أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أنه رغم المخاطر والتحديات التي تواجه الموارد المائية المصرية فإن هناك العديد من الفرص التي تعمل الدولة حاليًا على استثمارها وتحقيق أقصى استفادة منها.
جاء ذلك في التقرير المعلوماتي، الذي أصدره المركز بعنوان "إدارة الموارد المائية في ظل التغيرات المناخية".
وأوضح المركز، أنه من تلك الفرص، تنويع مصادر المياه غير التقليدية، مشيرا إلى أن هناك فرصا كامنة في تعدد سبل إنتاج المياه العذبة من الطرق غير التقليدية، لتستخدم بشكل عام في الزراعة من خلال عمليات متخصصة، ويشمل ذلك تحلية المياه الجوفية قليلة الملوحة أو مياه البحر وطبقات المياه الجوفية غير المتجددة، ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصحي.
الجدير بالذكر أن مصر تشارك في أكبر طبقة مياه جوفية "أحفورية" معروفة في العالم وهي طبقات المياه الجوفية من الحجر الرملي النوبي الممتد على مساحة تزيد على مليوني كيلومتر عبر "السودان وتشاد وليبيا ومصر"، وفي الجزء الجنوبي الغربي من مصر يستخدم مشروع تطوير شرق العوينات نظام الري المحوري المركزي لاستخراج المياه الأحفورية من أجل تنمية زراعية واسعة النطاق.
ولفت إلى الاهتمام بتوفير البنية التحتية للموارد المائية، فقد بلغ إجمالي الاستثمارات العامة المنفذة في قطاعي المياه والصرف الصحي 86.6 مليار جنيه خلال عام 2022/ 2023 مقابل 13.5 مليار جنيه عام 20142/ 2015، بما يشير إلى الاهتمام الذي أولته الدولة لتطوير وتأهيل البنية التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي، وبلغ إجمالي تكلفة المشروعات المنفذة 261 مليار جنيه خلال الفترة (2014- 2023) في قطاع الموارد المائية والري بنحو 2353 مشروعًا سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي، كما استحوذ قطاع المياه والصرف الصحي على الحصة الكبرى من إجمالي الاستثمارات الكلية المستهدفة لقطاع التنمية العمرانية في خطة العام المالي 2023/ 2024 بنسبة 43.8% (119.3 مليار جنيه).
وأشار إلى التعاون الدولي لدعم قضايا المياه ودمجها بملف المناخ العالمي، ففي ظل السعي لأن يصبح العالم أكثر أمنًا مائيًا وغذائيًا وأكثر مقاومة للتغير المناخي زاد التعاون الدولي في مجال التمويل والدعم الفني والتقني لمشروعات الموارد المائية، وهو ما مثل فرصة سعت الدولة المصرية لحسن استثمارها، حيث نجحت مصر بالتعاون مع العديد من الشركاء الدوليين في حشد الاهتمام الدولي بقضايا المياه وإبراز علاقة المياه والمناخ خلال فعاليات مؤتمر المناخ "COP27" في نوفمبر 2022، من خلال وضع ملف المياه لأول مرة على رأس أجندة العمل المناخي العالمي بإطلاق مبادرة "العمل من أجل التكيف في قطاع المياه والقدرة على الصمود (AWARE)"، والتي تُعنى بتحديات المياه والمناخ على المستوى العالمي مع التركيز على الدول النامية.
وبين أنه وخلال الفترة من 2020 إلى 2023 أبرمت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي العديد من الاتفاقيات في مجال الإدارة المستدامة للموارد المائية والإسكان والصرف الصحي بلغت قيمتها 1.7 مليار دولار أمريكي، كما تتواصل الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بشكل مستمر مع العديد من المؤسسات الدولية والجهات المانحة لإتاحة التمويل اللازم كالبنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي لتنفيذ مشروعات مهمة وجذب استثمارات جديدة لتطوير قطاع مياه الشرب والصرف الصحي، بالإضافة إلى تقديم الدعم المؤسسي وذلك من خلال توقيع الاتفاقيات والبرامج الدولية مع العديد من الجهات المانحة.
