روائي وقاص مصري وُلد في محافظة الغربية، لكنه عاش معظم حياته في القاهرة، حيث انغمس في نبض شوارعها وأزقتها ليصوغ لنا قصصًا تعكس جمال البساطة وعمق المعاني المخفية في العادي والمألوف، وكان هو الكاتب الذي سكن تفاصيل الحياة اليومية ببلاغة ساحرة وشفافية نادرة، إنه أحد أبرز كتاب جيل الستينات في مصر، والذي تميز بأعماله القصصية، ولاقت ترحيبا كبيرا عندما نشرت في أواخر هذا العصر، الكاتب والروائي المبدع إبراهيم أصلان.
ولم يكن إبراهيم أصلان مجرد كاتب؛ بل كان حكاية تُروى عن صوت هادئ يصرخ ببلاغة صامتة، روايته الشهيرة «مالك الحزين»، التي استلهم منها فيلم "الكيت كات"، تُعتبر لوحة فنية تجسد حياة الناس في أحياء القاهرة. بأسلوبه الرشيق والواقعي، استطاع أن ينقلنا إلى قلب المشهد، حيث التفاصيل الصغيرة تغدو عوالم مترامية الأطراف.
الميلاد والنشأة
ولد إبراهيم أصلان 3 مارس 1935، بقرية شبشير الحصة التابعة لطنطا بمحافظة الغربية، نشأ وتربى في القاهرة وتحديدًا في حي «امبابة» و«الكيت كات»، لم يحصل على تعليم منتظم منذ الصغر، فقد التحق بالكتاب، ثم تنقل بين عدة مدارس حتى أستقر في مدرسة لتعليم فنون السجاد لكنه تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية.
التحق إبراهيم أصلان في بداية حياته بهيئة البريد وعمل لفترة ك«بوسطجي» ثم في إحدى المكاتب المخصصة للبريد وهي التجربة التي ألهمته مجموعته القصصية «ورديه ليل».
وربطت«أصلان» علاقة جيدة بالأديب الراحل يحيى حقي، ولازمه حتى آخر فترات حياته ونشر الكثير من الأعمال في مجلة «المجلة» التي كان يحيى حقي رئيس تحريرها في ذلك الوقت.
«مالك الحزين».. أشهر الروايات
صدر لإبراهيم أصلان أول رواية بعنوان «بحيرة المساء» وتوالت الأعمال بعد ذلك إلا أنها كانت شديدة الندرة، حتى كتب روايته «مالك الحزين»، وعندما حققت رواية «مالك الحزين» نجاحًا كبيرًا على المستوى الجماهيري والنخبوي، ورفعت اسم «أصلان» عاليا بين الجمهور لم يكن معتادا بين الناس اسم صاحب الرواية بسبب ندرة أعماله من جهة وهروبه من الظهور الإعلامي من جهة أخرى.
وأدرجت الرواية، ضمن أفضل مائة رواية في الأدب العربي وحققت له شهرةً كبيرةً جدا بين الجمهور العادي وليس النخبة فقط.
وفي ذلك الوقت قرر المخرج داوود عبد السيد تحويل الرواية إلى فيلم تحت عنوان «الكيت كات» ووافق المبدع إبراهيم أصلان، على إجراء بعض التعديلات الطفيفة على الرواية أثناء نقلها إلى السينما، و حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا لكل من شاركوا فيه وأصبح الفيلم من أبرز علامات السينما المصرية في التسعينات من بطولة النجم المتميز محمود عبد العزيز ونخبة من نجوم الفن المصري.
وعمل إبراهيم أصلان في أوائل التسعينات بالقرن الماضي، كرئيس للقسم الأدبي بجريدة الحياة اللندنية إلى جانب رئاسته لتحرير إحدى السلاسل الأدبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة إلا أنه استقال منها إثر ضجة رواية «وليمة لأعشاب البحر» للروائي السوري حيدر حيدر، وهو ضمن سلسلة «آفاق عربية» التي تصدر عن وزارة الثقافة المصرية، والتي كان يرأس تحريرها إبراهيم أصلان في ذلك الوقت.
مؤلفات إبراهيم أصلان
ومنمؤلفات إبراهيم أصلان الروائية الأخرى.. «عصافير النيل»، «حجرتان وصالة»، «صديق قديم»، ومن مجموعاته القصصية.. «بحيرة المساء»، «يوسف والرداء»، «وردية ليل»، ومن مؤلفاته أيضًا « خلوة الغلبان»، « شيء من هذا القبيل».
أسلوب يفيض بالشجن والإنسانية
تميز «أصلان» بأسلوب سردي بسيط، لكنه يفيض بالشجن والإنسانية، وكل كلمة كان يختارها وكأنها حبة لؤلؤ تُضاف إلى عقد من الإبداع، شخصياته ليست خيالية، بل هي نحن، بحيرتنا، وأحلامنا، وإحباطاتنا، برغم قلة إنتاج إبراهيم أصلان الأدبي مقارنة بأقرانه، فإن تأثيره كان عميقًا، لكن مؤلفاته، مثل «حكايات من فضل الله عثمان» تُبرز موهبته في تحويل اللحظات اليومية العابرة إلى نصوص أدبية خالدة.
ثمار الرحلة.. جوائز وتكريمات
وحصل «أصلان» على عدد من الجوائز منها.. جائزة طه حسين من جامعة المنيا عن رواية «مالك الحزين» عام 1989م، جائزة الدولة التقديرية في الآداب فيعامي 2003،2004 ، وجائزة كفافيس الدولية عام 2005م، وجائزة ساويرس في الرواية عن «حكايات من فضل الله عثمان» عام 2006م، وجائزة النيل للآداب عام 2012.
رحيل وأثر باق
وسيظل «أصلان» يُمثالًا للكاتب الذي عاش ليكتب عن الإنسان بكل أبعاده، تاركًا إرثًا أدبيًا لا يُنسى، رغم رحيله، حيث تركنا جسدا فقط ، في السابع يناير في مثل هذا اليوم عام 2012م ورحل عن عالمنا، عن عمر يناهز 77 عامًا، باق بأثره ومؤلفاته، مخلفًا العديد من الصفحات التي سطرها على مدار حياته الحافلة بالعطاء.