ذكرت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشف عن رغبته علناً في استغلال كنوز المعادن بأوكرانيا، في أعقاب عرضه الشفوي الذي أطلقه لشراء جزيرة "جرينلاند"، التي تشتهر أيضاً باحتوائها على كميات كبيرة من المعادن الحيوية.
كما طالب الرئيس الأمريكي، كييف بـ"المعادن مقابل المساعدات"، على أمل استفادة الولايات المتحدة من ثروات المعادن النادرة التي تمتلكها أوكرانيا.
لكن في المقابل رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المقترح، مصراً على أن الصفقات بشأن الموارد ينبغي أن ترتبط بصفة رئيسية بضمانات أمن أمريكية لمرحلة ما بعد انتهاء الصراع العسكري، وذلك حسب أربعة مصادر قريبة الصلة من المفاوضات.
كما أن زيلينسكي يميل إلى مشاركة الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى مثل المملكة المتحدة وكندا في الاستغلال المستقبلي للموارد الطبيعي في بلاده.
وتتسابق الدول الغربية لتأمين مصادر بديلة من معادن الأرض النادرة التي تهيمن الصين على سلاسل إمداداتها عالمياً.
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى تقديرات أعلنتها أوكرانيا بأن لديها في باطن أراضيها احتياطيات هائلة من المعادن الحيوية بقيمة تصل إلى 11.5 تريليون دولار، بما فيها الليثيوم، والجرافيت، والكوبالت، والتيتانيوم، إضافة إلى معادن الأرض النادرة كالجاليوم، ذلك المعدن فائق الحيوية للعديد من الصناعات الاستراتيجية والمتطورة بدءاً من الدفاع وصولاً إلى السيارات الكهربائية.
وذكرت الصحيفة أن تلك الاحتياطيات المعدنية الحيوية والنادرة، غير الشائعة في أوروبا، لم تشهد أي عمليات استكشاف أو تطوير؛ وهي العملية التي تستغرق سنوات في حالة استقرار البيئات التشريعية، مشيرة إلى أن هناك شحاً في البيانات حول عناصر الجودة وحجم الاحتياطات المتوافرة، وهي المعلومات التي يحتاج إليها المستثمرون قبيل ضخ ملايين الدولارات داخل مشروعات مناجم جديدة.
واستطردت ثروات المعادن الحيوية والنادرة في باطن الأراضي الأوكرانية، ونقلت عن مسئولين أوكرانيين أن بلادهم تتمتع باحتياطيات مثبتة من المعادن الحيوية وعلى رأسها "الزركونيوم" الذي يستخدم في محركات الطائرات، "السكانديوم"، وكلاهما لم يتم استخراجها من المناجم بعد. وهناك بعض الاحتياطيات من "التانتاليوم"، الذي يستخدم في تصنيع الرقائق الإلكترونية، و"النيوبيوم"، الذي يتمتع بخصائص توصيل فائقة، علاوة على معدن قطاع الفضاء والطيران "البيرليوم"، الذي يستخرج عالمياً بكميات طفيفة، غير أن إمكانات أوكرانيا المرتقبة في هذا المعدن واسعة النطاق، على حد قولهم.
وقال مسئولون أوكرانيون أن بلادهم لديها أكثر من 10 في المائة من الاحتياطيات العالمية من "التيتانيوم"، الذي يستخدم في الصواريخ، والطائرات، والسفن، مشيرين إلى أن 10 في المائة فقط من احتياطيات البلاد تم تطويرها حتى الآن.
واعتبر رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميال -، في تصريحات أدلى بها مطلع الشهر الجاري - أن بلاده يمكنها أن تعوض واردات "التيتانيوم" الروسية التي تستوردها أوروبا.
بيد أن المدير السابق لمركز المسح الجيولوجي الأوكراني، رومان أوبيماخ، قال - الأسبوع الماضي - "ليس هناك تقديرات حديثة" لاحتياطيات المعادن النادرة في أوكرانيا، وأن التقديرات تستند إلى دراسات تعود إلى الحقبة السوفييتية.
ويعلق مدير بـ"مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في الولايات المتحدة، جراسلين براسكران، على الأمر؛ قائلاً إن الجدل تصاعد حول المعادن واتخذ "بعداً سياسياً ثقيلاً... (رغم أن) البيانات غير محدثة، ولدينا النذر القليل من المعلومات عما يتوافر هناك."
وذكر المركز الجيولوجي الأوكراني أن الحكومة أعدت حوالي 100 موقع للتراخيص المشتركة والتطوير، لكن لم تفصح إلا عن القليل من البيانات في هذا الصدد.
وحسب تقديرات كييف، فإن الموارد المعدنية الأوكرانية تنتشر في أرجاء أوكرانيا، لكن منذ الحرب الروسية واسعة النطاق، فإن حوالي 20 %من تلك الاحتياطيات تقع في مناطق تحت سيطرة الروس.
ونقلت الصحيفة عن رئيس شركة "كريتيكال ميتالز كورب" الأسترالية، توني ساج، قول إن شركته اشترت تراخيص لاستغلال منطقتين من المناطق الغنية باحتياطيات "الليثيوم" في أواخر عام 2021، قبل ثلاثة أشهر من بدء الهجوم الروسي على البلاد، وإحدى تلك المنطقتين في شيفشينكو الواقعة شرق البلاد، التي وقعت تحت سيطرة الروس.
وقال ساج، "لقد ضاعت (التراخيص). ولن نحصل على ذلك مرة أخرى، مضيفاً أن موقع منجم "ديبورا" في الغرب يبقى بمنزلة "درة التاج".
ويتابع ساج، الذي لدى شركته رخصة منجم في جرينلاند، أنه "متحمس للغاية" بشأن بدء ترامب للمباحثات الأمريكية- الروسية. قائلاً "بالنسبة لشركتنا، سيكون الأمر رائعاً إذا كان هناك قرار في هذا الشأن."
وتساءلت الصحيفة البريطانية "لكن ماذ تريد الولايات المتحدة؟، مستشهدة بتصريحات ترامب الأسبوع الماضي حين قال إن الولايات المتحدة تستحق ما يعادل 500 مليار دولار من الموارد الأوكرانية - بدءاُ من احتياطيات المعادن والنفط والغاز وصولاً البنية التحتية مثل الموانئ - في مقابل المساعدات العسكرية السابقة التي قدمتها للدفاع عن أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أن ذلك يزيد بصورة كبيرة عن إجمالي ما أعلنته إحصاءات وزارة الخارجية الأمريكية عن إجمالي المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن لأوكرانيا وبلغت 69.2 مليار دولار منذ عام 2014.