تحتفي إذاعة القرآن الكريم، اليوم، بالذكرى الـ98 عاما لميلاد القارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، بالتزامن مع أول أيام تطبيق قرار منع بث الإعلانات على الإذاعة، ونقلها للبث علي موجات الإذاعات الأخرى، حيث تبدأ إذاعة القرآن الكريم بث المصحف المرتل برواية ورش عن نافع مساء اليوم.
وعلى مدار أكثر من 60 عاما منذ بدء بث إذاعة القرآن الكريم في مصر، كأول إذاعة متخصصة في العالم الإسلامي في تلاوة كتاب الله، كان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أحد رموزها، ومن أعمدة تلاوة القرآن ليس في مصر ولكن في العالم الإسلامي أجمع، ليطلق عليه عدة ألقاب منها "صوت مكة"، وصاحب الحنجرة الذهبية.
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
انضم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد إلى الإذاعة المصرية في نهاية عام 1951م؛ ليبدأ مسيرته القرآنية العالمية، بعدها سافر من مسقط رأسه في قرية «المراعزة» التابعة لمدينة أرمنت بمحافظة قنا سابقًا الأقصر حاليا، إلى القاهرة، بعد أن ذاع صيته في قرى ومحافظات الوجه القبلي.
ففي نهاية عام 1951م طلب الشيخ علي محمد الضباع، شيخ المقارئ بالديار المصرية الأسبق، من الشيخ عبد الباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارئ بها، ومع رغبته في تأجيل هذه الخطوة لارتباطهِ بمسقط رأسه وأهله ولأن الإذاعة تحتاج إلى ترتيب خاص، إلا أنه تقدم بالنهاية للإذاعة، حيث حصل الشيخ الضباع على تسجيل لتلاوة الشيخ عبد الباسط بالمولد الزينبي وقدّم هذا التسجيل للجنة الإذاعة.
انبهر أعضاء لجنة الإذاعة بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن للشيخ عبد الباسط عبد الصمد، واعتُمِدوه قارئا للقرآن الكريم بالإذاعة عام 1951، لينتقل للعيش في القاهرة مع أسرته التي نقلها معهُ إلى حي السيدة زينب.
وذاع صيته في ربوع البلاد مع بث القرآن الكريم بصوته الشجي على الإذاعة المصرية، وكان المصريون يترقبون فترته الإذاعة كل يوم سبت على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً.
ولد الشيخ عبد الباسط، في 26 جمادى الآخرة عام 1345 هـ، الموافق 1 يناير 1927 م، ونشأ في بيتٍ قرآني، فجده من جهة أبيه هو الشيخ عبد الصمد، من الحفظة المشهود لهم بالتمكن في حفظ القرآن الكريم، وجده لأمه العارف بالله الشيخ أبو داود المعروف بمدينة أرمنت.
والتحق الشيخ بكتّاب القرية وهو في سن السادسة، وأتم حفظ القرآن كاملًا مع بلوغه العاشرة، وجمع قراءات القرآن الكريم على يد العالم الأزهري الشيخ محمد سليم حمادة الذي كان يصطحبه معه للقراءة في السهرات والحفلات، وكان يزكيه في كل مكان يذهب إليه، وبعدما ذاع صيته والتحق بالإذاعة المصرية، عين قارئًا لمسجد الإمام الشافعي، ومسجد سيدنا الإمام الحسين، ويعد الشيخ أول نقيب لقراء مصر عام 1984م.
تلقى الشيخ دعوات عديدة من شتى بقاع الدنيا؛ للقراءة في المناسبات المختلفة، فلباها وجاب أنحاء العالم، ومن الدول التي سافر إليها: المملكة العربية السعودية، وفلسطين، وسوريا، والكويت، والعراق، والمغرب ولبنان، والجزائر، وإندونسيا، وجنوب أفريقيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، والهند، وغيرها.
وقرأ رحمه الله في الحرمين الشريفين؛ ولهذا لقب بـ «صوت مكة»، كما قرأ في المسجد الأقصى المبارك، والمسجد الأموي بدمشق، وكان يحظى بحب الملوك والرؤساء، حيث كانوا يستقبلونه استقبالًا رسميًّا حافلًا.
كُرم الشيخ في العديد من المحافل العالمية، وحصل على عدد من الأوسمة الرسمية المرموقة، منها: وسام الأرز من الجمهورية اللبنانية، والوسام الذهبي من باكستان، ووسام العلماء من الرئيس الباكستاني ضياء الحق، ووسام الاستحقاق السنغالي، ووسام من الجمهورية السورية، ودولة ماليزيا، ووسام الإذاعة المصرية في عيدها الخمسين، ووسام الاستحقاق من جمهورية مصر العربية.
رحل فضيلة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد عن عالمنا، في يوم الأربعاء 30 نوفمبر 1988م، بعد رحلة قرآنية ملهمة مؤثرة، ومسيرة عطاء زاخرة.