شهد تاريخ الحضارة الإسلامية العديد من العلماء البارزين الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات معرفية متنوعة مثل: العلوم التطبيقية، الدينية، اللغوية، الفلسفية، الطبية، والاجتماعية، وقد أسس هؤلاء العلماء قواعد ومناهج علمية راسخة في أبرز العلوم التي استفاد منها الإنسان على مر العصور وحتى يومنا هذا.
وفي سلسلة خاصة تقدمها بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان المبارك، سنستعرض يوميا أحد هؤلاء العلماء المسلمين المبدعين ونلقي الضوء على إسهاماتهم العظيمة في مختلف ميادين المعرفة.
نبدأ في حلقتنا الأولى بالتعرف على أبرز علماء اللغة العربية والأدب، الذين قدموا أعمالاً قيمة أثرت هذا المجال وأسهمت في تقدمه.
ابن منظور
محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل جمال الدين "ابن منظور" الأنصاري الرويفعي الأفريقي (1232 م - 1311 م) (630 هـ - 711 هـ)، هو أديب ومؤرّخ وعالم في الفقه الإسلامي واللغة العربية، ومن أشهر مؤلفاته على الإطلاق كتاب "لسان العرب".
تتلمذ ابن منظور على يد عبد الرحمن بن الطفيل، ومرتضى بن حاتم، ويوسف المخيلي، وأبي الحسن علي بن المقير البغدادي، والعالم الصابوني، وخدم في ديوان الإنشاء بالقاهرة، ثم ولي القضاء في طرابلس، وأصيب بالعمى في آواخر سنوات حياته.
عمل ابن منظور على اختصار وتلخيص عدد كبير من كتب الأدب المطولة، وأشهر أعماله وأكبرها هو لسان العرب، عشرون مجلداً، جمع فيها أمهات كتب اللغة، فكاد يغني عنها جميعاً، الذي قال عنه البعلبكي: يُعتبر لسان العرب أشهر المعاجم العربية غيرَ مُنازَع، لضخامة مادته، ولاشتماله على مجموعة كبيرة من الشواهد الصحيحة التي استقاها من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ومن أمثال العرب وأشعارها ، وانتهى ابن منظور من تأليفه في سنة 690 هـ.
يضُمّ كتاب لسان العرب أكثر من 80 ألف مادّة وهو بذلك أوسع المَعَاجم على الإطلاق، ويهتم ابن منظور في كتابه بغريب اللغة والأحاديث والآثار ، وتفسير القرآن أيضًا، ويهتم بمسائل النحو والصرف، ومسائل العَروض ، وَقد عُني بالكتاب الكثيرُ من العُلماء عَلى مرّ العُصور، واستفاد منه المتعلمون والعلماء جميعًا.
ومن أهم مؤلفات ابن منظور بجانب لسان العرب: مختار الأغاني، وهو مختصر كتاب الأغاني للأصفهاني، ومختصر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي في عشرة مجلدات، ومختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر مفردات ابن البيطار، ومختصر العقد الفريد لابن عبد ربه، وأخبار أبي نواس، وغيرها..