الخميس 30 يناير 2025

ثقافة

«همس القوارير».. رواية جديدة لأحمد عاشور بمعرض القاهرة للكتاب الـ 56

  • 30-1-2025 | 13:33

همس القوارير

طباعة
  • همت مصطفى

صدرت حديثًا للكاتبة الدكتورة تركية عبد الحفيظ مجموعتها القصصية «همس القوارير»، وعلى هامشها كتاب يضم مقالات ودراسات حولها، ليكونا متاحين لجمهور الثقافة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته 56.
يضم الكتاب الأول «همس القوارير» مجموعة قصصية متميزة نقرأ منها واحدة بعنوان:« وأصبحت شاعرًا يا جنان»:
كنت مستغرقا في مراجعة بعض مواد الصحيفة التي أرأس تحريرها حينما صرخت زوجتي
- ضربوا العرااااااق
نزلت من مكتبتي مسرعًا حتى كدت أسقط من أعلى الدرج، كان شاكر حامد مراسل قناة أبو ظبي يصرخ:
- ما هي المضادات الأرضية تطلق صواريخها و..
انتفض قلبي وأنا أرى بغداد تشتعل، صفارات الإنذار يرتفع عواؤها المخيف، القنابل تتساقط، الانفجارات تتوالى أصوات سيارات الإسعاف والمطافئ تختلط مع صرخات شاكر حامد.
انتقلت إلى قناة «الجزيرة»، وجدت مراسلها أيضًا في حالة هلع، أخذتُ أضغط على الريموت كنترول «بحثا عن حاكم عربي يقول : لا ، فلم أجد أحدا في الفضائية المصرية فيلم كوميدي لإسماعيل ياسين استمر عرضه ولم يتوقف، بينما أشقر الشعر يوري مرقدي « يصرح في إذاعة دولة عربية: عربي أنا، فاخشيني، وبلا إذا.»
عدت إلى أبو ظبي لأتابع أخبار القصف، انقبض صدري وأنا أرى الصواريخ تدق العراق؛ عراق دجلة والفرات، وناظم الغزالي والجواهري، والبياتي والسياب، وجنان.. آه يا حبة القلب، كلما أسمع صراخ عراقية في إحدى نشرات الأخبار التي أصبحت لا أتحرك من أمامها ليل نهار - أقول: لعلها جنان
أكثر من مرة أبدأ في ضغط أزرار الهاتف طلبا لمهاتفتك وفي كل مرة أتراجع لعله الخوف من ألا أجدك، وحينما قصفت محطة الاتصالات ندمت على ضياع فرصة الاتصال وليلة قصف وزارة الإعلام نزلت دموعي غزيرة، أخرجت صورك التي صادرتها زوجتي فترة من الزمن، و أخذت أتأملها، ذكرتني بأوقات جميلة عشتها بقربك أيام مهرجان المربد الشعري، كنت رقيقةً كمياه دجلة وصافية كسمائها، تسكعت معك في شوارع بغداد شارعًا شارعًا، زرنا متاحفها ومكتباتها وأسواقها الشعبية، أنام، وآخر صوت أسمعه عبر هاتف غرفتي بفندق فلسطين، هو صوتك، تقترحين علي جولة الغد، وأصحو على نغم صوتك:
«صباح الخير عيني»
عيوني.. عيني.. قلبي.. كلمات لم اعتدها في بلادي من أي زميلة أو صديقة فهي بحكم المحرمات، ولا تقال إلا سرا، فهل رأيتِ العَرَقَ الذي أخذتُ أمسحه ويأبى أن يتوقف يوم تعارفنا، وأسمعتني هذه الكلمات التي لا تفارق لسانك العذب؟
واكتشفت بعد ذلك أن موظفة الاستقبال في الفندق تقولها، وسائق التاكسي، وأهل بغداد كلهم يقولونها، وعرفت لم الجواهري ومظفر النواب والسياب ونازك الملائكة وسعدي يوسف شعراء.
سألتني مرة:
- أتقرض الشعر ؟
قلت لك :
- للأسف .. لا
استغربت، ولم تُصدقي، وقلت:
هدوؤك، رقتك، وكلامك الحلو، ولست بشاعر !
اليوم يا جنان صرت شاعرًا، وللأسف، فالعرب لا يملكون إلا الشعر.
ابتسامتك - في الصورة التي جمعتنا معا جالسين في بهو الفندق - لم أر أجمل منها، عيناك الرائعتان التقت في لحظة واحدة مع عيني، فشد تاني بمغناطيس غريب، لم أستطع معه رفعهما باتجاه المصور، فما كان منه إلا أن فضح انبهاري بك وكان ثوبك قصيرًا يكشف عن ساقين مرمریتین تستند إحداهما إلى جانب الأخرى، أما حذاؤك فأثار سنى الحصار بادية عليه، ولا يزال بغبار الطرق التي عبرناها معا.
زوجتي وهي تمارس عملها الروتيني في كل عودة لي من السفر، وقعت عيناها على هذه الصورة، فقامت القيامة؛ إذ أشعلت نيران غيرتها من دون الصور، فصورهن كثيرة؛ هذه شاعرة، وهذه قاصة، وهذه مخرجة، وهذه إعلامية، وهذه زوجة فلان، وهذه أخت فلان.. فقالت:
- ومن هذه؟
 ن
ـو
- صحفية.. أجرت معي لقاء.
- ما اسمها ؟
- جنان
عندما نطقت باسمك ارتعش لساني، ولعلها شعرت بتوتري ...
- يا عيني!!
وشتان شتان ما بين عيني) التي تقولينها وعيني) تهكم الزوجة الغيورة وانهالت على أسئلة تحقيقها :
- لماذا تضع عينيك في عينيها ؟!
- لماذا لديك معها أكثر من صورة ؟!
- لماذا ... ولماذا ..؟
ولها كل الحق في هجومها، فجمالكِ فجرها، خافت أن تكوني قد احتلت مكانها في القلب، ولكن أين لها أن تعلم أن روحك قد امتلكتني، فبقيت أيامًا مأخوذا بسحرك، وتعابيرك: عيني، قلبي، أسمعها قريبة فألتفت يمنة ويسرة، فلا أجد أحدا!
وعاودت زوجتي تحقيقها مجددًا، لأني دائم الحديث عنك بقصد أحيانًا، وبدون قصد أحيانًا أخر؛ كأن أناديها:
جنان
حاولت التستر عن ذلك بأنه إثارة لغيرتها فقط هو أنا ناقص؟! قلت لها : إنك مثقفة وراقية، وعرضت عليها أن تتعرف عليك، وتحديتها بأنها ستعجب بك مثلي تماما، فكان اتصالنا بك ليلتها، وليلة مغول العصر يمطرونكم بوابل من القنابل والصواريخ كانت تبكي بشدة، وتقول:
- زعمه وین جنان؟
في الوقت نفسه كان قلبي يعتصره هذا السؤال.

