تعتبر جريدة الوقائع المصرية أول جريدة رسمية باللغة العربية في مصر والشرق الأوسط، وقد صدر أول عدد منها في عهد محمد علي باشا، لكن الجذور الحقيقية لنشأة الصحافة في مصر ترجع إلى الحملة الفرنسية (1798-1801)، التي أدخلت المطبعة لأول مرة إلى البلاد ومهّدت لظهور الصحافة المكتوبة.
عندما دخل نابليون بونابرت مصر عام 1798، جلب معه مطبعة حديثة، وأنشأ المجمع العلمي المصري، أصدر الفرنسيون أول صحيفة في مصر بعنوان "كورييه دي ليجيبت" باللغة الفرنسية، وكانت موجهة للجنود والنخبة، رغم أنها لم تكن باللغة العربية، فإنها وضعت البذور الأولى لفكرة الصحافة الحديثة في البلاد.
صدرت جريدة الوقائع المصرية لأول مرة في 3 ديسمبر 1828، وكانت تُعرف بداية باسم "جورنال الخديوي"، أُطلقت باللغتين العربية والتركية العثمانية، حيث كان الهدف منها أن تكون وسيلة إعلامية تعكس رؤية محمد علي باشا، والي مصر، في نشر التعليم والترويج للإصلاحات التي تبناها خلال فترة حكمه، وأيضًا إلى نشر قرارات الحكومة والقوانين والأوامر الرسمية، مما جعلها أداة محورية في إيصال أخبار الدولة والتقارير الرسمية إلى المواطنين.
كما لعبت دورًا هامًا في دعم مشاريع التحديث والإصلاح التي تبناها محمد علي باشا، حيث ساهمت في تثقيف النخبة والمثقفين حول السياسات الحكومية، مما جعلها وسيلة فعالة لتعزيز الوعي العام حول توجهات الدولة.
وقد كانت الوقائع المصرية أول تجربة صحفية باللغة العربية في مصر، وشكّلت نموذجًا احتذت به الصحافة العربية لاحقًا، حيث جسدت العلاقة المتبادلة بين الدولة والصحافة، فكانت أداة لنقل المعلومات، والتوثيق الرسمي، والتفاعل مع الجمهور.
رغم أن الحملة الفرنسية لم تُصدر صحيفة عربية، فإنها أدخلت التكنولوجيا والمعرفة التي أسست لظهور أول جريدة رسمية عربية في مصر: الوقائع المصرية، هذه الجريدة لم تكن مجرد وسيلة إعلام، بل خطوة أساسية نحو بناء دولة حديثة تستخدم الكلمة المكتوبة أداة للإصلاح والتغيير.