جاء خطاب الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، مساء أمس الأربعاء، محملا بعدد من الرسائل للأمريكيين، قبل أيام قليلة من انتهاء ولايته وتنصيب سلفه الرئيس المنتخب دونالد ترامب، والذي يتسلم السلطة يوم 20 يناير الجاري.
رسائل بايدن فى خطاب الوداع
وفي خطاب الوداع ألقاه بايدن من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، بعد آخر خطاب له في 24 يوليو عندما تناول سبب انسحابه من السباق الرئاسي لعام 2024، وجه بايدن تحذيرًا للأمريكيين، فيما بدأ الخطاب بالحديث عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس الذي أعلن عنه رسميًا أمس، مشيرًا إلى أن الاتفاق يعكس الإطار الذي كشف عنه في مايو من العام الماضي، لكنه لم ينفذ حتى تمكن المفاوضون من التوصل إلى الاتفاق الأربعاء.
وقال، إنه "تم تطوير هذه الخطة والتفاوض عليها من قبل فريقي وسيتم تنفيذها إلى حد كبير من قبل الإدارة القادمة، ولهذا السبب أخبرت فريقي بإبقاء الإدارة القادمة على اطّلاع كامل، لأن هذا هو ما يجب أن يكون عليه العمل معًا كأمريكيين".
تحذير بايدن
وفي الخطاب، حذر بايدن من تهديدات وشيكة قد تقلب التجربة الديمقراطية الأمريكية رأسًا على عقب، قائلًا إن "اليوم، تتشكل في أمريكا أوليغارشية من الثروة الهائلة والقوة والنفوذ التي تهدد حرفيًا ديمقراطيتنا بأكملها وحقوقنا وحرياتنا الأساسية وفرصة عادلة للجميع للتقدم".
وتحدث عن "التركيز الخطير للسلطة في أيدي قِلة فاحشة الثراء، ما سيترتب عنه عواقب وخيمة، إذا تُرِكَ إساءة استخدام السلطة دون رادع"، معربًا عن مخاوفه بشأن العواقب المحتملة إذا استغل الأثرياء نفوذهم للفوز بإعفاءات ضريبية، والتراجع عن الجهود الرامية لمكافحة تغير المناخ، والحد من المساءلة.
واستشهد بتحذير الرئيس السابق دوايت أيزنهاور في خطاب وداعه عام 1961 من "المجمع الصناعي العسكري"، وقال إنه "قلق بنفس القدر بشأن الصعود المحتمل لمجمع صناعي تكنولوجي يمكن أن يشكل مخاطر حقيقية لبلدنا أيضًا".
وقال إن "المعلومات المضللة تتيح إساءة استخدام السلطة، والصحافة الحرة تنهار، والصحف تختفي، ووسائل التواصل الاجتماعي تتخلى عن التحقق من الحقائق، والحقيقة تختنق بالأكاذيب التي تُروى من أجل السلطة والربح، ويجب أن نحمل المنصات الاجتماعية المسؤولية عن حماية أطفالنا وعائلاتنا في ديمقراطية حقيقية من إساءة استخدام السلطة".
وقال: "لا شيء يقدم إمكانيات ومخاطر أكثر عمقًا لاقتصادنا وأمننا ومجتمعنا والإنسانية إن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على مساعدتنا في مكافحة السرطان - ولكن ما لم يتم وضع الضمانات، فقد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى ظهور تهديدات جديدة لحقوقنا، وطريقة حياتنا، وخصوصيتنا، وكيفية عملنا وكيفية حماية أمتنا. يجب أن نتأكد من أن الذكاء الاصطناعي آمن وجدير بالثقة وجيد للبشرية جمعاء".
وقال بايدن: "بعد 50 عامًا من الخدمة العامة، أتعهد لكم بأنني ما زلت أؤمن بالفكرة التي تقف من أجلها هذه الأمة، وهي أمة تكون فيها نقاط القوة في مؤسساتنا وشخصية شعبنا مهمة ويجب أن تستمر"، مضيفًا: "الآن جاء دوركم لتولي الحماية".
وقال: "في السنوات الأربع الماضية، ظلت ديمقراطيتنا قوية، وكل يوم، كنت أحافظ على التزامي بأن أكون رئيسًا لجميع الأمريكيين خلال واحدة من أصعب الفترات في تاريخ أمتنا - كان لدي شريك رائع في نائب الرئيس كامالا هاريس".
تحذيرات من حكم الأقلية والثروة
وجاءت تحذيرات بايدن، في ظل تقرب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، من بعض كبار الأغنياء وعمالقة صناعة التكنولوجيا، وعلى رأسهم إيلون ماسك الذي تم تكليفه ليشغل منصب وزارة أمريكية تعنى بإدارة كفاءة الحكومة، حيث أنفق الملياردير إيلون ماسك أكثر من 100 مليون دولار على مساعدة ترمب في الفوز بالانتخابات.
كما مارك زوكربيرج من شركة "ميتا"، وجيف بيزوس من "أمازون"، بمبالغ طائلة لحفل تنصيب بايدن.
كذلك قدم بايدن مجموعة من الحلول للمشكلات التي طرحها، مطالبًا بتغيير قانون الضرائب "ليس من خلال منح أكبر تخفيضات ضريبية للمليارديرات، ولكن بجعلهم يبدأون في دفع حصتهم العادلة"، والقضاء على تدفق المصادر الخفية للمال إلى الحملات السياسية، وتحديد فترة الولاية إلى 18 عامًا لقضاة المحكمة العليا، ومنع أعضاء الكونجرس من تداول الأسهم.
كما دعا بايدن إلى تعديل الدستور الأمريكي لمنع أي رئيس من الحصول على حصانة عن الجرائم التي قد يرتكبها أثناء وجوده في المنصب.
ودعا بايدن الأمريكيين إلى اليقظة والدفاع عن مؤسساتهم الديمقراطية، وذلك مع اقتراب موعد تسليم البيت الأبيض إلى خليفته الجمهوري، مختتما كلمته بالتأكيد على: "الإيمان بفكرة أمريكا يتطلب احترام المؤسسات التي تدير مجتمعًا حرًا، وهي الرئاسة، والكونجرس، والمحاكم، والصحافة الحرة المستقلة".