شهد تاريخ الحضارة الإسلامية العديد من العلماء البارزين الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات معرفية متنوعة مثل: العلوم التطبيقية، الدينية، اللغوية، الفلسفية، الطبية، والاجتماعية، وقد أسس هؤلاء العلماء قواعد ومناهج علمية راسخة في أبرز العلوم التي استفاد منها الإنسان على مر العصور وحتى يومنا هذا.
وفي سلسلة خاصة تقدمها بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان المبارك، سنستعرض يوميا أحد هؤلاء العلماء المسلمين المبدعين ونلقي الضوء على إسهاماتهم العظيمة في مختلف ميادين المعرفة.
نبدأ في حلقتنا الأولى بالتعرف على أبرز علماء اللغة العربية والأدب، الذين قدموا أعمالاً قيمة أثرت هذا المجال وأسهمت في تقدمه.
سيبويه
عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، يُكنى أبو بشر، ويُلقب بـ "سيبويه" ومعنى اسم سيبويه (رائحة التفاح)، (148 هـ - 180 هـ / 765 - 796م)، عرف عنه أنه إمام النحاة، وأول من بسّط علم النحو، حيث تعلم النحو والأدب عن الخليل بن أحمد الفراهيدي، ويونس بن حبيب، وغيرهم...
ومن أهم مؤلفاته كتابه الذي يحمل اسمه (كتاب سيبويه) والذي قام بتأليفه في القرن الثاني للهجرة، وسمي هكذا نظرًا لأنه تركه دون أن يعنونه، ولا نعرف السبب تاريخيًّا لأنه في هذا الوقت كان العلماء من قبله ومن بعده يضعون لمؤلفاتهم عناوين، ويقول البعض أن عدم وضع عنوان لكتابه يرجع أن الموت خطفه شابًّا فلم يتمكن من معاودة النظر فيه واستتمامه، وقد سماه الناس قديمًا (قرآن النحو)، ويعتبر هذا الكتاب أول كتاب منهجي ينسق قواعد اللغة العربية ويدونها.
وقال الجاحظ عن كتاب سيبويه: أنه «لم يكتب الناس في النحو كتاباً مثله»، وقال عنه السيرافي: وكان كتاب سيبويه لشهرته وفضله علَمًا عند النحويين، «فكان يقال بالبصرة، قرأ فلان الكتاب، فيُعلَم أنه كتاب سيبويه»، وقال الجرمي: «أنا منذ ثلاثين سنة أفتي الناس في الفقه من كتاب سيبويه».
ونظرًا لأن سبيويه مات في ريعان شبابه لم يكن له تلاميذ كثيرون، ولكن من أبرز من تتلمذوا على يديه ونَجَم عنه من أصحابه: أبو الحسن الأخفش، وقُطْرب ويقال: إنه إنما سمِّي قطربًا لأن سيبويه كان يخرج فيراه بالأسحار على بابه، فيقول له: إنما أنت قطرب ليل، والقُطْرب: دويبة لا تزال تدبُّ، ولا تفتر.