وتجربة تركية عبدالحفيظ الواسعة تحتاج لتأمل وقراءة، فبعد إعادة طبع همس القوارير، والتي صدرت طبعتها الأولى في 2003، وطبعتها الثانية في 2005، سنقابل سيلا إبداعيا جديدا لها يترافق مع أعمالها في الشأن الاجتماعي، وهي كثيرة ومتشعبة خاصة في إطار مركزها البحثي «أطوار»، وكذلك «درجات». هكذا تقول الكاتبة الصحفية ولاء أبو ستيت، عن الكاتبة الليبية المتميزة.

«على هامش الهمس» هو الكتاب الثاني ويضم مقالات ودراسات بأقلام أسماء كثيرة تقدم للعمل، ومن ليبيا يأتي الدكتور علي فهمي خشيم والدكتور زياد علي، خليفة حسين مصطفى كامل عراب محمد بشير السوكني، عبد الحكيم المالكي، رزان نعيم المغربي، طاهر بن طاهر حمد المسماري، شريفة القيادي، أحمد نصر نادرة العويتي، جلال عثمان، عايدة الكبتي»، إضافة إلى «ابتسام التريسي، عبد الجليل غزالة، ساسي حمام»، وحوار أخبار الأدب الذي أجراه الأستاذ حسن عبد الموجود.

 

معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025

ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.


ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحه للكتب المخفضة.


ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».


وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.


ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.


ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السايقة الـ55 4,785,539 زائر.
انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر، ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.

الاكثر قراءة