ولفت إلى التعاون الإقليمي مع دول حوض النيل، ففي ظل المخاطر المشتركة التي فرضها التغير المناخي على دول حوض النيل سعت مصر إلى تنمية علاقاتها الثنائية مع مختلف دول حوض النيل وتوظيف خبراتها وإمكانياتها في دعم هذا التوجه من خلال تنفيذ مشروعات مائية تنموية كتأهيل المجاري المائية الرئيسة وحفر وتجهيز الآبار وإنشاء سدود وخزانات الأدوية وإنشاء المراسي والمواني النهرية ومراكز التنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية ومعامل لتحليل نوعية المياه وكذلك تأهيل محطات قياس المناسيب والتصرفات على المجاري المائية وروافدها وكذلك الدعم الفني عبر تدريب وبناء قدرات الكوادر الفنية والمهنية في مجال إدارة الموارد المائية والمساعدة في إعداد خطط مائية وطنية وتخطيط الموارد المائية المتكاملة والتدريب وبناء القدرات الإفريقية.
فعلى سبيل المثال، أطلقت مصر مبادرة "إنشاء بئر مياه نظيفة للمناطق المحرومة بدولة أوغندا" حيث تمكنت المبادرة من حفر 20 بئرًا جوفيًا بالجهود الذاتية الأوغندية، كما سعت مصر خلال رئاستها لمجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو) لتوحيد الرؤى والتنسيق مع كافة الدول الإفريقية للخروج برؤية إفريقية موحدة للمياه بعد عام 2025 وتحقيق أقصى قدر من أهداف التنمية المستدامة وتحقيق أجندة الاتحاد الإفريقية 2063.
وأوضح المركز أن أكثر من 3 مليارات شخص في كافة أنحاء العالم يعتمدون على المياه التي تعبر الحدود الوطنية، ومع ذلك فإن 24 دولة فقط لديها اتفاقيات تعاون لجميع مياهها المشتركة، مضيفاً أنه مع تزايد تأثيرات تغير المناخ ونمو السكان أصبح هناك حاجة ملحة داخل البلدان وفيما بينها للتوحد حول حماية مواردها، كما تعتمد الصحة العامة والازدهار وأنظمة الغذاء والطاقة والإنتاجية الاقتصادية والسلامة البيئية على دورة مياه تعمل بشكل جيد وتدار بشكل عادل.
وأكد أن تحسين إدارة الموارد المائية يلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على مجتمعات واقتصادات نابضة بالحياة وقادرة على الصمود، وتتزايد أهمية ذلك مع تغير المناخ والتلوث وزيادة الطلب على المياه، مضيفاً أن الإدارة المتكاملة للموارد المائية تحقق ثلاثة مبادئ وهي العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية والاستدامة البيئية.
وأشار المركز من خلاله إلى عدد من التحديات في هذا الصدد منها، النمو المتزايد للاحتياجات المائية، نتيجة الارتفاع المتزايد في تعداد السكان، والمتطلبات المائية لمشروعات التنمية الاقتصادية، حيث تعتبر المياه عنصرًا استراتيجيًا ومدخلًا أساسيًا ضمن المشروعات التي تشهد طفرة استثنائية حالية كالبناء والتشييد والمشروعات الزراعية والصناعية القومية، وكذلك مشروعات الطاقة والبنية الأساسية.
بجانب التغيرات المناخية التي تشكل تهديدًا لحق الإنسان في الحصول على المياه، وفي ظل وقوع مصر داخل منطقة جغرافية جافة أصبحت عرضة لتأثيرات التغير المناخي المائية على أكثر من مستوى، وارتفاع تكلفة استثمارات البنية التحتية للمياه، حيث تمثل تلبية الاحتياجات التمويلية العالمية للمياه تحديًا كبيرًا، وتشير التقديرات إلى أن البنية التحتية للمياه على مستوى العالم تتطلب مبالغ هائلة قد تصل إلى 6.7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، و22.6 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2050.
