واجه كل رسولٍ أرسله الله إلى الأرض العديد من المصاعب والتحديات أثناء تبليغ رسالته، لكن منَّ الله عليهم بمن يساندهم ويخفف عنهم أعباء الدعوة.
وكان لرسول الله محمد ﷺ نصيبٌ من هذه النعمة، إذ أحاط به عدد كبير من الصحابة الكرام الذين آمنوا به، ووقفوا بجانبه، وساهموا في نشر رسالة الإسلام والدفاع عنها.
والصحابة هم كل من آمن بالرسول ﷺ، ورآه، ومات على الإسلام، وقد لازمه بعضهم في أغلب مراحل حياته بعد البعثة، فكانوا عونًا له في تبليغ دعوته.
وخلال شهر رمضان المبارك، تأخذكم بوابة دار الهلال يوميًا في رحلة مع واحد من صحابة رسول الله ﷺ الذين بذلوا جهدهم لنصرة الإسلام وتقوية دعائمه، ونبدأ اليوم 1446هـ ، ونستعرض في جول مع الصحابة الكرام بـ«خالد بن الوليد».
هوالصحابي الجليل أبو سليمان خالد بن الوليد المخزومي القريشي، كان قائد عسكريا عظيما، لقبه الرسول بسيف الله المسلول، عرف عنه عبقريته الفذة في التخطيط العسكري، وهو يعد من أحد القادة المسلمين اذين لم يتم هزيمتهم طوال حياتهم في أي معركة.
كان لخالد بن الوليد دورا كبيرا في انتصار جيش قريش على جيش المسلمين في غزوة أحد قبل إسلامه، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق.
ولكن اعتنق خالد بن الوليد الإسلام بعد صلح الحديبية، وشارك في غزوات وحملات مختلفة في عهد الرسول محمد، أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة.
ومن أبرز خططه العسكرية التي خلدها التاريخ له في عهد رسول الله، هي خطته في عزوة مؤته والتي كان فيها لايزال جديد العهد فالاسلام خرج فيها جيش المسلمين ليواجه أكبر وأعظم الجيوش وهو جيش الروم، وفي هذه الغزوة لم يخرج الرسول معهم للقتال، وعين ثلاث لقيادة الجيش، وحمل لواء المسلمين فعين في البداية زيد بن حارثة وإن قتل فيمسك الراية جعفر بن أبي طالب، وإن قتل عبد الله بن رواحة، وإن قتل فاليختار الجيش أحد منكم ليصبح القائد.
وبالفعل كان جيش الروم عدده أكبر من جيش المسلمين بكثير، ولكن رغم مشاورات عديدة بينهم قررو القتال، وقتل خلال الحرب القادة الثلاث الذين قد عينهم رسول الله، فقرر الجيش اختيار خالد بن الوليد ليصبح القائد عليهم، صمد الجيش بقية اليوم، وفي المساء خطط خالد بن الوليد لنقل ميمنة جيشه إلى الميسرة، والميسرة إلى الميمنة، وجعل مقدمته موضع الساقة، والساقة موضع المقدمة، وأمر طائفة بأن تثير الغبار ويكثرون الجلبة خلف الجيش حتى الصباح، وبالفعل فوجئ جيش الروم والغساسنة بتغيّر الوجوه والأعلام عن تلك التي واجهوها بالأمس، إضافة إلى الجلبة، فظنوا أن مددًا قد جاء للمسلمين، وأمر خالد بالانسحاب ولكن خشي الروم أن يلاحقوهم، خوفًا من أن يكون الانسحاب ماهو إلا مكيدة من المسلمين.
وبذلك نجحت خطة خالد بن الوليد في أن يحفظ الجيش من إبادة شاملة، وبعد أن عاد إلى المدينة المنورة أثنى عليه الرسول ولقّبه بسيف الله المسلول.
وفي عام 638، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب من قيادة الجيوش لأنه خاف أن يفتتن الناس به، فصار خالد بن الوليد في جيش الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح وأحد مقدميه، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها.