تحاول إسرائيل، في إطار المباحثات الحالية حول مصير اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تمديد المرحلة الأولى منه التي انتهت، حيث لا تزال تتمسك بمطلب عدم إنهاء الحرب، وعلى هذا الأساس، أرسلت وفدها إلى العاصمة القطرية، الدوحة، لكن مصادر رجحت أن ينقلب الوضع رأسًا على عقب، إذ تعارض ذلك مع رغبة الولايات المتحدة، التي تُعتبر أحد الوسطاء.
وفد إسرائيلي إلى الدوحة
أرسلت إسرائيل وفد تفاوض إلى العاصمة القطرية، الدوحة، غير مخول بإنهاء الحرب التي تشنها ضد قطاع غزة، بل سيعمل على تمديد وقف إطلاق النار، والمرحلة الأولى من الاتفاق، وليس إنهاء الحرب، بحسب هيئة البث الإسرائيلية، التي أكدت أن بلادها ترفض في الوقت الراهن الحديث عن وقف الحرب.
غير أن الهيئة قالت إنه مع مشاركة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف -المتوقعة- فإن هذا الوضع قد يتغير، خاصة أن الإدارة الأمريكية ألمحت إلى أنها تريد أن تمضي الأمور بشكل أسرع.
وفي غضون ذلك، أكد موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مصدرين، أن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف سيتوجه، مساء اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة القطرية للانضمام إلى المفاوضات.
وبحسب ما أورده الموقع، فإن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط أعرب عن استعداده للبقاء في المنطقة ثلاثة أو أربعة أيام للتوصل إلى اتفاق إذا وصلت المفاوضات مرحلة جدية.
وزعم "أكسيوس"، أن المبعوث الأمريكي لن يلتقي مسؤولي حركة حماس، إلا إذا قدمت ما أسماه بـ"تنازلات ملموسة".
وفي الإطار ذاته، زعمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن المفاوضات بدأت بالفعل، مساء الاثنين، مع الوسطاء بالدوحة، بينما من المتوقع أن تستمر لنحو يومين.
وأظهر جدول الأعمال في الدوحة "مخطط ويتكوف" الذي تم توجيه الفريق الإسرائيلي للتركيز عليه، وفقًا للصحيفة العبرية، التي أشارت إلى أنه يقوم على أن الجانبين لا يتفقان على المرحلة الثانية.
وهكذا سيتم تمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 40 يومًا، بما في ذلك شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، عوضًا عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، طبقًا للمصدر ذاته.
ويتسق ذلك مع المقترح الذي قدمته إسرائيل، مطلع الأسبوع الماضي، وزعمت أنه مقدم من "ويتكوف"، والذي قالت إنه يمنحها الحق في استئناف القتال في غزة بعد 42 يومًا، إذا رأت أن المفاوضات لا تحرز تقدمًا.
وفي السياق ذلك، أكدت "يديعوت أحرنوت" عن مصادر سياسية إسرائيلية، أنه إذ جرى ملاحظة أن مقترح "ويتكوف" غير قابل للتنفيذ، ولم يتم التوصل إلى أي نوع من الاتفاق، فإن إسرائيل سترغب في محاولة تمديد المرحلة الأولى (أ) أو وضع خطة أخرى انطلاقًا من مخطط و"يتكوف" للوساطة.
وهذا قد يعني إطلاق سراح أسرى إسرائيليين في عدة دفعات إضافية كامتداد للمرحلة الأولى، كما أضاف المصدر ذاته، مشيرًا إلى أن هذا سيتطلب مناقشة عدد الأسرى الفلسطينيين، الذين سيطلق سراحهم مقابل كل أسير إسرائيلي، والجداول الزمنية، وغيرها من القضايا.
ومن جانبها، أكدت حركة حماس، الاثنين، أنها تعاملت بمرونة مع جهود الوسطاء والمبعوث الأمريكي، مشيرة إلى أنها تنتظر نتائج المفاوضات المرتقبة وإلزام الاحتلال بالاتفاق والذهاب للمرحلة الثانية.
وكشفت حركة حماس، أن المفاوضات التي جرت مع الوسطاء المصريين والقطريين ومبعوث ترامب ترتكز على إنهاء الحرب والانسحاب وإعادة الإعمار.
وشددت على أنها التزمت بشكل كامل في "المرحلة الأولى من الاتفاق"، لافتة إلى أن أولوياتها في الوقت الحالي ترتكز على إيواء فلسطينيي غزة وإغاثتهم وضمان وقف دائم لإطلاق النار.
غضب إسرائيلي
وسادت مشاعر خيبة الأمل في الأوساط الإسرائيلية بسبب المفاوضات المباشرة التي أجرتها الولايات المتحدة مع حركة حماس، حيث اعتُبرت هذه الخطوة تقليلًا من قدرتهم على استخدام التهديد بالحرب كوسيلة ضغط في المفاوضات.
وجرت هذه المحادثات "غير المسبوقة" بين المبعوث الأمريكي لشؤون المحتجزين، آدم بوهلر، ومسؤولين من حركة حماس في العاصمة القطرية، الدوحة.
وبينما أكدت الأوساط السياسية الأمريكية والإسرائيلية على أن "تل أبيب" كانت على علم بالاجتماعات بين "واشنطن" وحماس، أوضح المسؤولون الأمريكيون، أن إسرائيل حاولت عرقلة الاتصالات التي كانت تهدف إلى التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين في غزة، وفقًا لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ولفتت الصحيفة العبرية، إلى أن الوفد الأمريكي الذي زار قطر لم يُبلغ إسرائيل عن هذه المباحثات مسبقًا، بسبب فشل جولة سابقة.
وفي هذا السياق، أكد المسؤولون الأمريكيون، أن هناك بعض الجهات في الحكومة الإسرائيلية، التي تم تسميتها، لا تعارض فقط قناة الاتصال المباشرة مع حماس، بل تخشى كذلك من إمكانية تحقيق تقدم في الترتيبات المستقبلية لغزة دون أن تكون إسرائيل هي الوسيط الرئيسي.
ورغم الغضب الإسرائيلي السائد خلف الكواليس، قال مسؤولون إسرائيليون، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يملك ترف الخلاف مع إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وأضاف المسؤولون، في تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن أي خلاف مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، يهدد العلاقة مع مورد الأسلحة الرئيسي، فضلًا عن أنه يهدد الحفاظ على الائتلاف الحاكم.
واشتكى المسؤولون من أن الولايات المتحدة قدمت في المفاوضات عروضًا يتعين على إسرائيل دفع ثمنها، لا شخص آخر.
وفي الـ19 من يناير 2025، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل حيز التنفيذ، موقفًا حرب الإبادة الإسرائيلية التي أوقعت أكثر من 160 ألف بين شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وانتهت المرحلة الأولى من الاتفاق، التي كان من المفترض أن يتم خلالها التفاوض على المرحلة الثانية، غير أن إسرائيل تنصلت من ذلك، ليل يوم السبت الموافق الأول من مارس الحالي، بخروقات من الجانب الإسرائيلي قدرت بأكثر من 900 مرة.