مع تكرار تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية حول تهجير الفلسطينيين، تبرز أهمية الموقف المصري الرافض لهذا الطرح جملةً وتفصيلًا، إدراكًا لأن حدوث ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية، دون حصول أبناء هذا الشعب العربي على حقوقهم.
وفي هذا السياق، أكد الخبراء أن استمرار الموقف المصري الرافض لأي طرح يتصل بتهجير الفلسطينيين؛ يعني الحفاظ على قضية هذا الشعب من الضياع جراء تصفيتها عبر بوابة التهجير.
وشدد الخبراء على أهمية أن تدعم مصر موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم من خلال علاقاتها الإستراتيجية مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة.
موقف مصر ثابت ولا يتغير
وفي هذا الإطار، شددت الدكتورة هبة جمال الدين، أستاذة العلوم السياسية، على أهمية الدور المصري الرافض لتهجير أهالي قطاع غزة، حيث أوضحت أن مصر تعتبر "رمانة الميزان" سواء في المنطقة أو في هذا الصراع.
وأوضحت الدكتورة هبة، في حديثها لـ "دار الهلال"، أن مصر أيضًا هي ميزان التوازن الإستراتيجي فيما يتعلق بالقوة العسكرية مقارنةً بإسرائيل المدعومة أمريكيًا، وذلك وفقًا لترتيب الجيوش على مستوى العالم.
وفي غضون ذلك، أكدت أستاذة العلوم السياسية، أن موقف مصر ثابت ولا يتغير من القضية الفلسطينية، الموقف المصري لا يدافع فقط عن القضية الفلسطينية، بل يدافع أيضًا عن التراب الوطني.
وأضافت أن "صلب المشكلة يكمن في أن المخططات بدأت تظهر بقوة خلال هذه الفترة بهدف التغيير الجذري للمنطقة ككل وتغيير الخريطة السياسية،
وكشفت الدكتورة هبة جمال الدين، أن مصر تمتلك الكثير من الأوراق التي تستطيع من خلالها التصدي لمخطط التهجير، وتبذل قصارى جهدها لوقف أي مخططات للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية وهو ما أكدته مصر عبر بيانات وزارة الخارجية.
مصر تنبأت لـ فكرة التصفية
من جهته، أكد الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، أن موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين واضح، وجرى التأكيد عليه في أكثر من مناسبة، ودائمًا ما تؤكد ذلك.
وأضاف "البرديسي"، في حديثه لـ"دار الهلال"، أن مصر متنبئة منذ البداية بفكرة التصفية وفكرة تهجير الفلسطينيين، حيث وقفت بكل حزم وقوة منذ مؤتمر قمة القاهرة للسلام قبل 15 شهرًا، وفي كل المناسبات والمحافل تؤكد ذلك.
وأوضح أن مصر تؤكد هذا الموقف، وهذا الثبات، لأنها بذلك تحافظ على الهوية الفلسطينية وعدم تصفية القضية، كما تحافظ على التراب الوطني المصري والأمن القومي المصري والأمن القومي العربي بشكل عام.
أما بالنسبة للأوراق المصرية القادرة على مواجهة هذا الطرح، فيقول خبير العلاقات الدولية، أنها كثيرة ومتعددة، حيث إن مصر دولة قوية، ولها جيش قوي، وقوة بشرية تتجاوز 110 ملايين، وموقع جغرافي شديد التميز، وعمق تاريخي وثقل حضاري، وسلاح متنوع، وتدريب وتطوير القدرات العسكرية، لأن فكرة الحفاظ على السلام تستدعي أن تكون مستعدًا للحرب دائمًا، كما هو معروف.
وتابع:" أوراق مصر كثيرة ومتعددة، وتشمل الإستراتيجيات مع الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصين، وإندونيسيا، وروسيا، ومع جميع الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة"، موضحًا أن هذه العلاقات الإستراتيجية تمثل قوة كبيرة، بما يعزز مكانتها كركيزة للاستقرار، بما في ذلك اتفاق السلام عام 1979 أحد أهم دعائم ومرتكزات استقرار هذه المنطقة.
مصر تحافظ على القضية الفلسطينية
بدوره، قال الدكتور محمد اليمني، خبير العلاقات الدولية، إن قرار مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين؛ يعني الحفاظ على القضية الفلسطينية من التصفية على يد الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح اليمني في حديثه لـ "دار الهلال" أن مصر تعمل في ذلك وفق ما يحافظ على الأمن القومي العربي الذي هو جزء لا يتجزأ من أمنها القومي.
وأضاف أنه فيما يتعلق بهذا الإطار، فإن هناك خطوط حمراء لدى مصر ترفض تمامًا تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ولا يمكن أن تُثنيها أي تهديدات أو استفزازات.
وشدد خبير العلاقات الدولية، على أن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية ليس وليد اللحظة، بل إنه يمتد على مدار سنوات عديدة، حيث تتوسط بين الجانبين وتمارس ضغوطها في إطار دعم حقوق الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن هناك العديد من الأوراق بيد الدولة المصرية، التي تستطيع من خلالها مواجهة تهجير الفلسطينيين، ورغم ذلك، فإن مصر تتمسك بالحفاظ على علاقتها الجيدة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك العلاقة الإستراتيجية الجيدة بين رئيسي البلدين.
وفي ذات الإطار، يؤكد اليمني على أهمية الموقف العربي الموحد في مواجهة تهجير الفلسطينيين، موضحًا أنه حتى يكون هذا الموقف مثمرًا على أرض الميدان، لا بد أن يستثمر في هذا التوقيت بالوقوف صفا واحدا، في ظل ما يطرح من خطط وأطروحات مرفوضة من قبل مصر والشعب الفلسطيني ذاته.
ويؤكد اليمني في ختام حديثه ضرورة أن يقابل التهديدات الراهنة والخطيرة المحيطة بالقضية الفلسطينية بموقف موحد من قبل الدول العربية جميعها، التي ليست في معزل عما يحدث، بدليل تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إقامة دولة فلسطينية على أرض المملكة العربية السعودية.