يعد ميشيل دي مونتين، أحد أبرز الكتّاب الفرنسيين وأكثرهم تأثيرًا في عصر النهضة، ورائد فن المقالة الحديثة في أوروباؤ اشتهر بحكمه ومقولاته التي كانت انعكاسًا لتقليد عصره في اقتباس الأمثال وصياغتها بأسلوب مسجوع، متأثرًا بالفكر الكلاسيكي، خاصة كتابات أرسطو.
ألّف مونتين مقالاته الشهيرة التي نُشرت في ثلاثة مجلدات، وكان شغوفًا بدراسة الأدب اليوناني واللاتيني القديم، كما تأثر بفكرة محاكاة أبطال اليونان وروما، وهو ما انعكس على العديد من شخصيات عصره، ولم تقتصر حياته على الكتابة فقط، بل كان أيضًا جزءًا من حاشية الملك شارل التاسع لفترة طويلة.
ومن أشهر مقولاته:
-“حتى ولو كانت الحقيقة التي أقولها ليست بقدر ما أود قوله، لكنها -بلا شك- بحجم جرأتي التي تزداد يومًا بعد يوم كلّما تقّدمت في العمر”.
-“أعِر نفسك للناس، لكن إعط نفسك لنفسك”.
-“قد نكون عارفين في معرفة الآخرين، ولكن لا نستطيع أن نكون حكماء في حكمة الآخرين”.
-“لا يوجد نقاش أكثر مللًا من النقاش الذي يتفق فيه الجميع في الرأي”.
وكانت كتاباته الأولى خلاصة لفترةٍ من العزلة فرضها على نفسه ليعيش حياة يغلب عليها الهدوء وتخصّبها القراءة، وكانت هذه الخلاصة انعكاسًا لعدة عوامل أثرت في هذه التجربة الذاتية لمونتينن كثقافته، وعزلته، وتأملاته، وعنايته بالأدب، وعنايته بمشكلات عصره الفكرية والاجتماعية، فتداخلت هذه العوامل، وظهر انعكاسها عندما بدأ مونتين الكتابة عام 1571.
ومرّت كتابات مونتين بمراحل تأثر فيها ببعض التيارات الأدبية إلى أن وصل إلى مرحلة التطور التي أبدع فيها هذا الفن الجديد من الكتابة، أي فن المقالة، فكان له فضل الريادة فيه، حيث كانت سنة 1580 هي سنة ميلاد المقالة على يد مونتين بعد قرابة 10سنوات.
وكان قد جمع ما كتب في هذه السنوات (94 مقالة)، ونشرها في جزأين تحت عنوان “محاولات”، وكان في هذه المحاولات مغلّبًا للعنصر الشخصي على العناصر التي ترفده من قراءاته المختلفة، وكانت حديثًا عن تجاربه الخاصة مدعمًا ببعض الأقوال المأثورة والحكم.