ونوه بأنه لا شك أن مصر كجزء من هذا العالم تعمل على توفير متطلبات تمويل استثمارات قطاع المياه، حيث إنه في ضوء جهود مصر للتحول الأخضر تم تحديد قائمة بالمشروعات ذات الأولوية في قطاع المياه وقد أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج "نوفي" لحشد آليات التمويل المختلفة والتمويلات المختلطة التي تحفز مشاركة القطاع الخاص لتنفيذ هذه المشروعات، وبوجه عام تتضمن المحفظة التنموية لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في هذا القطاع 43 مشروعًا بقيمة 4.9 مليار دولار أمريكي أي ما يعادل 19.6% من إجمالي المحفظة الجارية للتمويل التنموي الجاري، وخلال الفترة من 2020 وحتى 2023 أبرمت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي العديد من الاتفاقيات في مجال الإدارة المستدامة للموارد المائية والإسكان والصرف الصحي بلغت قيمتها 1.7 مليار دولار أمريكي.
وسلَّط تقرير مركز المعلومات الضوء على الجهود المصرية في إدارة الموارد المائية، حيث تلتزم مصر التزامًا راسخًا في إطار استراتيجيتها للتنمية المستدامة 2030 بتنمية وحماية مواردها المائية بما يضمن مرونتها وديناميكيتها، حيث جاءت المياه ضمن القطاعات ذات الأولية التي تغطيها الاستراتيجية الوطنية الشاملة للتغيرات المناخية لعام 2050، مستندة إلى محاور العمل المناخي الثلاثة (التخفيف، والتكيف، وتعزيز المرونة والصمود للتعامل مع الخسائر والأضرار المترتبة على تغير المناخ).
ونوه بأن الجهود المصرية في إدارة الموارد المائية تتضح في الإصلاح التشريعي.. قانون الموارد المائية والري الجديد، حيث جمع قانون الموارد المائية والري رقم 147 لسنة 2021 ولائحته التنفيذية كل الأحكام القانونية والقرارات المتعلقة بالموارد المائية والتي كانت تتعامل مع المياه بشكل منفصل وبالتالي تحققت درجة كبيرة من التنسيق بهدف تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المحدودة.
واستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2050، يأتي تدشين الاستراتيجية انطلاقًا من اعتبار الأمن المائي لمصر في الحاضر والمستقبل هو الهدف الاستراتيجي، وتشكل الاستراتيجية إطارًا عامًا لدعم متخذي القرار عند إعداد الخطط التفصيلية الخاصة لتحقيق إدارة المستدامة للموارد المائية وتهدف إلى تحقيق الأمن المائي من خلال أربعة محاور أساسية، تحسين نوعية المياه من خلال مجابهة تلوث الموارد المائية.
وتنمية الموارد المائية سواء التقليدية أو غير التقليدية فضلا عن ترشيد الاستخدامات المائية وتعظيم العائد من المياه في القطاعات المستهلكة لها، والتي تشمل الزراعة والصناعة ومياه الشرب، وخلق بيئة مواتية للتنمية المستدامة والإدارة المتكاملة للموارد المائية.
ولفت إلى الخطة القومية للموارد المائية 2050، فتتم وضع الخطة القومية للموارد المائية (2017- 2037) وذلك من أجل وضع خارطة الطريق لتنفيذ محاور استراتيجية الموارد المائية، والتي تم مدها حتى عام 2050 تماشيًا مع رؤية الدولة 2030، كما تم تطوير محاور ومستهدفات الخطة لتشتمل على الأبعاد الخاصة بالمياه غير التقليدية وخاصًة إعادة استخدام المياه والتحلية لتشمل المشروعات الحالية والمستقبلية، وكذلك تم تطوير وتحديث ومعايرة النماذج الرياضية المستخدمة في دعم إدارة وتخطيط الموارد المائية بقطاع التخطيط مثل نموذج محاكاة مياه أحواض الأنهار "RIBASIM" لتوزيع المياه في مصر، ونموذج القطاع الزراعي المصري "SME" ونظام المحاسبة المائية "Water Accounting".
وبين محاور العمل على إدارة المياه، فبذلت الدولة في السنوات الأخيرة جهودًا متضافرة لتعزيز استدامة المياه والحفاظ عليها.
