قال وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي إن مصر حققت نهضة تشريعية ومؤسسية شاملة بمجال الحقوق المدنية والسياسية.
وأضاف فوزي - في كملته اليوم الثلاثاء خلال جلسة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان بجنيف - أن النهضة التي حققتها مصر بمجال الحقوق المدنية والسياسية تأتي تأكيدًا على التزامها بتنفيذ التوصيات التي قبلتها بالاستعراض الدوري الشامل الأخير، والاستجابة للتحديات الوطنية والدولية المرتبطة بهذا الملف، مؤكدا أن مصر مستمرة في جهودها لدعم وتعزيز حقوق الإنسان من خلال تشريعات متطورة وسياسات رشيدة.
وأوضح أن من أبرز الإنجازات التشريعية إصدار قانون جديد لتنظيم لجوء الأجانب؛ استجابة للزيادة المطردة في أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء، مشيرا إلى أن هذا القانون يأتي متوافقًا مع التزامات مصر الدولية خصوصًا اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، ويضمن حماية اللاجئين وتمتعهم بكافة الحقوق والحريات المكفولة لهم.
وتابع أن القانون أنشأ لجنة وطنية معنية بتنظيم شئون اللاجئين، تختص بالنظر في طلبات اللجوء حالة بحالة وفق مواعيد محددة، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفًا مثل: ذوي الإعاقة، والمسنين، والنساء الحوامل، والأطفال غير المصحوبين، وضحايا الاتجار بالبشر والعنف.
وأشار فوزي إلى أن القانون يتضمن نصوصًا صريحة وواضحة بعدم ترحيل اللاجئين قسريًا أو ردهم لمكان تعرضهم للخطر، مع كفالة حقهم في العودة الطوعية لدولة جنسيتهم أو إقامتهم أو إعادة توطينهم في دولة أخرى، أو للحصول على الجنسية المصرية.
ولفت إلى أن الدولة تواصل تعاونها البناء مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وأن اللائحة التنفيذية لقانون لجوء الأجانب ستتضمن المزيد من التيسيرات في تسجيل اللاجئين وطالبي اللجوء وتحديد أوضاعهم.
وفيما يخص تطوير منظومة العدالة الجنائية، قال وزير الشؤون النيابية إن الحكومة قدمت إلى البرلمان مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي يمثل نقلة نوعية كبيرة في تطوير العدالة الجنائية، ويعكس الضمانات المستحدثة في الدستور.
وأضاف أن المشروع يعالج قضايا بالغة الأهمية مثل: تنظيم الحبس الاحتياطي وتقليص مدده، وضمان الإفراج الفوري عند بلوغ الحد الأقصى، مع استحداث آليات التظلم من قرارات الحبس الاحتياطي وتعويض المتضررين منه ماديا ومعنويا في حالات الحبس الخاطئ، والتأكيد على تطبيق بدائله، وذلك كله تحت الرقابة القضائية بدرجاتها.
وتابع أن المشروع يشمل ضمانات مهمة للمتهمين منها الحق في الصمت، وعلانية المحاكمات، وبطلان أي أقوال تُنتزع تحت الإكراه، وضمان حضور المحامي بجميع مراحل التحقيق والمحاكمة وحظر إيذاء المتهم أو احتجازه خارج مراكز الإصلاح والتأهيل المخصصة وبدون أمر قضائي ومسبب.
وأشار إلى أن المشروع أوجب على سلطتي التحقيق والمحاكمة عدم استجواب المتهم أو محاكمته دون حضور محام، مع ندب محام لمن ليس معه محام ، وحظر الفصل بين المتهم ومحاميه خلال الدعوى الجنائية، مع منح المحتجزين وذويهم الحق في إبلاغ شكواهم فورًا إلى النيابة العامة، التي تعد وفق أحكام الدستور والقانون جزءًا أصيلًا من السلطة القضائية، وأعضاؤها مستقلون وهم من القضاة، وتتولى الإشراف والرقابة على كافة أماكن الاحتجاز القانونية، والتحقيق، وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، وهم جزء من تشكيل المحكمة.
كما أوجب القانون صدور أمر قضائي مسبب ومحدد المدة في الحالات التي تستلزم مراقبة الاتصالات والحسابات والمواقع الإلكترونية، وذلك في نطاق جرائم محددة.
وأكد الوزير أن المشروع يُعزز حماية حقوق الضحايا والشهود والمبلغين، كما يتضمن استخدام التكنولوجيا الحديثة في إجراءات المحاكمة والتحقيق، مثل المحاكمات عن بُعد والإخطارات الإلكترونية؛ بما يواكب التطورات الدولية.
وفي إطار تعزيز حرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية، قال المستشار محمود فوزي إن مبادرة الحوار الوطني كانت نقطة انطلاق مهمة لتوسيع دائرة المشاركة السياسية والمجتمعية، عبر إشراك كافة أطياف المجتمع في وضع أولويات العمل الوطني مع اعتماد آلية (التوافق) بدلًا من التصويت، وشموله للمحاور السياسية والاقتصادية والمجتمعية.
وأضاف أن الحوار الوطني نتج عنه في مرحلته الأولى مخرجات استراتيجية أحالها رئيس الجمهورية لجهات الدولة المعنية للدراسة والتنفيذ، بخلاف الإفراج عن العديد من المحكوم عليهم بتوصيات من لجنة العفو الرئاسي، التي تتولى فحص ملفات المحكوم عليهم ممن تنطبق عليهم شروط العفو للإفراج عنهم قبل إتمام المدة المحكوم بها".
وعلى صعيد الإعلام، قال إن مصر تتميز بتعددية صحفية وإعلامية كبيرة، حيث بلغ عدد الصحف المسجلة أكثر من 580 صحيفة، وعدد القنوات الفضائية المرخصة أكثر من 74 قناة، والمواقع الإلكترونية المرخصة أكثر من 200 موقع، والمحطات الإذاعية أكثر من 14 شبكة إذاعية.
وأضاف أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يتولى الإشراف على هذا القطاع بصورة مستقلة، وتكون قراراته بشكل مسبب، مع ضمان خضوع قراراته للرقابة القضائية إلغاءً وتعويضًا.
وأكد الوزير أن التعددية الحزبية تمثل ركنا أساسيا من أركان الديمقراطية المصرية، مشيرا إلى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة شهدت تنافس 92 حزبا سياسيا، يمثل منها حاليا 13 حزبا في مجلس النواب و15 حزبا في مجلس الشيوخ.
وأضاف أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة أُجريت بمشاركة أربعة مرشحين، وتمت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تحت إدارة هيئة مستقلة وإشراف قضائي كامل، ومتابعة من منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والبعثات الدبلوماسية الأجنبية.
وشدد المستشار محمود فوزي، في ختام كلمته، على أن حقوق الإنسان منظومة متكاملة ومترابطة، وهدف إنساني مشترك نسعى جميعا لتحقيقه، ومصر مستمرة في جهودها لدعم وتعزيز حقوق الإنسان من خلال تشريعات متطورة وسياسات رشيدة، مستفيدة من التجارب الناجحة على الصعيد الدولي، وتراعي في الوقت ذاته خصوصية ومتطلبات الدولة الدستورية والمجتمعية.