمبر بينما كان يجب أن يعيدوا له في أول يناير، نقول إن تحديد بدء العام بأول يناير يرجع إلى التقويم الروماني السابق على عيد ميلاد المسيح وهو التقويم الذي صحح وعدل في زمن يوليوس قيصر في عام 45 ق.م، ولذلك عرف بالتقويم اليولياني، ولا شك أن بدء العام الجديد يخضع لقواعد فلكية سبق فحددها علماء الفلك".
وأوضح: ومن المعروف أن تقسيم السنة اليوليانية إلى اثني عشر شهرا بدءًا من يناير وانتهاءً بديسمبر، تقسيم فلكي وضعه علماء الفلك من أزمنة قديمة، وأدخلت عليه بعض التعديلات في أزمنة لاحقة لضبط السنة الشمسية لتكون 365 يوما + 5 ساعات + 48 دقيقة + 46 ثانية. ولذلك أضيف إلى بعض الشهور يوم ليكون 31 يوما، وهي شهور يناير، مارس، مايو، يونيو، أغسطس، أكتوبر، وديسمبر. أما شهر فبراير فصار 28 يوما في السنوات البسيطة، 29 يوما في السنوات الكبيسة.
الكنيسة الشرقية
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية في معظم دول العالم، ومنها مصر، بعيد الميلاد في 7 يناير، يعود الاختلاف في التوقيت إلى استخدام الكنيسة الأرثوذكسية للتقويم اليولياني بدلاً من التقويم الغريغوري الذي تتبعه الكنيسة الغربية، الفارق الزمني بين التقويمين هو 13 يوما، وهو ما يؤدي إلى اختلاف تاريخ الاحتفال.
وقد أوضح الأنبا غريغوريوس: أما الشرق القديم، فقد كانت له شخصيته المتميزة، وكان لمصر تقويم آخر شرقي هو التقويم الفرعوني القديم الذي سبق غيره بآلاف السنين، والمعروف أن نشأة التقويم المصري كانت في عام 4241 قبل ميلاد المسيح، أي في القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد، عندما رصد المصريون القدماء نجم الشعرى اليمانية المسمى باليونانية Seirios وكان يسميه المصريون "سيدن" SPDT، وهو ألمع نجم في السماء".
وأضاف: قسموا السنة إلى ثلاثة فصول كبيرة هي: الفيضان (اخت)، والبذر (برت)، والحصاد (شمو)، ثم إلى اثني عشر شهرا، كل شهر منها ثلاثون يوما، وأضافوا المدة الباقية وهي 5 وربع يوما وجعلوها شهرا أسموه بالشهر الصغير (النسيء)، فصارت السنة المصرية 365 يوما في السنوات البسيطة، 366 يوما في السنة الكبيسة، ولا يزال الفلاح المصري يتبع هذا التقويم نظرا لمطابقته المواسم الزراعية".
ونوّه الأنبا غريغوريوس بأن الكنيسة القبطية في مصر - وتتبعها الكنيسة الأثيوبية والكنيسة الأرثوذكسية في روسيا - تلتزم بالتاريخ المصري (29 كيهك) ولا تلتزم بالسابع من يناير، فالنسبة الحالية هي أن 29 كيهك يقابله الآن السابع من يناير، ولكنه لم يكن كذلك من قبل، ولسوف يجيء وقت يصير فيه المقابل له الثامن من يناير.
وأوضح أن السبب في ذلك يرجع إلى أن التقويم المصري الفرعوني يسير على قاعدة غير القاعدة التي يسير عليها التقويم الغربي القائم على طول السنة الشمسية التي هي 365 يوما + 5 ساعات + 48 دقيقة + 46 ثانية، أما التقويم المصري فسنته 365 يوما + 6 ساعات كاملة.
وأشار إلى أنه لما كانت قاعدة التقويمين الغربي والمصري ليست واحدة، فمن الطبيعي أن يتقابل التقويمان في غير نقطة ثابتة، وليس هنا مجال مناقشة أي التقويمين أصح من الآخر، إنما الاختلاف بين قاعدتي الحساب في التقويمين هو سبب اختلاف التقابل بين التاريخين المصري القديم والغربي، على أن هذا الفارق الزمني لابد أن يزيد مع الأيام، مثل قطارين يسيران في اتجاهين متضادين، فلابد أن يتقابلا ولكن نقطة التقابل بينهما تتوقف على السرعة التي يجري بها كل منهما، فإذا كانت سرعتهما واحدة يلتقيان في نقطة معينة، أما إذا تغيرت سرعة أحدهما عن الآخر فيلتقيان في نقطة أخرى بعيدة عن الأولى.
وأكد أنه بناءً على ذلك، سيظل عيد الميلاد عند الغربيين غيره عند الآخذين بالتقويم الشرقي القديم، وسيظل عيد الميلاد في مصر هو اليوم التاسع والعشرين من الشهر الرابع للسنة المصرية (كيهك)، ولكنه سيتزحزح اليوم المقابل له في التقويم الغربي (يناير) بمعدل يوم واحد كل أربعمائة سنة.