واستعراض التقرير أبرز الجهود المبذولة لتحسين إدارة الموارد المائية المصرية، أولًا: تنمية الموارد المائية ومن أبرز الجهود في هذا الشأن حماية مياه النيل فقد تم تنفيذ العديد من المشروعات في إطار الحفاظ على نهر النيل وحماية جوانبه من النحر والتسرب.
وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي وتم تدشين عدد من المشروعات الكبرى لإعادة استخدام تلك المياه مثل مشروعات محطة الحمام وبحر البقر والمحسمة بالإسماعيلية، فضلا عن حصاد مياه الأمطار والسيول وتم إنشاء سدود وحواجز وقنوات صناعية وبحيرات وخزانات أرضية وأحواض وتم تنفيذ 268 عملًا صناعيًا خلال الفترة 2014- 2023 بمحافظات الصعيد وتنفيذ نحو 1359 عملًا صناعيًا بالمحافظات التي تتميز بارتفاع معدل هطول الأمطار كشمال وجنوب سيناء ومطروح.
بجانب رفع القيمة المضافة لمياه الآبار وقد لاقت المشروعات في هذا المجال اهتمامًا خاصًا، ومن أمثلة تلك المشروعات "تطوير منظومة الري والصرف الصحي بواحة سيوة" بتكلفة 3 مليارات جنيه).
ثانيًا ترشيد استخدامات المياه: وتشمل جهود الدولة المصرية تحسين البنية التحتية لنقل المياه والري والزراعة الذكية والاعتماد على المياه الافتراضية ومن أمثلة ما يتم في هذا الإطار، تجديد المنشآت المائية، وتطهير المصارف الزراعية، ويتم تنفيذ البرنامج القومي الثالث للصرف في مجال الصرف المغطى (2013- 2026) والذي يستهدف إنشاء وإحلال وتجديد شبكات الصرف المغطى في زمام 528 ألف فدان وتوسيع وتعميق المصارف المكشوفة والعامة وإحلال وتجديد بعض المنشآت الصناعية في زمام 110 آلاف فدان لرفع كفاءة شبكة المصارف العمومية.
فضلا عن تأهيل وتبطين الترع: وفي إطار هذا البرنامج يتم تأهيل الترع بمراكز المرحلة الأولى لمبادرة "حياة كريمة" بأطوال إجمالية تبلغ حوالي 4 آلاف كيلو متر وقد بلغت أطوال الترع التي تم إنهاء تأهيلها حوالي 3230 كيلو مترا حتى الأول من مايو 2024.
وأظهر تحسين كفاءة استخدام مياه الري، فارتفاع العائد المائي المتحقق من نظام الري بالتنقيط والبالغ نحو 2.5 كجم لكل متر مكعب مقارنًة بالري بالغمر والبالغ 1.7 كجم لكل متر مكعب في عام 2022، بجانب نشر ثقافة ترشيد استخدام المياه والحفاظ عليها.
ثالثًا تحسين نوعية المياه وتعد محورًا أساسيًا في إدارة المياه من خلال المتابعة الدورية والتفتيش على المنشآت التي لها صرف مباشر وغير مباشر على مسطحات المياه العذبة وتنفيذ برامج للرصد وتقييم نوعية مياه نهر النيل حيث تتضمن شبكة وزارة البيئة 69 موقع رصد على نهر النيل بالإضافة إلى ثلاث نقاط من بحيرة ناصر، بالإضافة إلى محطات شبكة الرصد اللحظي البالغة 22 محطة لرصد نوعية المياه بالمجاري ونوعية مياه الصرف الصناعي للمنشآت، واتصالًا مع ذلك شهد مجال تنقية مياه الشرب والصرف الصحي طفرة لتعظيم الاستفادة من كافة الموارد المائية المتاحة، حيث بلغ إجمالي كمية المياه النقية المنتجة للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي وهيئة قناة السويس وهيئة المجتمعات العمرانية نحو 11.3 مليار متر مكعب عام 2022/ 2023، وذلك نظرًا للطفرة في مشروعات محطات التنقية على مستوى الجمهورية، حيث تمت زيادة 16 محطة جديدة خلال عامين ليصل عددها إلى 2792 محطة تنقية عام (2022/ 2023) مقابل 2776 محطة عام (2020/ 2021).